شهدت الأسابيع الأخيرة في سوريا حملة مركزة من الضربات العميقة التي استهدفت مواقع ميليشيات متحالفة مع إيران. هذه المواقع تعتبر تهديدا لعدد من القوى العسكرية الموجودة في سوريا أو المحاذية لحدودها وخصوصا الجنوبية من جهة إسرائيل.
هذه الضربات التي تبين أن معظمها قامت به طائرات إسرائيلية، أدت لمقتل العشرات، والأهم أنها دمرت مواقع تضم مستودعات صواريخ بالستية، وأخرى من نوع أرض جو لإسقاط الطائرات، بالإضافة إلى مخازن صواريخ موجهة من نوع “كورنيت”، تدمر الأهداف المتحركة على الأرض وخصوصا الدبابات.
ولكن بعض المحللين الأمنيين الإسرائيليين يعتبرون أن هذه الضربات ليست كافية لمنع قيام حرب بالمنطقة تبدأ بها ميليشيات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، يمكنها أن تؤدي إلى دمار شامل. وبهذا الإطار اعتبر اعتبر معلّق الشؤون العسكريّة الإسرائيليّة ألون بن دافيد، أنّ التهديد الإستراتيجي الجوهري على إسرائيل هو موجود على الحدود الشمالية في لبنان أي “حزب الله”، ونبه ألون بن دافيد إلى أن إسرائيل تتجنب معالجة هذا الخطر ما يؤدي لتعاظمه.
ويتخوف المحللون في إسرائيل من تقدم مشروع إنتاج الصواريخ الدقيقة لدى حزب الله، وهو مشروع له مواقع عدة على الأراضي اللبنانية قام قبل أشهر قليلة عناصر متسللين من الجيش الإسرائيلي بتفجير أحد مواقعه إنتاجه في بلدة عين قانا جنوب لبنان قبل.
ولكن في إسرائيل تضع أجهزة الاستخبارات خططا عدة لاستباق أي حرب في المنطقة، والخطة الأهم لديها هي كشف مواقع إنتاج الصواريخ وتفجيرها في لبنان، وهو ما حصل فعلا في مواقع مختلفة. والثانية هي قطع طريق وصول الصواريخ الدقيقة عبر سوريا، من خلال قصف كل المواقع والآليات التي تنقل الصواريخ والسلاح وحتى المال من إيران.
والخطة الثالثة والتي تعتبر مؤجلة إلى وقت مناسب، هي عملية عسكرية ميدانية واسعة بمناطق كبيرة في لبنان، قد تكون مفاجئة وسريعة، تقطع خطوط اتصال الميليشيات وتدمر قواعدها، والجزء الأكبر من معاقلها، وهي تشبه إلى حد كبير حرب عام 1982 التي أبعدت خطر الصواريخ عن المناطق الإسرائيلية.
أما الخطة الرابعة فهي حملة اغتيالات سريعة ضد قياديين من الفئة الثانية والثالثة بحزب الله، من خلال عمليات خاصة ومركبة، تهدف لإحداث صدمة داخل الميليشيات والمجتمعات المناصرة لهم، فتدمر توازنها وتدفع هذه المجتمعات للانفضاض عنها، والمساهمة بتحجيمها.
وتحضيراً لهذه الخطط الأربع تستمر إسرائيل بعملية مراقبة جوية متواصلة تقوم بها المسيرات والقاذفات، بطلعات منخفضة ومركزة، لتكوين بنك أهداف واسع يتعلق بمنشآت حزب الله الصاروخية، النوعية بالتحديد، وتحركات عناصره ومسؤوليه ومواقع نقاط اتصالاته في الطرق العامة والخاصة وفي الأودية.
ويستعجل سياسيون في إسرائيل التحضيرات العسكرية، لمنع الميليشيات من القيام بعمليات تخريبية مثل أسر جنود أو مدنيين من سكان المستوطنات الشمالية، خصوصاً مع توقعهم أن تعطي إيران أوامر لميليشياتها بالقيام بعملية ما في محاولة لـ”هز العصا” أمام الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن قبل بدء المفاوضات الحقيقية حول الملف النووي.
واللافت أن مسؤولين من إدارة بايدن أبلغوا الإسرائيليين عن “مفاوضات هادئة” تجري مع “العقلانيين” في طهران، لمنع نشوب حرب، وللتحضير للمفاوضات حول الصواريخ البالستية والأسلحة النووية الإيرانية.