بيروت رهينة العلاقة بين واشنطن وموسكو

على مسافة أيام قليلة من استلامه السلطة رسمياً، بدأت معالم التعاطي بين الرئيس الأميركي المُنتَخَب جو بايدن، والخَصْم التقليدي اللّدود للولايات المتحدة، أي روسيا، تتوضّح على أكثر من مستوى.

ففيما رأى مراقبون أن تعيين فيكتوريا نولاند في منصب نائبة وزير الخارجية الأميركي، قد يعني أن إدارة بايدن اختارت مساراً متدهوراً لعلاقاتها مع موسكو، أتت عودة المُعارِض الروسي أليكسي نافالني الى روسيا، واعتقاله فور وصوله الى موسكو آتياً من ألمانيا، حيث عولِجَ لأشهر عدّة بعد نجاته من عملية تسميم، لتؤكد أن العلاقات الأميركية – الروسية ستعود في عهد بايدن الى “تقليدياتها التصارُعية”، التي خرجت منها بنسبة معيّنة خلال ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

فنولاند عملت في الخارجية الأميركية، لأكثر من 30 عاماً في الماضي، وكانت مُشرِفَة على شؤون الجمهوريات السوفياتية فيها، وهي من المتحمّسين لسياسة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما تجاه روسيا وأوكرانيا. وهي من مشجّعي بايدن على فرض عقوبات جديدة على موسكو، وتشكيل جبهة عالمية لكبح “العدوان العسكري” على كييف، من جانب روسيا، بحسب تعبيرها.

أما بالنّسبة الى ملف نافالني، ورغم عدم استلام بايدن السلطة رسمياً بَعْد، إلا أن مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي المُنتَخَب، جايك سوليفان، أشار الى أنه “ينبغي الإفراج فوراً” عن المعارض الروسي، مغرّداً على “تويتر”، “هجمات الكرملين على نافالني ليست انتهاكاً للحقوق الإنسانية فحسب، بل إهانة للشعب الروسي الذي يريد أن يكون صوته مسموعاً”.

فهل تُفتَح قضيّة نافالني على مصراعَيْها خلال عهد بايدن، وتَفتَح أبواب جهنّم العقوبات على روسيا، خصوصاً أن مختبرات أوروبية أكدت منذ الصيف الفائت أنه سُمِّمَ بمادة “نوفيتشوك” التي طُوِّرَت خلال الحقبة السوفياتية لأغراض عسكرية، وهو ما أكدته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية رغم نفي موسكو المتكرّر للتسميم؟ وهل يكون نافالني “خميني” روسيا الجديد، وإن بعد سنوات، بحسب بعض المراقبين، الذين يرَون أن حالة المعارضة التي يتمتّع بها، هي ذات مفعول تراكُمي، لا يُستهان به، يلتقي مع رغبة شعبية روسية مغمورة بالاتجاه نحو روسيا حرّة؟

المعركة الرابعة

رأى مصدر مُواكِب لآخر مستجدات العلاقة بين واشنطن وموسكو أن “أزمة نافالني هي المعركة الرابعة ضمن حرب الصّراع الأميركي – الروسي الكبير”.

وأوضح في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” أن “المعركة الأولى بين الطرفَيْن، تتعلّق بنقل الغاز الى أوروبا، وهي تتشابك على ساحات عدّة في الشرق الأوسط وأوروبا، ولا سيّما مع تركيا وقطر وإيران وإسرائيل واليونان وقبرص”.

ولفت الى أن “المعركة الثانية ترتبط بسعي روسيا الى تشجيع الصين، التي أصبحت قوّة اقتصادية عظمى، على التعامُل باليوان بدلاً من الدولار. وهذا ما يؤدّي الى مضيّ بكين بمشاريع عملتها الرقمية، وبالسّعي الى جعلها عالمية”.

وقال، “أما المعركة الثالثة، فهي حول سوريا، التي تعتبرها موسكو حصّة متقدّمة ودائمة لها على البحر المتوسط، وفي المشرق العربي. وهي لا تتقبّل الوجود الأميركي فيها، الذي يحرم دمشق من مداخيل نفطية كثيرة، ويهدّد النّظام السوري اقتصاديا”.

رهينة

وشدّد المصدر على أن “ملف نافالني يأتي حالياً ضمن مرحلة الوقت الضائع، التي ستتحكّم بالعالم قبل وضوح خيارات بايدن الاستراتيجية حيال إيران وروسيا والصين”.

وأضاف، “الساحة اللبنانية ستكون رهينة هذا الوضع، نظراً الى الاصطفاف اللبناني في المحاور الإقليمية – الدولية”.

وتابع، “كلّ ما يُحكى عن حصص تعرقل تشكيل الحكومة الجديدة، ما هو إلا مجموعة من السطحيات. فأساس المشكلة تكمُن في كيفيّة تطوّر العلاقات الأميركية – الإيرانية مستقبلاً، والتي ستحدّد مصير الحكومة والوضع في لبنان، بسلبياتها وإيجابياتها

موقع القوات