جاء في “القبس”:
خصَّ الزعيم اللبناني الدرزي وليد جنبلاط القبس بحديث حول أوضاع لبنان، بعد فشل المبادرة الفرنسية، التي كانت بمنزلة فرصة الإنقاذ الوحيدة، وبعدها دخل لبنان في مأزق سياسي مستعصٍ، فاقم أزماته المالية – الاقتصادية المستفحلة، فبعد خمسة أشهر على استقالة رئيس الحكومة حسان دياب، فشلت الطبقة السياسية في تأليف حكومة جديدة، في حين يستمر الطرفان المعنيان بالتأليف، أي رئيس الجمهورية ميشيل عون ورئيس الحكومة المكلَّف سعد الحريري، في تقاذف مسؤولية التعطيل.
الحريري مُصرٌّ على المضي في مهمته التي تزداد تعقيداً، في حين بدأ يتنامى العزم على إنشاء جبهة معارضة بوجه الرئيس عون، تضم جنبلاط إلى رؤساء الحكومة السابقين، والقوى السياسية المسيحية المناوئة لعون. أما نظرية «الرئيس القوي» فيعتبرها جنبلاط أكبر مصيبة على لبنان والمسيحيين.
القبس سألت جنبلاط حول فشل المبادرة الفرنسية كفرصة إنقاذ وحيدة، وأنه لا يبدو هناك اهتمام عربي وغربي بلبنان، كما عهدنا في فترات سابقة، فمن يتحمل مسؤولية وضع لبنان في هذه العزلة الدولية؟ فأجاب جنبلاط: «نتحمّل نحن المسؤولية في الداخل بعدم استطاعتنا الوصول إلى تأليف حكومة. ما الذي يمكن أن نتأمله بعد من مبادرة فرنسية أو غير فرنسية إذا كنا فشلنا في تأليف حكومة؟. أضم صوتي إلى صوت البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي لا ينفك يناشد الرئيس عون والشيخ سعد الحريري العودة إلى الحوار». وحول مقصده من كلمة «فشلنا»، وهل تعني توزيع المسؤولية عن الفشل بالتساوي، أوضح جنبلاط: «لا، بالتأكيد. وأنا دعوت أخيراً فريق الممانعة (التيار الوطني وحزب الله) إلى تشكيل حكومة، وليتحمَّلا مسؤولية الانهيار وحدهما. لكن لدى الحريري ربما وجهة نظر أخرى. وها نحن اليوم في مأزق كبير».
نُستَخدَم كمحور
ورداً على سؤال حول خسارة لبنان أدواره جامعة ومستشفى ومصرفاً ومركزاً سياحياً للشرق الأوسط، وهل انتهى لبنان القديم، وأي لبنان يطمح إليه جنبلاط، أجاب الزعيم الدرزي: «نحن في عملية سباق مع الوقت. كلما تأخرنا في تشكيل حكومة وفي توحيد رؤية لبنانية للمحافظة على لبنان القديم، لبنان التعليم والتنوع والصحافة الحرة والقرار المستقل، دخلنا من جديد لنُستَخدَم كمحور، كقاعدة صواريخ للجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي تختلف رؤيتها الثقافية والسياسية عن رؤيتنا كلبنانيين، وهناك شريحة من اللبنانيين لهم مشروعهم. ولست أدري إذا ما كانوا يفهمون معنى لبنان الكبير».
وفي ما يتعلق بكيفية إصلاح العلاقات بين لبنان والدول الخليجية، التي شهدت تراجعاً كبيراً في السنوات الأخيرة، أفاد جنبلاط: «لبنان ضحية الصراع الدولي، أو بالأحرى الصراع الأميركي – الإيراني. دفعنا ثمناً كبيراً نتيجة هذا الصراع. وقسم من الدول الخليجية محق في أن يطلب من لبنان الوقوف على الحياد. هناك أمور موضوعية على الأرض تقول إن لبنان لا يستطيع أن ينحاز. وهناك قسم كبير من اللبنانيين لا يريدون الدخول في أحلاف على حساب لبنان وعلاقاته العربية، والخليجية تحديداً. لكن هناك وجهة نظر مختلفة لدى البعض، والتناقض كبير بين اللبنانيين حول هذه المسألة».
انفجار المرفأ: نيترات الأمونيوم للنظام السوري
عقب انفجار مرفأ بيروت في آب الماضي، كان جنبلاط أول من رجّح علاقة النظام السوري بشحنة نيترات الأمونيوم التي انفجرت في المرفأ، وقال إن هذه المادة جاء بها النظام السوري إلى بيروت لاستخدامها في صنع البراميل المتفجرة ضد معارضيه. وأخيراً، ظهر تقرير إعلامي عن تورُّط رجال أعمال سوريين مقربين من الرئيس بشار الأسد في شحنة الأمونيوم. وفي السياق ذاته، يشدد جنبلاط على «استكمال التحقيق مع الجميع، بداية من رأس الهرم، حتى انجلاء الحقيقة كاملة، من دون أي حسابات سياسية أو غير سياسية، فهذا التفجير الذي أدى إلى تدمير مرفأ العاصمة اللبنانية وتغيير معالمها تتكشّف على ضفافه قضايا أخرى، تتعلق بعمليات التهريب وباستخدام المرافئ والمعابر الشرعية اللبنانية كمُتَنفَّسٍ للنظام السوري، وهذا يستنزف لبنان، ويسهم في المزيد من الانهيار”.