بعد تمنع موظفين عن إعطاء بيانات لمصلحة التفتيش التربوي، لدراسة قانونية تقوم بها حول كورونا، فرضت المفتشة العامة التربوية فاتن جمعة عقوبات على رئيس إدارة الإرشاد والتوجيه هيلدا خوري، وسبعة موظفين مكلّفين بمهام التنسيق في مراكز الإرشاد في المناطق، قضت بحسم 10 أيام من رواتبهم لعرقلتهم أعمال التفتيش.
الزمن الاستثنائي
وزعمت مصلحة التفتيش أنها تعد دراسة قانونية حول كورونا بهدف رصد فعّالية عمل المرشدين الصحيين في مديرية الإرشاد والتوجيه، التي ترأسها خوري بالتكليف. فهؤلاء الموظفون يواكبون الإجراءات الوقائية في المدارس. وأعدت المفتشية استمارة تتضمن اسم المرشد، وتاريخ تعيينه، وعدد ساعات عمله، وشهاداته، واختصاصه، وعدد الدورات التي تابعها في هذا الخصوص. وقالت المفتشية أن خوري طلبت من الموظفين التمنع عن إعطاء المعلومات، ولم يحضروا إلى المفتشية رغم الطلب المتكرر منهم. لكن خوري تسلحت بكتاب لوزير التربية يبرر عدم حضورهم في ما سماه الزمن الاستثنائي. إذ يطلب من المدير العام فادي يرق استئذان الوزير قبل إعطاء أيّ معلومات لأي جهة داخلية أو خارجية، عن الإشراف الصحي والمرشدين والمنسقين بأيّ شيء يتعلق بعملهم. لذا، أصرت جمعة على استخدام صلاحياتها القانونية التي تحافظ على هيبة التفتيش كجهاز رقابي، وأصدرت قرار العقوبات.
وفي ظل الصراع القائم بين العونيين ووزير التربية طارق المجذوب، لم يتردد المكتب الإعلامي في وزارة التربية في إدانة هذا التصرف. واستنكر هذا القرار الذي أتى من دون أي حجة قانونية أو سبب مشروع. وتساءلت الوزارة: هل يعاقب التفتيش الأساتذة والإداريين الذين يعملون طوال أيام الأسبوع ليلاً ونهاراً، وفي ظل جائحة كورونا لإنقاذ العام الدراسي، بدل أن يوصي بتكريمهم؟
وتأسفت من قيام “جمعة بخطوة كهذه تفتقد إلى أدنى معايير الخبرة والكفاءة والعدالة”. وقالت: “نحزن أن يصبح بعض أجهزتنا الرقابية أدوات تستغلها الأحزاب في معظمها للضغط على وزير من هنا أو موظف من هناك. فلو عرف الرئيس فؤاد شهاب أن بعض الأجهزة الرقابية سيصل في ممارسة صلاحياته إلى هذا الانحدار، لارتعشت عظامه غضبا في قبره. بئس هذه الممارسات التي تدين المنتج وتكرم المتقاعس”.
مخالفة ساطعة
من ناحيتها ردت المفتشية العامة التربوية على استنكار وزارة التربية قرار معاقبة الموظفين المخالفين وقالت: “إن القرار المتخذ جاء بناء على مخالفة ساطعة، ويستند إلى قوانين وأنظمة التفتيش المركزي وحدها دون سواها، وهو لا يستند لأي اعتبار”.
وأضافت: “إن مخالفة القانون تواجه بالقانون، فإذا كان القرار كما وصف بأنه خطوة تفتقد إلى أدنى معايير الخبرة والكفاءة والعدالة، فلماذا لا يواجه بالحجة والدليل لإثبات العيب القانوني الذي يعتريه، عوضاً عن الذهاب إلى مفردات لا تليق بمصدر تربوي. إن من يبذل جهوداً خارقة لإنجاح العام الدراسي، يجاهر بإنجازاته، ولا يحجب مستنداً أجازت أنظمة التفتيش المركزي الحصول عليه من دون استئذان أحد”.
واعتبرت أن “الرئيس فؤاد شهاب يرتعش غضباً في قبره حين يعلم أن مؤسسات الدولة التي كان يتطلع إلى بنائها، أصبحت مرتعاً للمخالفات والتجاوزات واستباحة القانون وتطويعه لصالح الأفراد. وهي سترتعش أيضاً في حال تقاعس أجهزة الرقابة عن القيام بواجبها في حماية القانون. ولهذا فإن المفتشية العامة المفتشية العامة التربوية لن تتلكأ عن القيام بمهامها المكرسة في قوانين التفتيش المركزي”.