إنجاز للبنان في الأمم المتحدة: تصويت جريء على قرار “وقف تنفيذ الإعدام”. موقف مشرّف ومتقدم جداً سجله لبنان الأربعاء 16 كانون الأول 2020 في الجمعية العمومية للأمم المتحدة بجهود بذلها كل من وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه ورئيسة بعثة لبنان في الأمم المتحدة السفيرة أمل مدللي.
هنأت الدكتورة أوغاريت يونان في حديث لـ”النهار” لبنان الرسمي والشعبي ومناهضي عقوبة الإعدام، على هذا “التصويت الجريء لمصلحة القرار”، مشيرة الى أن “موقف لبنان هذا هو الأول له منذ بدء التصويت على القرار عام 2008، إذ كان يكتفي دومًا بالامتناع عن التصويت، لا مع ولا ضد، وربما في هذا عبرة”. وأوضحت أن حصيلة التصويت في “الموقف التاريخي للبنان جاءت كالآتي: 123 دولة صوتت لمصلحة القرار بينها لبنان، 38 ضد، 24 امتنعت عن التصويت”.
وشرحت تفاصيل مساهمتها المباشرة واتصالاتها المكثفة على مدار 3 أو 4 أشهر مع شركائها العالميين في التحالف الدولي ضد الإعدام للوصول الى تصويت لبنان لمصلحة القرار الخاص “بوقف تنفيذ أحكام الإعدام” Moratorium on Executions الصادر عام 2007، لافتة الى أن “هذه الجهود تنبثق من الحملة الوطنية لإلغاء الإعدام في لبنان، التي أطلقتها مع الدكتور وليد صليبي في العام 1997، وانضمت إليها عشرات الجمعيات والأحزاب والنقابات والمجموعات الشبابية ومئات الأفراد”.
“وتميّز نضال هذه الحملة،” وفقاً لها، “بمحطات مضيئة تمثلت بتحركات مفصلية في تاريخ مناهضة هذه العقوبة منذ العام 1998 مروراً بأول إنجاز قانوني عبر إلغاء جزء من تشريع أحكام الإعدام في العام 2001، وصولاً الى منح الدكتور صليبي”جائزة حقوق الإنسان” للجمهورية الفرنسية في العام 2005 لنضاله الريادي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، علماً أنها كانت المرة الأولى يجري منحها لشخصية عربية، فضلاً عن تقديم 5 مشاريع قوانين لإلغاء عقوبة الإعدام في لبنان بين عامي 2004 و2010″.
كيف تم التحضير لهذه النتيجة؟ ذكرت يونان أنها تعاونت مع عضو الحملة القاضي جون قزي في رصد الحجج العلمية والقانونية ذات الأولوية لرفض عقوبة الإعدام، والتي لم يتم تنفيذها في لبنان منذ أكثر من 16 عاماً، وهي تالياً مجمدة التنفيذ moratorium de facto ولم تقر بعد في القانون. وحددت بعض هذه الحجج، مشيرة الى أن “الإعدام هو فعل قتل، أيا كانت التسميات التي نستبدله بها، كأن نغلفه بعناوين من مثل العدالة وحماية المجتمع وردع الجريمة”.
وشددت على ان “صلاحية القتل ينبغي ألا تـُمنح لأحد، لا لرئيس ولا لقاضٍ ولا لوزير ولا لرجل دين ولا حتى لله أو باسمه، فهو لم يدعُ إلى القتل”، وقالت: “عقوبة الإعدام تقتل، هذا هو المعنى الفعلي للإعدام، ومسؤوليتنا ألا نكون مع القتل”.
ورأت ان من الحجج الأساسية “إلغاء الجريمة لا إلغاء المجرم، ولا إلغاء العقاب، إضافة الى أن الأولوية هي لمعالجة أسباب الجريمة واعتبار أن نظرية الإجرام بالفطرة نظرية خاطئة وأن عقوبة الإعدام لا تعيد الضحية، لا بل عقوبة الإعدام تضيف ضحية، وصولاً الى أن هذه العقوبة لا تردع ولا تخفف الجرائم بعد الحرب، إضافة الى الجوهر في الغفران والعفو في الديانة الإسلامية، والجوهر في عدم القتل والمحبة في الديانة المسيحية”.
ولفتت الى أن “على مرتكب الجريمة أن يتحمل مسؤولية فعله، وهذا ما يطالب به المناهضون لعقوبة الإعلام”، وأصافت: “ثمة بدائل أخرى من هذه العقوبة، وقد اعتمدتها دول ورصدت من خلالها نتائج إيجابية عدة”.
وأكملت شرحها مشيرة الى أن “معالجة أسباب العنف، الطائفية والتعصب، تقلص نسبة الجرائم في أي بلد”. وتوقفت يونان عند حصاد العام 2020، مشيرة الى أن 142 دولة ألغت عقوبة الإعدام كليًا”.
أما الدول العربية، وفقاً لها، فلم تلغِ حكم الإعدام بعد، باستثناء بلد واحد هو جيبوتي، الذي ألغى هذه العقوبة منذ 1995. أما بالنسبة إلى دول “منظمة التعاون الإسلامي” وعددها 57، فقد أشارت الى أن “61 دولة ألغت الإعدام كليًا، 3 ألغته جزئيًا، 14 في حالة تجميد تنفيذ الإعدام في الواقع وليس قانونًا بينها لبنان، و24 لم تلغِ الإعدام”.
كما اشارت الى ان “عدد الدول الأفريقية التي ألغت الإعدام يتزايد، وتقترب القارة بأكملها من إلغائه، فيما عدد الولايات الأميركية التي ألغت الإعدام يتزايد، وآخرها ولاية كولورادو في العام الحالي”.
موقغ القوات