الفرزلي: الانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية وعلى المؤسسات الدستورية ممنوع

عقد نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي مؤتمرا صحافيا في المجلس استهله بالقول: “نحن في هذا اليوم يحلو للبعض ان يسميه “يوم الغضب” فليكن، الا انه لا بد من كلامنا الا ان يكون العاقل والمسؤول خارج اطار الاجواء الضاغطة التي لا تنتج الا اراء تتحكم فيها الكيدية والفعل وردات الفعل، والتي لا تخدم بأي طريقة المصلحة الوطنية واللبنانية العليا، وخصوصا المصلحة المالية والنقدية في البلاد والمشكلة الاقتصادية التي اخذت تخنق اللبنانيين اكثر واكثر كما نعلم جميعا”.

وأضاف: “يجب أن نعرض بسرعة واقعنا في البلد. أنا نائب انتخبت استنادا الى قانون انتخاب معين، والى نظام ودستور معينين. إتسم هذا النظام في الفقرة الاولى من مقدمته بالنظام الديموقراطي البرلماني، أي ان الديموقراطية في لبنان ألبست لبوس البرلمانية، وأتى الحراك الشعبي او الثورة، كما يحلو للبعض ان يسميها، ليقول: نحن ارادة شعبية وسلطة شعبية والسلطة للشعب ويجب ان تمارس بصرف النظر عن تقويمنا لهذا الحراك: حجمه وقدرته على التمثيل وعلى خرق جدران المكونات الطوائفية في البلد او عدم قدرته. بكل موضوعية نقول: اذا سلمنا جدلا لسلامة البحث وموضوعيته بان هذه السلطة يجب ان تمارس ضمن المؤسسات الدستورية ومن طريق الانتخابات النيابية”.

وتابع: “استقالت الحكومة، وكان لا بد من تأليف حكومة جديدة كلف على اثرها، بعدما استنكف عن قبول الاكثرية التي نالها دولة الرئيس سعد الحريري، وتساهلنا بمنطق ان يكون هناك وزراء من خارج اطار اللعبة البرلمانية والدور البرلماني والنواب والاحزاب على قاعدة اختصاصيين يصار الى تسميتهم، ولكن يهتمون من دون ان يتأثروا بأي قرار ويوحون بالثقة. واذ فوجئنا بان المطلب هو وزراء مستقلون، مستقلون عن من؟
فوجئنا بان المناورات تأخذ الحكومة الى موقع معين تحمل في طياتها روحية الانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية”.

وتوجه الى الرئيس المكلف الدكتور حسان دياب قائلا: “يا دولة الرئيس المكلف، لك منا كل الاحترام والتقدير، ونتمنى لك التوفيق في مهمة تأليف الحكومة، ولكن لا يجوز تحت عنوان تغليب منطق الانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية لاننا من هذا الطريق نكون قد الحقنا الكيدية والظلم والحيف بفئة كبيرة جدا من اللبنانيين انتخبت هذا المجلس النيابي”.

واردف: “من هنا، يجب ان يكون معروفا ومعلوما، وبشكل واضح لا يرقى اليه شك، كل الطروحات التي تهدف الى الانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية، بغضب او من دون غضب، بكل موضوعية أي عمل يؤدي الى الانقلاب على المؤسسات الدستورية سيؤدي الى مزيد من الفوضى في لبنان والى مزيد من الاختناق المالي والنقدي والاقتصادي، وبالتالي سيؤدي الى حروب تبدأ ولا تنتهي. نحن نحذر ونقول انه يجب ان يتحمل المسؤولية كل من لا يذهب الى الطرح العقلاني الذي يحمل في طياته المنطق القائل هناك نواب ومجلس نواب وحراك له شرعية كبيرة محترمة لها منا كل التقدير والاحترام، انتجت مطالب في الايام الاولى تبنيناها جميعا، وتعلمون أنها قيد التشريع في مجلس النواب، وخلال شهرين تكون هذه المطالب قد صدقت وشرعت وسنت بقوانين جاهزة لتصبح قيد التنفيذ. وهذه الفئة في استطاعتها ان تتمثل في الحكومة وتعمل على قاعدة السلام الاجتماعي لانتاج واقع جديد يقوم الاعوجاج وينتج نظاما من شأنه ان يؤدي الغاية المرجوة من وراء هذا الحراك”.

