العراق هو الخاسر الأكبر بصفقة لنفط المليارية

شكك خبراء في الصفقة النفطية التي أعلن عنها مؤخرا بين العراق والصين، والتي بمقتضاها ستضخ بغداد النفط لبكين، مقابل أن تدفع الأخيرة أموالا نقدية للحكومة العراقية.

وبحسب ما نشرت وكالة رويترز، فإن شركة “تشينخوا أويل” الصينية لتجارة النفط، قدمت عرضا لشركة تسويق النفط العراقية (سومو)، بحيث تدفع نحو 2.5 مليار دولار مقابل 48 مليون برميل من الخام بين الأول من يوليو 2021 و30 يونيو 2022.

ووصفت وكالة “بلومبريغ” الأميركية، هذه الصفقة بـ”النادرة”، حيث لم تتعاقد بغداد من قبل على صفقة مسبقة الدفع، وإن كانت حكومة إقليم كردستان في شمال البلاد أبرمت عقودا مماثلة في الماضي.

وإلى جانب ذلك، تعتبر الصفقة نادرة أيضا لأنها تسمح للشركة التي يسري عليها العطاء بشحن الخام العراقي إلى أي وجهة ترغب فيها لمدة عام. وعادة، يُباع خام الشرق الأوسط بشروط صارمة تمنع التجار ومصافي التكرير من إعادة بيع البراميل إلى مناطق مختلفة.

الخبير الاقتصادي العراقي، صفوان قصي، قال لموقع “الحرة”، إن اتجاه وزارة النفط بعملية البيع العاجل بالسعر الحالي، محفوف بالمخاطر، خاصة أن الظروف الحالية تشير إلى أن أسعار النفط ماضية نحو الارتفاع.”

وأضاف قصي، “أعتقد أنه في حال بيع النفط في أسواق المضاربة، فيجب أن يكون على أسس علمية، رأيي أن تكون هناك أسعار للنفط العراقي أعلى من الأسعار الحالية، بحيث تكون مناسبة للعام الجديد 2021”.

بجانب الغموض الاقتصادي الذي يحف الصفقة، فإن خبراء عراقيين آخرين حذروا من أن يقع العراق فريسة للنفوذ الصيني أو ملعبا للقوى الإقليمية المتصارعة.

“ملعب للقوى العالمية”
وقال المحلل السياسي العراقي، عمر عبد الستار، إن العراق بلا شك هو الخاسر الأكبر من هذه الصفقة، لأنها مؤقتة وغير دائمة، كما أنها ستحول العراق إلى ملعب عالمي.

وأضاف عبد الستار “النفوذ الصيني بدأ يتزايد داخل العراق، ورغم انسحاب الولايات المتحدة تدريجيا من العراق، إلا أنها لن تتخلى عنه، ولذلك سيصبح العراق ملعبا للقوى العالمية”.

وشبه عبد الستار المواجهة بأنها ستكون أشبه بالحرب الباردة، سيكون العراق فيها “الخاسر الأكبر”، حسب رأيه.

وكانت وكالة بلومبيرغ الأميركية قد وصفت الصفقة بأنها أحدث مثال على سياسة القروض الصينية، من خلال شركات تجارية وبنوك تسيطر عليها بكين، مقابل السداد ببراميل نفطية.

وحذرت العديد من التقارير سابقا من سياسة القروض الصينية، التي بمقتضاها تسيطر بكين وتصادر بعض مقدرات وأصول الدول الأخرى عند عجز الحكومات المقترضة، الإيفاء بالتزاماتها.

وقد وقع ضحية هذه السياسة دول مثل، سريلانكا وباكستان، ومؤخرا لاوس، التي ستسلم تسلم الحصة الأكبر من شبكة الطاقة الكهربائية الخاصة بها إلى شركة الصين الجنوبية الوطنية للكهرباء، بسبب فشلها في سداد الديون الصينية.

“تجنبا للاحتجاجات”
وعن دوافع الصفقة التي يجب أن يقرها البرلمان، يرى المحلل السياسي العراقي، نجم القصاب، أن هناك “اتفاقا بين الكتل السياسية العراقية، بجانب ضغط على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لتوقيع وإبرام مثل هذه العقود بعيدة الأجل مع الجانب الصيني”.

وأضاف القصاب أن “الأحزاب والحكومة العراقية تحاول الخروج بأقل خسائر ممكنة في هذه المرحلة المقبلة، لا سيما وأن العراق مقبل على انتخابات، وتحاول هذه الكتل السياسية إرضاء الجمهور حتى لا يخرج في احتجاجات”.

وتأتي الصفقة، في وقت يتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي للعراق بنسبة 12 بالمئة هذا العام، أي أكثر من أي عضو آخر في أوبك، وفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وتابع القصاب قائلا “تحاول الحكومة العراقية الحصول على السيولة النقدية مقابل إعطاء النفط حتى لو بأقل الأسعار العالمية، في وقت لم تستطع الدولة التخفيف من حدة الاحتجاجات في مناطق الوسط والجنوب، والتي ربما تنتقل إلى الإقليم السني”.

المصدر : الحرة