جاء في “نداء الوطن”:
يسعى رئيس الجمهورية إلى فرض آلية عمل رئاسية ومجلسية وحكومية تتعايش مع عدم وجود حكومة أصيلة، ربطاً للنزاع مع الرئيس المكلف سعد الحريري بما يفرض أمراً واقعاً يضع عملياً تكليفه “على الرف”. ومن هذا المنطلق يحاول عون الضغط باتجاه تفعيل عمل حكومة تصريف الأعمال، لكنّ اندفاعة القصر الجمهوري في هذا الاتجاه تصطدم بحالة من “التمرّد” في السراي الحكومي، حيث لا يبدي الرئيس حسان دياب أي تجاوب مع رغبة عون في دعوة مجلس الوزراء للانعقاد لإقرار مشروع موازنة العام 2021.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر رفيعة لـ”نداء الوطن” أنّ رئيس الجمهورية أجرى اتصالاً هاتفياً بدياب يسأله فيه عن موعد دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد، لكنّ جواب الأخير “لم يكن إيجابياً” في التعاطي مع هذه المسألة، باعتباره لا يزال عند رأيه بعدم تحبيذ انعقاد مجلس الوزراء في فترة تصريف الأعمال، لافتةً إلى أنّ وزير المال غازي وزني زار أيضاً دياب بعدما أحال إليه مشروع الموازنة للبحث في مسألة إقراره على طاولة مجلس الوزراء “لكنّ دياب بقي على موقفه في تفضيل عدم دعوة الحكومة إلى الانعقاد”.
وإذ توضح أوساط حكومية أنّ دياب ينطلق بموقفه هذا من ثابتتين، الأولى أنه “لا يريد تحميل حكومته مزيداً من الأعباء والمسؤوليات عبر دفعها إلى البت في موضوعات خلافية ومن بينها الموازنة”، والثانية أنه “يرى وجوب تحويل الضغط باتجاه تشكيل حكومة جديدة بدل الضغط عليه لانعقاد حكومة تصريف أعمال وتسيير العمل الحكومي بشكل عادي”، لتذهب الأوساط أبعد من ذلك في التساؤل صراحةً: “لماذا على حسان دياب أن يقبل بتحمل مزيد من المسؤوليات نيابةً عن الطبقة الحاكمة بعدما انقلبت عليه وقدمت حكومته “كبش محرقة” على طبق حساباتها السياسية”.
أما على المقلب الآخر، فتشير مصادر مطلعة إلى أنّ رفض دياب انعقاد مجلس الوزراء مرده إلى “حرصه على عدم تعكير علاقته المستجدة مع رؤساء الحكومات السابقين الذين لا يبدون حماسة لانعقاد جلسات مجلس الوزراء في ظل حكومة تصريف الأعمال”، ولذلك هو يحاول التماهي مع موقفهم والتصرف على أساس أنه يتموضع في خانة “الدفاع عن صلاحيات الرئاسة الثالثة”.
غير أنّ مصادر نيابية مالية، تشدد على أنه من الأفضل بطبيعة الحال إقرار موازنة العام 2021 من قبل حكومة أصيلة، لكن “في ظل الصورة القاتمة التي تنبئ بأن لا حكومة جديدة في المدى المنظور، يصبح عقد جلسة لمجلس الوزراء لإقرار الموازنة أفضل من عدمه على قاعدة الضرورات التي تبيح المحظورات، لأنّ الصرف على القاعدة الاثنتي عشرية بانتظار الحكومة الجديدة سيكون كارثياً على البلد، خصوصاً وأنّ مصاريف العام الماضي وأرقامها لم تعد تتناسب مع الوضع الحالي”، وتضيف: “صحيح القول إنه من غير الجائز أن تضع حكومة مستقيلة سياسة مالية لحكومة مقبلة وتفرض عليها بنوداً مالية واقتصادية، لكن يبقى في نهاية المطاف واجب استمرارية الدولة والمرافق العامة أهم من أي شيء آخر، لأنّ الوضع المالي بات على المحك، ولأنّ الدساتير لم توضع أساساً لتكريس الشلل إنما لمنعه”.