المركزية
قد يكون عام 2020 التوقيت الأفضل لإجراء جردة حسابات الريح والخسارة التي مني بها طرفا اتفاق معراب، التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، في الذكرى الرابعة لتوقيعه في احتفال تاريخي اعتبر أول غيث المصالحة المسيحية بين الطرفين، بعد تاريخ مشترك ممهور بدماء شهداء “حرب الالغاء”.وهنا تماما مكمن أول نقطة ايجابية يستطيع الطرفان الاعتداد بتسجيلها، حيث أنهما حاولا إرساء ما كان يفترض أنه التعايش بين التيار والقوات. لكن ما فات الطرفين، على ما تنه إليه مصادر سياسية مراقبة عبر “المركزية” يكمن في أن العماد ميشال عون ورئيس حزب القوات سمير جعجع وقعا اتفاقا هشاً لم يتأخر في تلقي أولى الرصاصات القاتلة عند أول مطب سياسي جدي دفعت البلاد إليه بعد انتخاب عون رئيسا بدعم قواتي استكمله الرئيس سعد الحريري بتأييد أزرق لـ “الجنرال”.وفي السياق، تذكر المصادر أن الحزبين اللذين نجحا في تكبير كتلتيهما البرلمانيتين في انتخابات أيار 2018، فشلا في تحويل تفاهمهما تحالفات انتخابية، وإن كان القانون الانتخابي الذي أقر في حزيران 2017 قد حقق مبتغاه الأول من حيث إتاحة الحق للمسيحيين في اختيار ممثليهم بأصواتهم، و”من دون منة من أحد”، إذا صح التعبير.وتلفت المصادر إلى أن الفشل في الالتقاء الانتخابي، قابلته حروب الكترونية بين مناصري الحزبين اللدودين، بما أكد أن شعار “أوعا خيك” الذي قام عليه الاتفاق شديد الهشاشة، وقد صدعته خلافات سياسية تحاصصية في حكومتي العهد العوني، دفعت بالقوات إلى كشف النقاب عن مضامين الاتفاق، من حيث التقاسم العلني للحصص المسيحية. خطوة مفاجئة من جعجع دفع ثمنها تنازلات “حكومية” كثيرة، قلصت حصته في الحكومة المستقيلة، حيث وجد نفسه في موقع المواجهة مع ركني العهد، التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، بينما كان العونيون يواجهون ما يعتبرونها “عرقلة لمسيرة عهد الرئيس عون” موجهين اتهامات مباشرة في هذا الشأن إلى القوات.لكن المصادر تلفت إلى أن هذه الصورة كانت صالحة قبل إندلاع ثورة 17 تشرين، التي غيرت مسار الأمور إلى حد الاجهاز المركز على اتفاق معراب. بدليل أن القوات التي عضت طويلا على جرح “التهميش” الحكومي، قبل أن تجد في الدعوة الشعبية العارمة إلى الاستقالة فرصة ذهبية لتوجيه سهم مباشر في اتجاه العهد ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، من خلال الخروج من الحكومة والانتقال “الرسمي” والسلس” إلى موقع المعارضة في مواجهة عهد تعتبر معراب عرابه الأول.وفي تحليل لهذا المشهد، ترسم المصادر الخلاصة الآتية: تبدو الذكرى الرابعة لولادة هذا التفاهم موعدا مناسبا لدفنه في رمال السجالات المسيحية المسيحية والحسابات الرئاسية المبكرة، لصالح تموضعات جديدة بدأ كل من التيار والقوات يرسمان لوحاتها بدقة، على وقع الضغط الشعبي، من دون أن يفوتا على نفسيهما فرصة نسج شبكة جديدة من العلاقات السياسية، كتلك التي خطها جعجع وخصمه التاريخي سليمان فرنجية تحت قبة بكركي، موجها رسالة رئاسية مشفرة إلى الوزير جبران باسيل.