أصدر رئيس “حركة الاستقلال” النائب ميشال معوض البيان الآتي:”منذ اليوم الأول لثورة 17 تشرين الأول أعلنت تأييدي لكل مطالب الثوار المحقة، وأكدت على ضرورة العمل ضمن المؤسسات لتحقيقها. دعيت الى استقالة الحكومة السابقة والى تشكيل حكومة من المتخصصين غير الحزبيين من رئيسها إلى كل أعضائها، لتعطي الثقة للداخل والخارج وتعمل على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة ومحاربة الفساد، وتعيد نسج علاقات لبنان الخارجية على قاعدة تحييد لبنان عن كل صراعات المنطقة،وكنتُ أول من سمّى السفير نواف سلام لتشكيل الحكومة لأنه يشكل نموذجا قادرا على تحقيق الإنقاذ المطلوب.ولكن شتّان ما بين الثورة اللبنانية الرائعة التي تابعناها وصفقنا لها، وبين مشاهد الشغب التي شاهدناها في شارع الحمرا من اعتداءات على مصرف لبنان وعدد من فروع المصارف، كما الهجوم على القوى الأمنية. فهذه المشاهد أعادت إلى أذهاننا مشاهد الشغب والاعتداءات على الثوار في ساحة رياض الصلح وساحة الشهداء حيث تم إحراق الخيم وتكسيرها، وعلى جسر فؤاد شهاب (الرينغ)، وأيضاً في صور وكفرّرمان وبعلبك.أما بالنسبة إلى ما حصل في شارع الحمرا، فإن خطورته لا تكمن فقط في الاعتداء بالمطلق على فروع مصرفية نتيجة رد فعل على الإجراءات المصرفية المتبعة نتيجة الأزمة المالية والنقدية التي يعاني منها لبنان، إنما الخطورة تكمن أولاً في محاولة بعض قوى السياسية الحاكمة تحميل مسؤولية الانهيار المالي والاقتصادي إلى القطاع المصرفي، في محاولة لغسل أيديها من الارتكابات وغياب أي رؤية مالية واقتصادية وسوء الإدارة والفساد على مدى ثلاثين عاما، فلو استطاعت الحكومات المتعاقبة أن تبني دولة ومؤسسات واقتصاداً منتجاً وأن تحارب الفساد وتعتمد الشفافية لما كنا وصلنا إلى ما وصلنا إليه من مديونية وعجز وانهيار شامل. كما تكمن الخطورة ثانياً في الميوعة السياسية لإعطاء التوجيهات الحاسمة كما في تقصير قوى الأمن الداخلي في التصدي بحزم للمشاغبين منذ اللحظات الأولى، وتأخرهم الدائم في طلب المساندة والدعم من الجيش. إن المطلوب من الدولة بأجهزتها القضائية والعسكرية والأمنية الكيل بمكيال واحد بين كل المناطق وبين جميع اللبنانيين فلا يشعر أحد بـ”صيف وشتاء تحت سقف واحد” في التعاطي الأمني والقضائي مع المواطنين، لأن التقاعس الأمني يعرّض البلد والاقتصاد للانكشاف بشكل مخيف. ولذلك فإن المطلوب من الأجهزة القضائية والأمنية والعسكرية اتخاذ كل ما يلزم من إجراءات لمنع تكرار ما حصل حماية للاستقرار والأمن الاجتماعي.أن ينتفض اللبنانيون للمطالبة بالقيام بإصلاحات وتغييرات جذرية في السياسات المالية والنقدية والاقتصادية ومحاربة الفساد للخروج من الأزمة فهذا أمر ممتاز، أما أن ينتقل البعض إلى الاعتداءات المنظمة على الأملاك الخاصة والعامة وفروع المصارف فهذا يشكل الوصفة الأسرع للانتقال من الأزمة إلى الانهيار الشامل، لأن الانتفاضة يجب أن تكون بوجه الفاسدين لا بوجه المستثمرين، ومن أجل الإصلاح وليس لهدم المؤسسات وتدمير القطاعات، لأن الحفاظ عن القطاع المصرفي اليوم تحديداً هو حفاظ عن ودائع اللبنانيين ومدخراتهم ودفاعاً عن أكثر من 30 ألف عائلة لبنانية من موظفي المصارف وليس دفاعاً عن أصحاب المصارف.إن القطاع المصرفي كما القطاع الخاص في النظام الليبرالي في لبنان يشكلان ركيزة الاقتصاد الوطني الحر، والذي نريده أن يبقى حرّاً برعاية من دولة الشفافية والقانون، كما ويشكل ضمانة لاستمرار استقطاب الاستثمارات الخارجية متى توافرت المناخات السياسية والقانونية اللازمة. إن حماية القطاع الخاص واحتضانه لينمو تؤمن انتقالنا من دولة الرعاية إلى دولة الإنتاجوالحداثة وفرص العمل، كما أن حماية القطاع المصرفي أساسية لتحريك عجلة الاقتصاد متى توافرت الرؤية والسياسات اللازمة.إن لبنان مبني على أساسين هدم أي منهما يؤدي إلى هدم الكيان اللبناني: الأساس الأول هو النظام البرلماني الديمقراطي الذي يحمي الحريات والتنوع والعيش المشترك المبني على المناصفة التي أقرها اتفاق الطائف، والثاني هو النظام الاقتصادي الليبرالي الحر. فحذار المسّ بأي من هذين الأساسين لكي لا يسقط هيكل الوطن على رؤوس الجميع”.