“ما أصاب المستشفيات مماثل تماماً لما أصاب المصارف”!

ليس أدلّ الى مسؤولية السلطات السياسية التشريعية والتنفيذية عن انهيار القطاعات الحيوية في لبنان وفي مقدمها القطاع المصرفي سوى ما اصاب القطاع الإستشفائي في الأسابيع والأيام القليلة الماضية. في رأي مصادر اقتصادية واسعة الاطلاع أن ما أصاب المستشفيات مماثل تماماً لما أصاب المصارف نتيجة لغياب القرار السياسي الصحيح، وللسياسات الحكومية القائمة على الهروب الى الأمام وتحميل القطاع الخاص، وبعض المواقع الإدارية الرفيعة كحاكم مصرف لبنان مسؤولية الأخطاء المتراكمة في السياسات الحكومية والتشريعية.
تقول المصادر لـ”المركزية” أن الحكومة ومجلس النواب والمواقع الرئاسية يريدون من المصارف تمويل الدولة، ومن المستشفيات الخاصة القيام مقام الدولة في رسم السياسة الاستشفائية وتطبيقها، ومن المدارس والجامعات الخاصة التعويض عن فشل القطاع التربوي العام في تحمل مسؤولياته، وكل ذلك بأموال القطاع الخاص والمؤسسات الخاصة في وقت يصرف المال العام ويهدر على السمسرات والمشاريع والتوظيفات والصفقات المشبوهة.

وتقارن بين طوابير الناس أمام المصارف في بداية الأزمة، وبين طوابير المرضى في باحات المستشفيات وأروقتها، كما بين “الهوبرات” السياسية المهددة والمتوعدة للمصارف، وبين التصرفات المماثلة الصادرة عن مراجع مسؤولة تجاه المستشفيات، في وقت لم يصدر عن مجلسي النواب والوزراء منذ أكثر من سنة، وهو تاريخ الأزمة المصرفية وبدء تفشي وباء كورونا، أي قرار جدّي وعمليّ يذكر من شأنه، إن لم يكن معالجة الأزمة، فعلى الأقل التخفيف من حدتها. وكل ما في الأمر تقاذف للمسؤوليات بين أركان الحكم، ورمي للكرة في ملعب القطاع الخاص، وكأنه هو المسؤول دستورياً عن رسم السياسات واتخاذ القرارات، وسنّ القوانين والتشريعات المطلوبة.
وتشدد على أن السلطة السياسية تريد من المصارف أن تدفع للناس ودائعهم، وهذا حق، من دون أن تبادر الدولة الى تسديد ديونها المستحقة للمصارف. وتريد السلطة السياسية من المستشفيات أن تطبب الناس وتزيد من إمكاناتها وتوسّع أجنحتها، وهذا واجب إنساني، من دون أن تبادر الدولة الى تسديد ما عليها من ديون للمستشفيات الخاصة، ومن دون أن تقدم المثال والنموذج من خلال المستشفيات الحكومية التي صرفت عليها المليارات على مدى السنوات الماضية. وتريد السلطة السياسية من المدارس والجامعات الخاصة ألا ترفع الأقساط وأن تتساهل في جبايتها، الى حد اعفاء البعض منها، في وقت تمتنع الدولة عن تقديم اي دعم للتعليم الخاص، ويتخبط التعليم الرسمي ويعجز عن القيام بالحد المطلوب منه في هذا المجال!
“إن سلطة سياسية تعجز عن اتخاذ القرارات المطلوبة لحماية اللبنانيين من وباء كورونا، وتمضي أسابيع في المفاوضات مع الشركات المنتجة للقاحات من دون أن تعلم ان القوانين في حاجة للتعديل من أجل الحصول على اللقاح الجديد، وتتحجج بأن الحكومة في مرحلة تصريف أعمال لتبرير عدم وضع خطة جدية وواضحة لاحتواء تفشي الوباء، وسلطة تمتنع عن تأمين الاعتمادات اللازمة لتسيير أمور اللبنانيين بالحد الأدنى، وتلقي بالمسؤولية عن ذلك على مصرف لبنان والقطاع الخاص، ليست سلطة مؤهلة لاتهام الآخرين بالفشل أو بالتواطؤ،وإنما هي سلطة مرتكبة يفترض أن تحاسب سياسياً وأن يحاكم أركانها جزائياً”، تختم المصادر.