‏التجارة “اون لاين” تغزو مواقع التواصل الاجتماعي

ظاهرة جديدة نجدها على مواقع التواصل الاجتماعي، التجارة “اون لاين”. جيش من التجار يعرض سلعه دون الحاجة الى محل. صفحات ومجموعات ومواقع تعج بصور البضائع التي نحتاجها في حياتنا اليومية دون معرفة اي تفصيل ملموس عنها سوى الشرح الذي يقدمه هؤلاء التجار.
مجموعات من المعلنين والصور والدعايات على صفحات التواصل الاجتماعي، فهل من السهل أن ينشئ أي متصفح موقعا تجاريا وينشر اعلاناته بغرض استقطاب زبائنه اون لاين؟.
كل ما يخطر على البال يعرض على “الفيسبوك” او “انستغرام” او غيرها، وليس ضروريا ان يكون العارض تاجرا أو مصمم اعلانات، بل كل ينادي على بضاعته بأسلوبه وعباراته. كل شيء دون استثناء معروض: سيارات ومفروشات للمنازل والمكاتب وهواتف وثياب ومستحضرات تجميل وأدوية تنحيف ومواد طبية، اضافة الى (باليات ) اي أغراض مستعملة.
وهناك منشورات ايضا تطلب انواعا من البضاعة، من أحذية الى ثياب أو هواتف مستعملة أو مستحضرات تجميل، مع اضافة المواصفات المطلوبة.
غنوة لديها محل صابون وزيوت طبيعية، تقول: “أردت أن أزيد على بضاعتي العطور، وضعت اعلانا على الفيسبوك لشراء البضاعة من محلات عطور بالجملة، فأتاني الرد بشكل صادم. أكثر من 200 شخص أخبروني الرواية نفسها، أن لديهم مخازن عطور ولا يسمح للزبون الدخول اليها، جميعهم اكدوا أنهم وكلاء لهذه “الماركة” او لمنتج معين ويمكنهم توصيل البضائع الى أي مكان عبر خدمة التوصيل، وهذا بالنسبة لي مرفوض، لأنني يجب ان اعاين المنتج الذي سأعرضه في محلي. في الحقيقة لا يوجد لديهم محل او مخزن، فكلهم تجار اون لاين يخزنون البضائع في بيوتهم ويعرضونها اون لاين”.
“أم رخوصة” شابة تعمل في تجارة اون لاين منذ 5 سنوات، تقول عن وضع تجارتها: “انا اعيش من هذه التجارة، لا اغادر منزلي ابدا وأقضي وقتي في التواصل مع التجار والزبائن، أتابع 9 مجموعات على “واتساب” واراقب كل المواقع على الفيسبوك فأنا أسلم جملة ومفرق. ولدى سؤالها كيف تسلم جملة دون ان تعرف نوعية البضاعة، قالت: “المهم “نطلع مصاري والزباين راضيين”.
سليم لديه محل لبيع الأعشاب الطبيعية للتنحيف وللبشرة وللمشاكل الصحية، يقول: “مجرد اني وضعت اعلانا على “انستغرام” و”فيسبوك” عن المنتجات التي لدي انهالت علي الإتصالات، اذ كنت أعرض اسعاري كسعر “الجملة”، وفي اليوم الواحد اتلقى ما يزيد عن 20 مكالمة.
من يشتري؟
إن كان عدد كبير من اللبنانيين يعرضون بضائعهم عبر صفحات التواصل، فمن يشتري؟!
نادين تقول: “جذبتني البضاعة التي تعرض على صفحات الأون لاين، اخترت فستانا، وبعد استلامه اكتشف أنه غير مطابق أبدا للصورة فأعدته، ولم أكرر المحاولة أبدا”.
سارة مصففة شعر، تؤكد ان “ليس لدي أي دقيقة لأذهب الى الأسواق، فأشتري ما يلزم عائلتي وأطفالي اون لاين، لذا أعتمد على المجموعات الموجودة في هاتفي لأختار حاجياتنا من ثياب وماكياج وأغراض منزلية. لقد اعتدت على ذلك وكل افراد عائليت يفضلون أن يشتروا أون لاين”.
موظفون ومجموعات
وفي متابعة لبعض المجموعات، اكد الجميع جني الربح من هذه التجارة.
