ما مصير مطار بيروت؟

كتب منير الربيع في “المدن”:

أيقنت الإدارة الفرنسية أن الواقع اللبناني عصّي على أي إصلاح. فسدّ العصبيات السياسية منيع على كل محاولة للتغيير، أو لإرساء الحلول. زيارات ثلاث للرئيس الفرنسي إلى بيروت في غضون أشهر أربعة، لم تخرج واحدة منها بأي تقدّم جدّي وحقيقي لإنقاذ لبنان من الإنهيار.

ضرورة نظام جديد

يدفع ذلك الفرنسيين إلى التفكير في كيفية خرق الجدار. لكن القناعة تتثبت أكثر فأكثر بأن الأزمة في الأشخاص والنظام وفي البنية والتركيبة القائمة. فلبنان لا يمكنه أن يستمر على هذا المنوال. وهناك مساران لا يمكن فصل واحدهما عن الآخر: التفكير في تغيير دستوري يمس جوهر النظام وبنيته. وتغيير سياسي واقتصادي واجتماعي، يفترض بالشارع اللبناني أن يواكبه ويكون فاعلاً فيه.

وتراهن باريس على عدم الاهتمام الخليجي والعربي عموماً بلبنان، وإدارة الظهر الأميركية في انتظار حصول الانهيار الكبير. وتفكر خلية الأزمة الفرنسية في كيفية ملء هذا الفراغ، والاستفادة من هذا الظرف لإرساء دعائم اتفاق لبناني جديد. وهذا ما أثبتته الممارسات السياسية اللبنانية كلها ومديداً: ضرب اتفاق الطائف والقضاء عليه.

وبما أن لا السعودية ولا أية دولة أخرى تريد استضافة مؤتمر لحلّ الأزمة اللبنانية، تبحث فرنسا عن فرصتها: عقد جلسات حوار لبنانية – لبنانية برعاية دولية، للوصول إلى صيغة جديدة. صيغة كان قد تحدث عنها الرئيس الفرنسي لدى زيارته الأولى إلى لبنان.

حزب الله والفرنسيون

ولم يعد السؤال المطروح اليوم: متى موعد تشكيل الحكومة؟ ولا عن أي مبادرة قد يقوم بها طرف لبناني ما للتوفيق بين رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف؟ وذلك على غرار ما يحكى عن استعداد حزب الله لحلّ هذه المعضلة والقيام بوساطة. فما يقوم به حزب الله لا يتجاوز القول للفرنسيين إنه أكثر من سهّل مبادرتهم وتعاون معها. وفي حال احتاجوا إلى مساعدته فهو جاهز لها.

وهذا بعدما نجح حزب الله في انتزاع مطالبه، وفي تصويره أن حقيقة المشكلة هي بين “السنة والموارنة”، وحسب. فالطرفان – يسوّق حزب الله – مختلفان على الطائف، والصلاحيات والحصص والمكاسب. أما هو وسلاحه وممارساته كلها فبراء من هذه المعضلة اللبنانية. وقد يكون نجح في هذا، وحيّد نفسه عن الأزمة في الأعين الفرنسية فحسب.

شعب الإعاشة

وبصرف النظر عن مصير الحكومة ومسارها، يظل السؤال المطروح اليوم، هو: كيف سيكون شكل الانهيار المرتقب؟ هل يبقى شيء من الدولة ليوفر الحد الأدنى من الأمن والاستقرار؟ ومن الطرف الذي يستفيد من الانهيار ومن الذي يتضرر؟

كل القوى تعمل على توفير حدّ أدنى من مقومات الطبابة والغذاء. فيما تبحث الدولة عن كيفية تقديم مساعدات غذائية، ليتحول اللبناني لاجئاً في بلده. ولن يختلف وضعه عن وضع اللاجئين السوريين. كل المساعدات التي يُبحث فيها وعنها أصبحت إعانات للوضع الإنساني أو إعاشة، على غرار الصومال سابقاً واليمن حالياً.

في موازاة الأسئلة الاقتصادية والإنسانية والسياسية، هناك أسئلة كثيرة تطرح عن المطار. وإذا ما كان سيبقى في حالة تسيير أعماله بشكل طبيعي، وتستمر الدول بتسيير رحلاتها إليه؟ أم أنه سيكون هناك توجه ينسجم مع التعاطي الدولي الحقيقي الذي يصنف لبنان دولة فاشلة. هذا سيكون في إطار المزيد من الضغوط على البلد، وإحكام الحصار أكثر فأكثر في ظل إغلاق كل سفارات العالم أبوابها بوجه اللبنانيين. هذا المسار من الضغوط، لا يمكن إبعاد الشبح الإسرائيلي عنه، الذي قد يستغل أي فرصة، لتدمير ما تبقى من مرتكزات البلد ومن أبواب يتنفس منها.