سواء شكّلت الحكومة سريعًا أو لم تُشكّل، وهي ستشكّل حتمًا، لأن ثمة أطرافًا لها حساباتها الإقليمية تريد أن تبصر حكومة دياب النوراليوم قبل الغد، فإن ما ينتظرها من إستحقاقات داهمة لا يُستهان بها، وهي تفوق بخطورتها قدرة حكومة تُرّكب في اللحظات الأخيرة بما يشبه تركيبة لعبة “البازل”، من دون الدخول في “بازار” الأسماء التي يتمّ إسقاطها على الحقائب الوزارية، وفق منطق المحاصصة المرفوض من الشارع، الذي يزّخم حركته مع دخول الإنتفاضة شهرها الرابع، وكأن وضع البلد يحتمل هكذا نوع من الحكومات،
وعلى رغم إصرار البعض على إمداد الرئيس المكّلف بأمصال التأليف فإنّ ولادة الحكومة من خلال ما يتمّ تسريبه من أسماء محتملة لدخول “جنّة” الحكم لن تكون سهلة، وذلك نظرًا إلى حجم التناقضات الظاهرة والخفية بين مكوناتها، وحتى بينالحلفاء، بإعتبار أن التركيبة المعمول على إنضاجها على نار حامية هي تركيبة “اللون الواحد” بتوجهاتها ومعاييرها وأهدافها، وإن كان اللعب في الحديقة الخلفية لأحزاب الأكثرية النيابية لن يمرّ مرور الكرام في الشارع المتربّص والمهيأ لدخول مرحلة جديدة من التصعيد بدأت ملامحها تتبلور وفق ما تتطلبه كل حالة بحالتها، ووفق تصوّر أصبح واضحًا وجليًا لدى معظم مهندسي “الإنتفاضة”، الذين لم يقولوا بعد كلمتهم النهائية.
وبغض النظر عن الخلافات القائمة بين أحزاب السلطة، والتي تجعل الولادة الحكومية متعثّرة بعض الشيء، وهي خلافات على الحصص لا أكثر ولا أقلّ، فإن ما ينتظر هذه الحكومة التي ستولد عاجلًا أم آجلًا بعد تدخّل مباشر من “حزب الله“، سيكون أخطر بكثير مما يتوقعه البعض، الذي سيتحمّل هو وحلفاؤه نتيجة فشل الحكومة المنتظرة، التي لن تعرف من أين ستبدأ، في حال تمّ التوافق على الأولويات، وهو أمر مستبعد نظرًا إلى أن بذور الخلاف على القشور قد بدأ قبل الحديث عن الأمور الجوهرية، التي تفرض مستوىً عاليًا من التنسيق غير المتوافر حتى هذه اللحظة، بإعتبار أن المؤلفين لا يفكّرون سوى بما سيحصلون عليه من حصص، سواء أكانت وازنة أم ثانوية.
ولأن هذا هو المنطق الذي يسود عملية التأليف فإن لا شيء يُرجى من حكومة يتمّ إنضاجها بـ”الكاربور”، وهي مقبلة على حجم كبير من المشاكل، التي لا تُعدّ ولا تُحصى، وذلك لكثرة ما سيصادف هذه الحكومة الهجينة من مطبات في طريقها، وما ستجده من معاكسات جانبية حتى من داخل من يُفترض أنهم في خندق إستراتيجي واحد، وهي ستكتشف بالممارسة أنها لم تكن في مستوى الحدث وما وراء هذا الحدث، لأن الهدف من التأليف لم يكن إنقاذيًا حصرًا بقدر ما له من أبعاد إقليمية لا تغيب عملية إغتيال اللواء قاسم سليماني من مشهدية التأليف، وما يمكن أن ينتج عنها من تصفية حسابات إقليمية ودولية، بين طهرانوواشنطن، لا دخل للبنان بها لا من قريب ولا من بعيد.
التي يبدو أن مصيرها سيكون الفشل حتى قبل أن تولد.