ا
جدد بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر، دعوته إلى تسهيل تشكيل الحكومة.ورحب في عظته خلال قداس الأحد الذي ترأسه في دير سيدة البلمند، وعاونه فيه الآباء الكهنة والشمامسة، بالوفد الأنطاكي الآتي من لواء الإسكندرون ومرسين ويضم كهنة ورؤساء أوقاف.ونوه بـ”أصالة إيمان الشعب الأنطاكي في اللواء وبمحبته وغيرته”. وطلب من الوفد نقل محبته ومحبة الأنطاكيين جميعا لأهلهم في اللواء وقراه وعاصمته وعاصمة الشرق التاريخية أنطاكية.وقال: “نحن، كمسيحيين أنطاكيين، مزروعون في هذا الشرق ومنغرسون فيه منذ فجر المسيحية. نحن خيرة جباله ووديانه. نحن صخره وأرزه الذي يمد روحه في أغصانه ليلاقي الجميع، وفي كل أنحاء العالم، في عصر تنمو فيه روح التزمت والانغلاق والإثنيات والقوميات. وهنا، وأمام هذا الإعصار القاسي الذي يجتاح لبنان، أريد أن أؤكد منجديد أننا كأرثوذكس أبعد ما نكون عن الخطاب الطائفي الفئوي. نحن مجبولون، أولا وأخيرا، بالوطنية التي ترى في الوطن البوتقة التي تصهر الجميع في وحدانية حال، وتحفظ لكل مكون من طوائفه دوره وكيانه. الأرثوذكس مع غيرهم في هذه الديار صنعوا مجد لبنان وأفاضوا طيبه على الدنيا”.أضاف: “نصلي اليوم بقلب واحد وبفم واحد من أجل خير لبنان. لبنان الذي يعبر هذا المخاض يدعونا جميعا لنتوافق ونكون صفا متراصا وجبهة داخلية متماسكة لتشكيل حكومة، تكون حكومة إنقاذ، في أسرع وقت. لذا نناشد الجميع وبكل قوة تسهيل هذا الأمر رأفة بلبنان وإنسانه. فالأولوية اليوم ليست للمصالح والتجاذبات وتقاذف المسؤوليات، إنما تفعيل عملية الانقاذ وتحقيق ما يسحق الفساد ويعالج الانهيار ويرفع الألم عن الناس ويعيد إليها كرامتها ويلبي تطلعات الشباب ويطمئنه إلى استقرار غده. ولعل لبنان يحتاج في أقرب وقت إلى أن تنخرط مختلف مكوناته وشرائحه وطاقاته في حوار جدي يعالج بشكل جذري مكامن الخلل في الحياة السياسية فيه والأسباب التي تنتج هذه الأزمات الكبرى كي لا يبقى غارقا دائما في تداعيات نتائجها. وهذا ما نرجوه وندعو اليه”.وتابع: “هنا أريد أن أؤكد في هذا السياق أن ما يهمنا ككنيسة هو أن ننظر أولا إلى خير مجتمعاتنا وأن نقصي عنها كل الشوائب لينمو إنساننا روحا وجسدا. لبنان لم يوجد ليكون ساحة لتصفية المصالح. ونحن لا ننسى أن المسيح أتى إلى دنيانا من أجل الإنسان الذي يرزح تحت صليب خطيئة وشقاء وتعب. لذلك هم قلبنا الأساس هو الإنسان، وبخاصة ذاك الذي يشقى ويجوع ويعطش. في خمسينيات القرن الماضي أطلق ابننا الطيب الذكر غسان تويني صرخته الشهيرة بدنا ناكل جوعانين، وها نحن أيضا ندعو الساسة في هذا البلد إلى وضع الخلاف السياسي جانبا والنظر إلى الإنسان ولقمة عيشه. اختلفوا سياسة واتفقوا إنماء. اختلفوا سياسة واتفقوا خدمة ورأفة بإنسان يقاسي البطالة وغلاء المعيشة. اختلفوا سياسة واتفقوا واجتمعوا يدا واحدة تجتث من يسرق لقمة الإنسان ويرميها في مزاريب الهدر والفساد”.وقال: “للمناسبة، نحن نثمن إصرار الشباب على حراكه، ولكننا في الوقت نفسه، ندعو جميع الذين خرجوا إلى الشوارع يطالبون بحقوقهم إلى الابتعاد عن العنف وإلى الحفاظ على الطابع السلمي لتحركاتهم كي لا ينزلق البلد إلى نزاعات مدمرة تزيد على مأساة الشعب الحالية مآس إضافية تؤخر تعافي لبنان وتعمق مشاكله الاقتصادية والمالية والاجتماعية الكثيرة”.وختم: “نرفع صلواتنا من هذا الدير الشريف إلى السيدة العذراء من أجل لبنان ومن أجل شفاء جميع الجرحى. صلاتنا أن يفتح الجميع قلوبهم لرحمات الله ليتحقق خير هذا البلد وازدهاره وسلمه. صلاتنا من أجل هذا الشرق الجريح بكل بلدانه والذي يتلمس فجر القيامة من عتبات الصليب”.
19 كانون الثاني 2020 02:41