بايدن لن يسمح بسيطرة إيران على لبنان

مبكراً، وقبل أن يتربع على كرسي البيت الأبيض، أسقط جو بايدن رهانات محور الممانعة وزعيمته إيران، التي اكتشفت أنها بالغت في الرهان على تبدل السياسات الأميركية المتشددة التي اتبعها الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترمب تجاهها. ولا شك أن طهران أصيبت بالخيبة إذ رأت في بايدن، باراك أوباما آخر، بغض النظر عن سياستها التوسعية، ويعيد إحياء الاتفاق النووي كما هو، بما يسمح برفع العقوبات الخانقة عنها، ويحفظ لها دوراً وازناً في المنطقة.

مواقف بايدن التي أدلى بها لصحيفة “نيويورك تايمز”، “قد تجعل إيران تترحم على عهد ترمب”، بحسب مصادر سياسية متابعة للسياسة الخارجية الأميركية. فبايدن أكد أنه يرفض رفضاً قاطعاً حصول طهران على القنبلة النووية، وسياسته تقوم على وضع اتفاقيات إضافية تعزز القيود على برنامجي إيران النووي والصاروخي. كما أشار إلى أن عودة طهران إلى برنامجها النووي لن تكون سهلة وهو بحاجة إلى إجراء تعديلات عليه. بالإضافة إلى تأكيده أنه لا يؤيد رفع العقوبات عن إيران، مشدداً على أن إدارته مستعدة للدفاع عن مصالح أميركا الحيوية إذا اختارت إيران المواجهة.

وترى المصادر ذاتها، في تصريحات لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أنه “في لبنان، طبيعي القول إن المعسكر الموالي لإيران، وفي مقدمته حزب الله، تلقف مواقف بايدن بكثير من التشاؤم، وربما بشيء من الإحباط. وفي المقابل، أنعشت مواقف بايدن الفريق المناوئ لمحور الممانعة، إذ اعتبر أن استمرار سياسة الضغط الأميركية على إيران مع الإدارة الجديدة، سينعكس إيجاباً على لبنان بإضعاف قبضتها ومن ورائها حزب الله وحلفائه، ويدفع في النهاية إلى تليين مواقفه من مختلف الملفات المطروحة، بدءاً من الملف الحكومي”.

من جهته، يشير المحلل السياسي علي حمادة، عبر موقع “القوات”، إلى أن “هذه أول إطلالة لبايدن بعد انتخابه رئيساً على الملف الإقليمي، أي ملف العلاقات الأميركية ـ الإيرانية”، لافتاً إلى أن “موقفه السابق خلال الحملة الانتخابية منذ نحو شهرين ونصف، كان عاماً، إذ قال إنه في حال انتخابه سيعيد أميركا إلى الاتفاق النووي مع إيران من دون أن يدخل في التفاصيل. ما جعل إيران وحلفاءها في المنطقة يراهنون على وصول بايدن إلى سدة الرئاسة الأميركية”.

ويرى حمادة، أنه “بعد انتخاب بايدن تغيرت الأمور بعض الشيء. فالنية بالعودة إلى الاتفاق النووي موجودة، إنما ليس العودة إلى الاتفاق بصيغة 1 تموز العام 2015 حين توقيعه، بل عودة مرفقة بشروط وبإضافات تمليها التطورات التي حصلت في السنوات الخمس الماضية. وهذا يعني أن الرئيس المنتخب سيعود للجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الإيرانيين، ليس من حيث انتهى أوباما، إنما من حيث انتهى ترمب. وهذه هي النقطة المحورية”.

ويضيف، “بايدن يبني على ما انتهى إليه ترمب لكي يحقق أربع نقاط أساسية: الأولى، تغيير سقوف المهل الزمنية، التي كانت تسمح لإيران بالتحرر من كل القيود المتعلقة ببرنامجها النووي بعد 10 سنوات من التوقيع، أي في العام 2025. والأميركيون سيفاوضون على إطالتها بأقل تقدير إلى 20 سنة إضافية، بحيث لا تتمكن إيران من إنتاج قنبلة نووية.
والثانية، على إيران أن تعود إلى التزاماتها النووية التي سبقت خروج ترمب من الاتفاق النووي، كمقدمة للعودة إلى طاولة المفاوضات. إضافة إلى وقف مضاعفة أعداد أجهزة الطرد المركزي.

والثالثة، وضع ملف تطوير الصواريخ البالستية الدقيقة على طاولة المفاوضات كجزء من سلة التفاوض، أي يمنع على إيران تطوير هذا البرنامج لأنه يمثل تهديداً مباشراً على جيرانها العرب وإسرائيل، وحتى على القوات الأميركية المنتشرة في المنطقة، وصولاً إلى شرق أوروبا.

والنقطة الرابعة، وضع ملف التدخل الإيراني وسلوك إيران الإقليمي المتعلق بحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، أي إسرائيل والدول العربية الحليفة لأميركا، حيث استغلت إيران الاتفاق النووي لكي تزيد من حجم الضغوط وحالة اللااستقرار والتهديد لهذه الدول”.

ويرى حمادة، أن “ما أعلنه بايدن حول السياسات التي سيعتمدها تجاه إيران تنعكس على لبنان، في إطار شد الحبال القائم. وتعني أنه ليس بالضرورة صحة ما يروَّج عن أنه سيتساهل بسيطرة إيران على لبنان بالشكل الحاصل اليوم”.

ويشدد على أن “بايدن لن ينتهج سياسة عدائية، لكن لا مناخ لاستسلام الولايات المتحدة أمام التمدد الإيراني والمستجدات التي فرضتها إيران بعد العام 2015، بل سيفاوض منطلقاً من موقع قوة أفضل، مستفيداً مما حققه ترمب من إضعاف لدور إيران”.

المصدر:موقع القوات