واضاف: “انا لا اتحدث عن الحراك الذي يقطع الطرقات ويرمي المسامير ويحرق الدواليب في الانفاق لخنق الناس، ويحاول ان يعطل الهيئات العامة والمؤسسات الدستورية، يعتدي على كرامات الناس بشكل او بآخر. انا اتحدث ومتأكد ان هذا الحراك، واعرف شخصيات كثيرة منه، جاهزة وتصلح لان تكون خير ممثل لهذه الارادة الشعبية. نقول مجددا، فلنذهب جميعا الى الحوار العقلاني والمسؤول وألا نتمسمر تحت عنوان ان هناك تكليفا لرئيس حكومة ألف او لم يؤلف، حدث او لم يحدث، لأننا نتمنى على دولة الرئيس المكلف الا ينسى، في أي لحظة من اللحظات، ان الانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية ممنوع سواء شاء هذا الخارج او لم يشأ، سواء ضغط اقتصاديا وماليا ونقديا. ودولة الرئيس يعلم جيدا ان معظم الضغط المالي والنقدي والاقتصادي وهذا الاختناق مرده الاساسي الحصار الاقتصادي الذي يتعرض له لبنان مع التنويه بان سوء ادارة الدولة والهدر والفساد ايضا له دور مركزي الى جانب هذه الضغوط التي تمارس على البلد بأهداف سياسية”.

وناشد “الرئيس المكلف، مع كل الاحترام والتقدير، ان ينسى مسألة تجاوز المجلس النيابي ونتائج الانتخابات النيابية. وأنا شخصيا اذا شئت ان أتناسى تمثيلي او فئة شاءت ان اكون في مجلس النواب، كمات شاءت من قبل ألا اكون واحترمت هذه المشيئة، وليس كل واحد سقط في الانتخابات وحاز 400 صوت اصبح يريد ان يجعل من الثورة مطية لاعادة انتائج نفسه. لا، هذا الواقع يجب ان يفهم وعلى الرأي العام اللبناني ان يدرك جيدا اننا ندعو بدقة متناهية وبعمق الى الحوار والاتفاق مع هذا الحراك الذي يتسم بالموضوعية والقدرة على بناء دولة وليس الحراك المبني بمنطلقاته على اساس الفوضى وتدمير المؤسسات”.

“تفكير مراهق وصبياني”
وقال: “هناك من يعتقد ان انهيار البلد هو وسيلة من وسائل بلوغ الهدف، أي ندمر البلد لبنان ثم نعيد بناءه. هذا تفكير مراهق، صبياني لا يؤدي الى نتيجة، ولن يؤدي الا الى خراب البلد. وأناشد اهالي الصبية والفتيات والبنات الصغار الذين يحاولون ان يعتدوا على كرامات البعض: هذه الامور لا تسلم دائما، اكرر لا تسلم دائما. أنت عندما تستخدمين تعابير فيها اهانة وقدح وذم لأحدهم، يصرف النظر هذا الاحد، اذا كان فاسدا او لا، وانا غير معني بادانة الناس. “لا تدينوا لئلا تدانوا”. المحاكم والقضاء وحدها تدين الناس. ولكن اريد ان اسلم جدلا ما دام ليس هناك حكم في حق احدهم انه فاسد وانه ارتكب، مجرد ان تقول له “حرامي” انت ترتكب جرما يعاقب عليه قانون العقوبات اللبناني، وهذا شكل من اشكال العنف، وبالتالي لا تستطيع ان تقول ان هذه حركة سلمية وعندما لا تكون كذلك، فلكل فعل ردة فعل مساوية له”.

