صحيح أن أزمات البلد كبيرة جداً ومعقّدة، لكنه في هذه اللحظة بالذات أكثر ما يحتاج إليه هو “الأوكسيجين”، بعدما خنقته جائحة كورونا التي جاءت لتزيد من آلام الشعب اللبناني المأزوم أصلا بلقمة عيشه وأبسط مقومات الحياة.
وبينما تحاول وزارة الصحة أن تقوم بدورها بالحدود التي تسمح به قدراتها، في ظل تقصير رسمي كبير عن توفير أدنى مقومات الصمود في وجه الوباء والفوضى الحاصلة على مستوى المستشفيات واللقاح وغيرها، تبرز المبادرات الفردية والحزبية التي تحاول أن تعوّض بعض ما عجزت الدولة عن القيام به، ومن بينها الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي يُسجَّل لرئيسه وليد جنبلاط أنه كان أول من رفع الصوت محذرا من الوباء مطلع العام الماضي وقبل وصوله الى لبنان.
وبعد تفشي الفيروس بشكل مقلق ومخيف، اتجه “التقدمي” الى أفكار جديدة تساهم بالوقوف الى جانب المرضى من جهة وتخفف عن كاهل المستشفيات التي بلغت طاقتها الاستيعابية القصوى، مطلقا مبادرة Home Care بتوجيه ودعم مباشر من جنبلاط، ومتابعة من رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط، في محاولة لمد يد المساعدة للمواطنين بشكل مدروس طبياً عند تعرضهم للإصابة.
وتهدف المبادرة بشكل أساسي إلى تخفيف العبء عن المستشفيات، وعليه فعند التثبت من إصابة أي شخص بالكورونا يتم تشخيص مستوى حالته من الفرق الطبية، وإبقائه في المنزل اذا كانت حالته لا تستدعي دخول المستشفى، ويتم تقديم الأدوية المطلوبة له بحال عدم تكمنه من تأمينها بنفسه، واذا كانت حالته لا تستلزم عناية فائقة بل فقط هناك حاجة لتزويده بالاوكسجين، يتم تأمين جهاز أوكسجين له إلى المنزل، وتجري خلال كل تلك المدة متابعته من اللجنة الصحية في قريته بالتنسيق الدائم مع المستشفى المعتمد وفق البروتوكولات الطبية.
وفي تفاصيل هذه المبادرة، فإن التوجيه والإشراف الطبي سيتولاه مستشفى “عين وزين مديكال فيليج” بالتنسيق مع المستشفيات في المناطق وهي: سبلين الحكومي، الجبل قرنايل، راشيّا الحكومي، كما مع غيرها من المستشفيات في مناطق أخرى، وبمتابعة مع أطباء اللجان الصحية الموجودة في خلايا الأزمة في كل قرية، على أن تشمل هذه الخدمات كل مواطن يتعرض لإصابة بالفيروس ويحتاج لهذه المساعدة من دون أي تمييز سياسي او حزبي أو طائفي.
وبعد الدعم الذي تلقته المبادرة من جنبلاط بالإضافة إلى مساهمة من النائب نعمة طعمة ومن الاغتراب ممثلا بالسيد جمال الجوهري، فقد تم تمويل تأمين ٣٠٠ جهاز اوكسجين بالمرحلة الأولى على أن يبلغ الرقم عددا أكبر بمرحلة ثانية، بالإضافة إلى أجهزة قياس نسب الأوكسجين، أضف إلى ذلك الأدوية المعتمدة لمعالجة مصابي كورونا، والمسلتزمات والثياب المخصصة للفرق الطبية والمسعفين.
أما العمل المباشر في كل قرية فتتولاه خلية الأزمة بمن فيها من متطوعين أطباء وممرضين ومسعفين وشرطة بلدية. وقد تم تأسيس هذه الخلايا بالتعاون مع البلديات والمخاتير والفروع الحزبية للتقدمي، على أن تتولى مؤسسة الفرح الاجتماعية التنسيق اللوجستي والميداني في هذه العملية لناحية ضبط آلية توفير أجهزة الاوكسيجن وصيانتها والحرص على مداورتها بين المرضى وفق الحاجة والتوصيف الطبي.
على أمل ان تتعمم هذه المبادرات في كل المناطق، فالوقت هو للتكاتف بين جميع الفاعلين والمجتمع المدني والجمعيّات الأهليّة والقوى السياسيّة للقضاء على الوباء وعدم خطف المزيد من الأحبّة.
MTV