كتبت “المركزية”:
في خلفية المشهد الحكومي المعقّد بالخلافات على الحصص والحقائب وعلى قراءة الدستور وتفسيره وعلى كيفية التأليف، هل بتشاور الرئيس المكلف مع الكتل النيابية ام بمعزل عنها… يحضر طيف الانتخابات الرئاسية، التي تُعتبر وفق ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، العامل الخفي لكن الاكثر تأثيرا في لعبة التشكيل، وتضاهي بتداعياتها، العامل الاقليمي المعطّل للاستحقاق.
فالمواجهة المتمادية فصولا منذ اشهر بين بعبدا وميرنا الشالوحي من جهة، وبيت الوسط من جهة ثانية، والتي بدأت قبيل تكليف الرئيس سعد الحريري ولا تزال عصيّة على كل محاولات الفض والتسوية، سببُها الاساس، إدراكُ التيار الوطني الحر ان تيار المستقبل لن يدعمه في الانتخابات الرئاسية المقبلة وانه على الارجح، حسم موقفه في خندق رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي يحظى مبدئيا بدعم عين التينة وكليمنصو ايضا. هذا الاصطفاف، الذي ثبّتته أكثر العقوبات الاميركية التي فرضت على باسيل منذ اسابيع، يقضّ مضاجع رئيس التيار البرتقالي، الذي لن يسهّل تأليف حكومة لا يضمن له حصة وازنة فيها، سيما اذا كانت انتخابات استحقاق 2022 غير محسومة لصالحه.
من هنا، تضيف المصادر، نرى بعبدا ترفع السقوف في وجه الحريري، وعينها على اثنين: إما دفعه الى الاعتذار بعد “تيئيسه”، أو “إجباره” على اعطاء الفريق الرئاسي في الحكومة، ثلثا معطلا مريحا له فيطمئنّ باله القلق اليوم. وفي الاوساط العونية، تتابع المصادر، يسود اعتقاد بأن ادارة الرئيس الاميركي الجديد جو بايدن ستكون اكثر ليونة في القضايا اللبنانية، وأن تجاوبها مع جهود باسيل لنقض العقوبات التي فرضت عليه وإبطالها، أمر وارد وبقوة. لذلك، من غير المستبعد ان يستمرّ التعطيل الحكومي، الى حين رفع العقوبات، فتُفتح الابواب مجددا امام لقاء يضم الحريري الى باسيل.
فدائما في رأي الاوساط هذه، يحاذر الحريري اليوم الجلوس مع باسيل “المعاقَب”، خشية “إغضاب” الاميركيين وكل حلفائهم في المنطقة والعالم. أما متى تخلّص رئيس “لبنان القوي” من عبئها، فإن الرئيس المكلف سيتحرر بدوره من “عقدة” الاميركيين، وسيجلس مع باسيل من جديد، للاتفاق ليس فقط حكوميا، إنما “رئاسيا” ايضا. ومَن يدري، تسأل المصادر، قد نكون امام تسوية جديدة بين الجانبين، شبيهة بتلك التي أوصلت الرئيس ميشال عون الى بعبدا، والحريري الى السراي. هذا هو ما يراهن عليه، أو يخطط له فريق العهد اليوم، وفق المصادر.
عليه، سيستمر التعثر على حاله حكوميا، ومعه الاشتباك بين الطرفين أيضا، الى حين بلورة تفاهم شامل بين سعد الحريري وجبران باسيل. فإذا كان الاخير “هضم” ان يبقى هو خارج الحكومة فيما الحريري داخلها، فإنه ليس في وارد التعاطي مع الرئيس المكلّف “على القطعة”. وما لم يجتمعا ويتفقا على تسوية عريضة تريح باسيل ورئيسَ الجمهورية طبعا، فإن بعبدا لن تُسكت “مدافعها” وستمضي قدما في قصف جبهة “المستقبل” الى ان تستسلم. نحن اذا في مأزق حكومي لكن سياسي كبير ايضا. وللخروج منه، لا بد من تدخّل كبير إما من قبل حزب الله للجم باسيل، أو من قبل قوّة دولية، فرنسية على الارجح، ترغم القوى السياسية كلّها على التراجع والتنازل والذهاب نحو تأليف حكومة انقاذية بعيدا من سيطرتها وسطوتها، تختم المصادر.