أعراض وآلام
والمشكلة أن هذه الأعراض استمرت بعد شفاء الممرضتين من كورونا، كما أثبتت الفحوص السالبة. إحداهن استعادت النطق، لكن ليس كاملاً، أما الممرضة الأخرى فما زالت غير قادرة على الكلام.
وشرحت الممرضة ص.ع. لـ”المدن”، أنها التقطت العدوى في 11 تشرين الثاني الفائت. وبعد نحو أربعة أيام من اكتشاف الإصابة تدهورت حالتها، فأدخلت إلى المستشفى بسبب معاناتها من ضيق التنفس والسعال والأوجاع التي ألمت بها، ولم تقو على احتمالها. وكانت الأعراض قبل دخولها المستشفى قد بدأت بألم في رأسها وصدرها، إضافة إلى إسهال واستفراغ، من دون تسجيل ارتفاع في درجة حرارتها.
بعد نحو ثلاثة أيام من دخولها المستشفى فقدت ع. النطق فقداناً شبه كامل، إضافة إلى فقدانها حاستي الشم والذوق. وبعد نحو أسبوع باتت محاولتها النطق تجهدها، من دون أن تفلح بأكثر من التأتأة غير المفهومة. ولم تتمكن من تركيب جملة مفهومة للمحيطين بها، إلا بعد خروجها من المستشفى بنحو أسبوعين. وهي مكثت في مستشفى النبطية نحو عشرة أيام، واستدعت حالتها المعالجة بالبلازما، وأدوية أخرى لكورونا.
اليوم، وبعد مرور شهر و12 يوماً على إصابتها، وبعد نحو ثلاثة أسابيع على فحصها السالب، ما زالت تتحدث ببطء شديد، لأنها تعاني من ثقل في اللسان. وهذا بدا واضحاً خلال الحديث المطول معها.
وقصدت الممرضة طبيب أعصاب، لأنها تعاني من رجفة في أطرافها. ولا تستطيع السيطرة على حركات قدميها ويديها. وبدأت تعاني من ذلك خلال مكوثها في المستشفى، واستمرت على هذه الحال بعد خروجها منها. وأبلغها الطبيب أن كورونا أصاب جهازها العصبي، ووصف لها أدوية خاصة بالأعصاب منذ نحو عشرة أيام. وبدأت تتحسن نوعاً ما، لكنها ما زالت غير قادرة على السيطرة على بعض وظائف جسمها. وأحياناً تصاب بأعراض غريبة: فجأة تشعر بموجة برد وتصبح غير قادرة على النطق.
الأعصاب والقلب
لكن قصة الممرضة لم تنته عند هذا الحد. فهي ما زالت تعاني من تسارع مفاجئ في نبضات قلبها لتصل إلى نحو 140 ضربة. ثم تنخفض بعد ذلك إلى نحو 40 ضربة. وهي تستمر على هذه الحال على نحو متصل منذ نحو أسبوع. واستشارت طبيب قلب متخصص. وستبدأ علاجاً آخر بعد تشخيص حالتها، كما قال لها الطبيب. وهي ما زالت تعاني من انتفاخ الغدد اللمفاوية في رقبتها، ومن آلام في أنحاء جسمها.
وأكدت الممرضة أنها لم تكن تعاني من أي مشاكل صحية قبل الإصابة. ولم يحدث أن أقعدها مرض منذ نحو 24 عاماً خلال عملها المتواصل في المستشفى. بل شددت على أن صحتها كانت جيدة جداً، ونشاطها كذلك. وكانت إلى جانب العمل التمريضي تدرس في أحد المعاهد التقنية، وتكمل دراستها في الجامعة اللبنانية.
وأكدت ع. أن زميلة لها في المستشفى أصيب بعدها وأدخلت إلى المستشفى، بعد تراجع حالتها الصحية. وهي أصيبت بأعراض مماثلة، ولم تستعد نطقها بعد.
إن ما حدث مع الممرضتين يستدعي من وزارة الصحة ومختبراتها استنفاراً وبحثاً دقيقاً، لتفسير هذا النوع من الإصابة، والتأكد من أن لا يكون في لبنان فيروس كورونا متحوّر أشد خطورة مما هو معروف حتى الآن.
المصدر : المدن