شهيرة توضح: “انا لا أخرج من منزلي أبدا وأقضي وقتي أتابع تجارتي اون لاين، السوق لدي ممتاز فأنا أجني بحدود مليون ونصف على الأقل، لدي أكثر من 500 شخص على مجموعتي أعرض عليهم أدوات طبية مثل الكمامات والمعقمات ومواد تجميلية وثياب وعطور. لست مضطرة ان أكون موظفة خارج منزلي طالما أني أحصل على أرباح مقنعة”.
سلام، معلمة في إحدى المدارس الراقية تعرض منتجات اون لاين، قالت: “لقد غرقت في الديون عندما اشتريت شقة، واصبح راتبي وراتب زوجي لا يكفيان، فاتجهت للعمل في عرض منتجات على هاتفي، وصرت أحصل على أرباح ممتازة، وتحصن وضعي كثيرا”.
غادة، رئيسة قسم القلب في احد المستشفيات هي ايضا مديرة مجموعات وصفحات اون لاين، تقول: “زبائني هم زملاء عمل من ممرضين وأطباء. لا أحتاج الى المال ولكن زيادة الخير خير. أستغل وجود معارفي وأصدقائي لأزيد مدخولي ببيع الثياب والأحذية والمحفظات اون لاين”.
سامية كانت موظفة في احدى الشركات التي اقفلت، تقول: “لم أجد سبيلا لأساعد زوجي وأحصل على مصروفي الا في العمل أون لاين. لكن التجار يتعاطون معي بفوقية، والزبائن يستغلوننا يكثرون من الأسئلة ولا يختارون شيئا. اما اذا اختاروا بعض السلع يرفضون استلامها من الدلفري”.
شركات “الدلفري”
منذ أن ازداد عرض السلع والمنتجات على مواقع التواصل الإجتماعي، زاد الطلب على شركات التوصيل، ما اضطر المعلنين على ايجاد (دلفري) لتلبية طلب زبائنهم.
وليد صاحب شركة توصيل يقول: “كنت لوحدي أعمل في توصيل الطلبيات الى كل المناطق وأكسب ربحا قليلا جدا. والآن تغير الوضع واصبح لدي شركة توصيل تضم 15 شابا، يتوزعون على المناطق اللبنانية لتلبية زبائن الاون لاين وربحي تضاعف وعملي ممتاز”.
اشارة الى ان بعض المواقع الإعلانية والمجموعات التجارية تكتب عبارة ( لو سمحتو بدنا دلفري كاش على كل المناطق اللبنانية ) أو (مضطرون على شركة توصيل تقوم بتوصيل البضائع بنفس اليوم).
أون لاين وكورونا
في ظل الظروف الصحية التي تفرضها جائحة كورونا، منها الحجر الذي يلتزمه معظم الناس، تعزز دور التجارة اون لاين وفضل المستهلك أن يختار حاجياته عبر الفيسبوك أو عبر مجموعات الواتساب، خوفا من التجوال في الأسواق والمحلات؛ فيكون التواصل مع اصحاب المتاجر أو عبر صفحات الأون لاين.
اصحاب المحلات
اصحاب المحلات الذين يدفعون المبالغ الطائلة لفتح مؤسساتهم التجارية، من شحن الى ايجار محل ورواتب موظفين وغيرها من التكاليف، كيف يستمرون في ظل تجارة أون لاين؟
سيدرا صاحبة صالة فساتين حفلات تؤكد انها ستقفل محلها قريبا “لأن الأون لاين أثر بشكل سلبي على تجارتي، لان الزبونة اصبحت تختار ملابسها عبر الأون لاين، وتعتبر أسعاري أغلى. الزبائن لا يتفهمون أن مصاريف المحل تختلف عن الاون لاين، الوضع سيء جدا”.
فريال صاحبة محل لجهاز الطفل منذ 25 سنة، تقول بغصة: “لا اعرف كيف أستعمل الفيسبوك او اي موقع تواصل كي أعرض صورا عن بضاعتي، دائما يسألني الزبائن ان كان لدي صفحة كي يتابعونها ويختارون طلباتهم”.
سؤال يطرحه بإلحاح العديد من التجار وأصحاب المحلات، هل يمكن أن تنظم هكذا حملات تجارية؟ هل الرقابة والمحاسبة من قبل الدولة تنفع؟ وهل يجب فرض شروط لتنظيم هكذا تجارة عشوائية؟.