وأضاف: “ألفت الاهالي بكل حب لأنني اعرف الى اين ستذهب الامور، ان ينتبهوا لأولادهم والشباب الصغار والكبار “ذنبهم على جنبهم”. وأتمنى على الاهالي ان يؤدوا دورا ايجابيا في توجيه هذه المسألة حماية لأبنائهم وعائلاتهم لأنه لا يجوز التعرض، كما حصل بالامس، بردة الفعل والذهاب وقطع ارزاق الناس عبر الاعتداء على المطعم هنا او هناك، او حرق المصرف تحت عنوان ان المصارف سارقة البلد، واتظاهر في وجه الجيش. كيف أقبض على الذي حرق المصرف، الى اين تريدون الذهاب، الى خراب البصرة؟ نحن لا نتمنى ذلك. هذا الخراب لا يزال في أوله وانتم لا تزالون في مقتبل العمر. لم تعيشوا خراب الحروب الاهلية ولم تعرفوا معناها. واذا نظرتم الى وجهي تعلمون ماذا تعني الحروب الاهلية. عدا الذين قضوا نحبهم وحسبي بهم جميعهم انهم ماتوا عن ايمان. وأكرر، هذا الموضوع يجب ان نتبه له جميعا، وواجباتنا ان ندعو الى الحكومة والموعظة الحسنه ونذهب في اتجاه الحوار واصلاح البيت وايجاد الحكومة التي تجمع بين كل المكونات لصوغ العقد الاجتماعي تحت سقف القوانين والدساتير المرعية”.

وسئل: هل اصرار الرئيس المكلف حسان دياب على تأليف حكومة اختصايين هو انقلاب على نتائج الانتخابات النيابية، علما انه كان واضحا منذ اللحظة الاولى بتأليف حكومة اختصاصيين، فهل تتبراون من تكليفه اليوم؟
اجاب: “لا ليس تبرؤا، انت تعلمين انني من اول الناس الذين سموه، ولكن استطردت، قبل قليل، وقلت اذهب الى الحوار مع مختلف المكونات لاقناع المكون الذي تنتمي اليه بشخصك الكريم كي يصار الى صوغ الميثاق الوطني ومجتمعنا يتألف من مكونات ولا نستطيع الا احترامها، ولا اعرف الفكرة التي دخلت على ثقافتنا الجديدة انما انا برلماني عتيق. ومن الخمسينات والاربعينات والستيناتـ اعرف كيف تؤلف الحكومات، الحكومة عندما يكلف رئيسها يذهب الى اجراء الاستشارات، أليس كذلك؟ الاستشارات مع من؟ مع النواب والكتل، لماذا؟ حتى يراهم شكلا وجسدا ام ليقف على رأيهم”.

“لن نقبل بالانقلاب على نتائج الانتخابات”
قيل له انما الاستشارات غير ملزمة، فرد: “ايضا اعطاء الثقة غير ملزم، ولا شيء الزامي على احد. وحدها الاستشارات الملزمة تلك التي يجريها فخامة رئيس البلاد لتعيين الرئيس المكلف، وايضا هذه الاستشارات ليست ملزمة للنواب. النائب الذي اعطى الاستشارة لرئيس الجمهورية هي ملزمة لفخامة الرئيس وليس ملزمة له ويمكنه ان يتراجع عنها؟ واذا اردت الذهاب اكثر يستطيع المجلس النيابي واكثرية النواب ان يجتمعوا كما اعطوا الثقة لهذا الرئيس المكلف والزموا رئيس الجمهورية، في استطاعتهم ان يتراجعوا عنها ويسحبوا الثقة، وهذا موضوع جدل دستوري لسنا في صدده الان”.

اضاف: “الرئيس حسان دياب له مني كل محبة واحترام وتقدير، ولكن عندما يرى ان هناك شكوكا بطريقة تأليف الحكومة، اهدافها خلفياتها اسبابها، العمق الذي تذهب اليه، نحن لن نقبل بالانقلاب على نتائج الانتخابات. المجلس عندما تحدث بحكومة اختصاصصين تحدث بينه تسهيل الامور وايجاد الوسيلة للحل وتوفير مناخات الثقة المحلية والاقليمية والدولية. ولكن “الجميل بنية والجمال بنية”، تبين لنا نتيجة ما يحاك ضد هذا البلد، ان الغاية الانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية، يعني طعن ارادة اكثرية الشعب اللبناني التي انتجت هذا المجلس. ولا احد يقول لي ان هذا المجلس خلال سنة هو المسؤول عن تراكم الديون منذ عام 1992 حتى اليوم. والرئيس المكلف بحسه الديموقراطي، وهو رجل مثقف محترم، ونائب رئيس الجامعة الاميركية للشؤون الخارجية وله منا كل تقدير واحترام يجب ان يدرك ويتفهم وان يزيل هذا الشعور وهذا الالتباس حول اسلوب تاليف الوزارة واسماء الوزراء ونوعيتهم. المسألة ليست بينه وبين جبران باسيل، او بينه وبين الرئيس بري. نحن ننظر الى الأمر ككل”.

