مَن يحمي صوّان من أيادي الغدر؟

كتب ريكاردو الشدياق في موقع mtv:

نال القضاء اللبناني الضربة الطائفيّة الأكثر انحطاطاً. باشر المحقّق العدلي القاضي فادي صوّان بالإدّعاءات الحسّاسة التي تهزّ مسمار المتورّطين في جريمة العصر، وإذ تنتفض الطائفيّة البغيضة على العدل في أسوأ مشهد لم يعرفه البلد منذ نشوئه.

لم يبقَ من أمرٍ يُعوَّل عليه في قضيّة انفجار مرفأ بيروت سوى “آدميّة” وجرأة القاضي صوّان، الذي يسمع الكثير والجميع ويفعل ما يُريد استناداً الى القانون.
في حال قرّر الذهاب بعيداً في الإدّعاءات، من أعلى الهرم إلى أسفله، فإنّ الرجل سيلقى دعماً دولياً كبيراً، بعد الدعم الشعبيّ والإعلامي اللبناني الذي لاقاه، وعندها سيكون على الجهات الأمنيّة الموثوق بها في هذه الدولة أن تؤمّن للمحقّق العدلي إحاطةً أمنيّة مشدّدة من منزله إلى قصر العدل، والعكس، وإلاّ فإنّ أيادي الغدر لن تقصّر في النّيل منه لإعدام أيّ فرصة لمحاسبة، ليس فقط المتورّط في نيترات الأمونيوم، بل المتخاذل والمغطّي ومَن علِم بوجود هذه المواد الكيميائيّة في العنبر رقم 12، أيّاً كان موقعه.

وعليه، فإنّ الموقف الصادر عن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في عظته الأخيرة، ورفع الغطاء المسيحيّ الماروني قطعاً عن أيّ جهة أمام التحقيق، يُشكّل حافزاً للقاضي صوّان لكسر الخطوط الحمراء المذهبيّة، سنيّة كانت أو شيعيّة أو درزيّة… وأوّلها المارونيّة، حيث تؤكّد مصادر البطريركيّة المارونيّة لموقع mtv، أنّ “لا غطاء مارونياً إطلاقاً لا في ملف انفجار المرفأ ولا في سواه، فلتضرب مطرقة العدل ضربتها وليُحاكَم كلّ متورّط مهما علا حجمه”.

أمّا في حال اصطدم المحقّق بهذه الحواجز وامتنع الرؤساء والجهات الرئيسة عن القبول بالخضوع للإستجواب، فالبديل يكون الضغط “الثوريّ” والإعلامي والنيابيّ المعارض والمستقيل للذهاب نحو المحكمة الجنائيّة الدوليّة وتشكيل لجنة تحقيق دوليّة تنطلق من نتائج التحقيقات اللبنانية، والفيدراليّة الأميركيّة والفرنسيّة.

القضاء اللبناني مُهدَّد بـ”التكبيل” كلياً. توسّمنا الجميع خيراً بالقاضي سهيل عبود في رئاسة مجلس القضاء الأعلى. حقاً توسّمنا، فهذه الرئاسة، ومجلسها، هما آخر معاقل الثقة الشعبيّة والدوليّة بالسلطة القضائيّة في لبنان، وهما أمام فرصة تاريخيّة لمواجهة اللصوص الذين ينقضّون على العدل والعدالة ليبقوا على كراسيهم، وبعدها “تطهير” العدليّات من القضاة الفاسدين والمرتشين الذين سهّلوا تسلّل هذه المنظومة إلى قصور العدل وزرع “عدّة الشغل” في كلّ منها.