جاء في “المركزية”:
إزاء الانسداد القاتل في الافق السياسي المحلي، والذي يفاقم الاوضاع اللبنانية الصعبة اقتصاديا ومعيشيا وصحيا، ويزيد وطأتها وقساوتها، ترفض بكركي الوقوف في موقع المتفرّج. فجاءت عظة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي امس عالية السقف. اذ طالب بـ”طرح قضية لبنان في مؤتمر دوليّ خاص برعاية الأمم المتّحدة يثبّت لبنان في أطره الدستوريّة الحديثة التي ترتكز على وحدة الكيان ونظام الحياد وتوفير ضمانات دائمة للوجود اللبناني تمنع التعدّي عليه، والمَسّ بشرعيّته، وتضع حدّاً لتعدّدية السلاح، وتعالج حالة غياب سلطة دستوريّة واضحة تحسم النزاعات، وتسدّ الثغرات الدستوريّة والإجرائيّة، تأميناً لاستقرار النظام، وتلافياً لتعطيل آلة الحكم أشهراً عند كلّ استحقاق لانتخاب رئيس للجمهوريّة لتشكيل حكومة”. فما رأي الحزب التقدمي الاشتراكي بموضوع “الحضانة الدولية”؟
عضو “اللقاء الديمقراطي” النائب بلال عبدالله، قال لـ”المركزية”: “في الفترة الاخيرة يتحدث البطريرك في الضمير الوطني، من موقع الحرص على لبنان واستمرارية هذا الكيان، محاولاً قدر الامكان رأب الصدع الموجود خاصة بين الرؤساء، ولكن يبدو انه وصل الى طريق مسدود بعد ان افشلوا مهمته اكثر من مرة، لهذا رفع السقف عاليا في هذا التوجه. وطرح سابقا الحياد الايجابي، كلنا مع إبعاد لبنان عن صراعات المنطقة ولدينا توافق داخلي بالعداء مع اسرائيل ولكن ليس هناك أي اتفاق للالتحاق بهذا المحور او ذاك، اكان ايرانيا ام غير ايراني”.
أضاف: “من هنا فإن موضوع تدويل الازمة يحتاج الى نقاش، ولنضع الامور وفق الاولويات، الاولوية الاساسية في لبنان هي الحكومة والوضع الاجتماعي والمالي والاقتصادي. لكن تدويل الازمة وان كان مطلبا محقا بسبب تعثر كل المحاولات الداخلية، يمكننا ان نعرف اين يبدأ لكننا لا نعرف كيف ينتهي. خاصة وان ثبت بالتجربة، تجربة شعوب المنطقة والتجربة اللبنانية، ان القوى الاساسية المعنية بالصراعات الدولية والمؤثرة، لن تغلب مصلحة لبنان على مصالحها. لهذا نحن لا نعرف موقعنا بالجغرافيا والتاريخ وفي لعبة المصالح بين الدول. رأينا تجربة الشعب السوري كيف ذُبِح، وفشلت كل محاولات إنقاذه، بالعكس كان هناك غض نظر دولي على مأساة هذا الشعب وتم اجهاض الحركة الوطنية السورية التغييرية، استُجلِب الى سوريا كل ما يسمى قوى تكفيرية وتطرف من كل ارجاء العالم، من اوروبا وروسيا وكل العالم العربي، جمعوهم في سوريا واستبدلوا من خلالهم الثورة الحقيقية للشعب السوري واُجهِض كل منحى تغييري في سوريا، وهذا النظام موجود وللاسف نرى في الوقت الحاضر مأساة الشعب السوري المهاجر وحتى المقيم. لذلك، نحيي جرأة وشجاعة البطريرك الراعي، ونعرف مدى معاناته وحرصه على الكيان والصيغة اللبنانية، خاصة في ظل الدعوات التي صدرت لعقد مؤتمر تأسيسي، من النائب جبران باسيل. ومؤتمر تأسيسي في ظل موازين قوى كالموجودة نعرف الى اين يؤدي، يأخذ البلد الى اماكن ومعادلات اخرى. فهؤلاء الذين يدّعون الحرص على المسيحيين والتمثيل المسيحي اتصور، اذا استمروا بهذا الاداء والتعنت والمكابرة، سيكونون مشاركين في إنهاء هذا الدور كلياً في هذا الشرق، الذي نتمسك به منذ ان ارسينا مصالحة الجبل”.
وتابع: “لذلك، هذا الموضوع يحتاج الى نقاش وتحليل الوضع الدولي اليوم، خاصة مع الادارة الاميركية الجديدة، كيف سيكون مسار الامور اقليميا، خاصة واننا اليوم ما زلنا في إطار دراسة الوضع الداخلي، بمعنى اعادة صياغة السلطة في لبنان ليست عملية سهلة في ظل وجود حزب الله وقوته وسلاحه. رأينا ما يحصل في اليمن والعراق وليبيا، لذلك، مع الاشادة بحرص سيدنا البطريرك وصرخته والسقف العالي الذي وضعه في هذا الموضوع والحفاظ على الكيان اللبناني، لكن اعتقد ان الاولوية هي ان تستمر كل الجهود، خاصة جهوده ومحاولة تشكيل اكبر قدر ممكن من الضغط الدولي باتجاه تشكيل حكومة انقاذية، لأن اذا دخلنا في التدويل، في هذا الظرف الاقتصادي والاجتماعي المتدهور، فما الذي يريده الشعب اللبناني. ما الذي يهم الشعب من المعادلة السياسية اكثر من قوته وصحته وجوعه ومستقبل اولاده ومدرسته وجامعته وعدم هجرة ابنائه. هذا الاساس، لذلك، هذا الطرح قد يكون ضروريا لكنه يحتاج الى نقاش من اجل عدم الدخول في خطوة باتجاه المجهول، لأن من خلال التجربة، ليس لدينا ثقة. تجاربنا السابقة مع المجتمع الدولي وان كنا نريد ان يبقى لبنان منفتحاً على المجتمع الدولي، تقول ان الدول الكبرى تُغلّب مصالحها على حساب الشعوب الضعيفة والصغيرة مثلنا. فلا نعرف ما الذي سيحصل غدا، وهل ستُحل مشكلتهم مع ايران على حساب لبنان او تحل مشكلتهم مع اي دولة اخرى ايضا على حساب لبنان، او يغلبون امن اسرائيل ونفط وغاز اسرائيل على حساب الوضع اللبناني؟ الامر يحتاج الى نقاش في العمق”.