وتابع: “أنا أتعامل بقضية مركزية عنوانها: هل يجوز الانقلاب على نتائج الانتخابات الديموقراطية البرلمانية او لا؟ رأيي لا، قول واحد سواء رضي ذلك أم لم يرض. نحن نريد ان نقول فلنذهب الى تزويج كل فئات المجتمع التي تمثل اكثر من نصف الشعب اللبناني تمثيلا واضحا لا لبس فيه ولا ابهام، والا فسنعودالى الشوارع والشوارع المضادة. وتعلمون انها سهلة جدا، ولكن ليس هذا المبتغى. نحن مثل كل ابنائنا الذين يتظاهرون في الشارع، هم أبناؤنا ونحن مسؤولون عنهم، ويجب ان نشعر معهم وننطق باسمهم ونأخذ مطالبهم في الاعتبار. وأنتم كاعلاميين تعلمون ان هذه المطالب أخذت في الاعتبار وهي قيد التشريع، وألفت لها لجان من اجل صوغها بصورة علمية وموضوعية حتى تكون جاهزة لطرحها على الهيئة العامة وتصادق على قانون استقلال القضاء”.

واردف: “بالامس، رد الى مجلس النواب قانون يتعلق بمحاكمة الفساد بالنسبة الى القضاة. وأقرت اللجان اهم خطوة في تاريخ لبنان القديم والجديد: انتخاب القضاة والقضاة الذين سيعينون، اعلى درجات حماية القاضي واستقلاله، وهذا سيكون اساسا لقانون سيصدر في لجنة الادارة والعدل في اسرع وقت وقريبا. النية منصرفه لاقرار المطالب، انما هناك فرق بين اقرارها والتفكير “قم لأجلس مكانك”، وقم لأسيطر على السلطة من اجل الانقلاب على الدستور. هذا لم ولن يتم، واؤكد ذلك لو قامت الدنيا وقعدت. وكلكم تعلمون ان ذلك مشروع حرب اهلية، وهذه صرختي منذ اليوم الاول. لم أطل عليكم بهذا الكلام اطلاقا، إنما لأنني مدرك وأعرف وأود ان اخاطب الاهالي والناس والامهات الذين عانوا ويعرفون جميعا ماذا تعني الحرب الاهلية وعانوها وعاشوها. لا نريد ويجب الا يعود لبنان الى الاختناق المادي والاقتصادي الذي لحق بكل مواطن. يجب ان نضع حدا له، وهذا لا يتم عبر حرق الدواليب واثارة الفوضى أو تلويث سمعة لبنان في الخارج، ولا عبر الذهاب الى اميركا والتحريض كي تذهب للعمل على انهيار لبنان ومؤسساته تحت عنوان تدمير لبنان ثم بناؤه. انت لا تعرف شيئا. تهدم لبنان وانت لا يمكن ان تبني شيئا اطلاقا سوى الدمار، والدمار لا يجر الا الدمار، والدم لا يجر الا الدم. نحن عشناها ونعرفها”.

وختم: “فلنذهب الى كلمة سواء والى كلمة العقل والتحابب والى اسقاط التباغض لأن أقلية بدأت تأخذ طابع الكيديات، وهذا الذي لا نريده ولنقطع اليد الاجنبية التي تتدخل في لبنان أيا كانت من اجل الحؤول دون اتفاق اللبنانيين ومصلحتهم بحكومة تضم كل الاطراف ولم الشمل. وهذا التعبير الذي استخدمه وأتبناه تبنيا كاملا، استخدمه الرئيس نبيه بري لأنه في مصلحة لبنان“.