مبادرة “حزب الله” لتشكيل حكومة.. تحسباً لعاصفة إقليمية

كتب منير الربيع في “المدن”:

يغيب حزب الله منذ مدة عن اليوميات السياسية: لا مواقف واضحة، ولا حركة مشهودة. لم يصدر عنه أي موقف تعليقاً على التدهور الكبير الذي ضرب علاقة رئيس الجمهورية ميشال عون برئيس الحكومة المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري.

حزب الله المهندس

بعد الفيديو الذي سُرّب وأطاح جهود ومساعي تشكيل الحكومة، سكت حزب الله ولم يتدخل لإعادة الأمور إلى نصابها. ولذا، تُطرح أسئلة كثيرة عما سيفعله في هذا المجال. والتقديرات تشير إلى أن حزب الله ينتظر مغادرة دونالد ترامب البيت الأبيض، ليتنفس الصعداء من حالة حبس الأنفاس التي تمر بها المنطقة، وبعدها يتحرك.
موقفه واضح في الموازنة بين عون والحريري. وعندما تحدث نصر الله سابقاً عن ملف تشكيل الحكومة، حمّل مسؤولية التعطيل إلى الأسباب الداخلية وانعدام الثقة بين الرئيسين، وحال الريبة القائمة بينهما، بسبب سياسة فتح الملفات وتحويرها إلى تنازع على الحقائب الأساسية.

ولم يحمّل نصر الله المسؤولية كاملة للحريري، كما كان يشتهي رئيس التيار العوني جبران باسيل. لذا عتب باسيل على حليفه الشيعي الذي يتوانى عن دعمه إلى أقصى الحدود. وحزب الله يريد حالياً الحريري رئيساً للحكومة، ولا يريد أحداً غيره، من دون التخلي عن تحالفه مع رئيس الجمهورية. ولا بد له من المواءمة بين الموقفين. وهو يفضل أن يكون رابط العلاقة بينهما ومهندسها.

في انتظار رحيل ترامب

وتكشف مصادر متابعة، أن حزب الله سيضطلع بدور جديد بين عون والحريري في الأيام المقبلة: سيطرح مبادرة بينهما لترطيب الأجواء وتخفيف حدة التوتر، بناء على تواصل مع الطرفين. ولعلّ ذلك يقود إلى تشكيل حكومة، حسبما يؤكد الحزب. فهو حريص على تشكيل الحكومة في هذه المرحلة.
في السابق كان يتفهم معايير الحريري وتأجيله التشكيل بسبب الخوف من العقوبات الأميركية. لكن دونالد ترامب وإدارته سيصيران من الماضي بعد أيام، ولا بد من الانطلاق بمسعى جديد قد يفتح الأبواب أمام تشكيل الحكومة. وينتظر حزب الله عودة الحريري لمعرفة الوجهة الجديدة.

الخوف من نتنياهو

هو يعلم أن هناك جملة استحقاقات في المنطقة بعد مغادرة دونالد ترامب البيت الأبيض: الانتخابات الإسرائيلية، والانتخابات الإيرانية والسورية. هذه كلها محطات مؤثرة ولها وقعها على التطورات الإقليمية. وهمّ حزب الله أن يبقى محصناً سياسياً في الداخل، والحصانة لا تزال متوفرة. فلا الحريري قادر على تشكيل حكومة من دونه، ولا عون قادر على الخروج من التحالف معه. وهو يرى أن كل القوى السياسية في حاجة إليه. وهذا يوفر له المظلة التي يريدها في حالتين: إذا شكل الحريري حكومة يشارك فيها الحزب وتراعي شروط عون، يكون الحزب إياه قد جدد موقعه الموازن بين الجميع والمؤثر في مختلف الملفات. أو في حال استمرت حكومة تصريف الأعمال وطال أجلها. فهي حكومة محسوبة عليه وهو يتحكم بتوجهاتها.

لكن عين حزب الله مشرعة بعيداً عن هذه التفاصيل. إنها موجهة نحو الحركة الإسرائيلية في المنطقة. هو يعتبر أن إسرائيل استغلت الساعات الأخيرة من بقاء ترامب في البيت الأبيض، لتحسين وضعها وتنفيذ عدد أكبر من الضربات ضد أهداف إيرانية. كتلك الضربة القوية والواسعة والنوعية في دير الزور قبل أيام.

وما يخشاه حزب الله هو استمرار إسرائيل بمثل هذه الضربات حتى موعد الانتخابات الإسرائيلية في آذار المقبل. لذا لا بد من استمرار الاستنفار، تحسباً لأي تقدير خاطئ قد يؤدي إلى تدهور الأوضاع.