كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
خطف “كورونا” أربعة شبّان في النبطية، أنهى حياتهم بعدما لم يقووا على مقارعته أو مواجهته، كان أشدّ فتكاً مما توقّعوا، هاجم أجسادهم على حين غفلة، ظنّوا جميعا أنّ “كورونا” لا يعدو كونه الا “كريب” عادياً، ايام قليلة من العطس والانحطاط وكثير من الزهورات وتنقضي الأمور.
غير أنّ توقعاتهم خيّبت ظنهم. بالامس توفّي ثلاثة شبّان أكبرهم في السابعة والأربعين من العمر وأصغرهم في العشرينات، وأمس شاب آخر من بلدة الصرفند فارق الحياة بسبب “كوفيد 19” وما زال هناك من يرى في الوباء خدعة.
ما زاد الطين بلّة هو توقّف المستشفى الحكومي في النبطية كما تبنين وبنت جبيل عن إجراء فحوصات الـpcr بعد إنقطاع في عدّة الفحص، الأمر الذي يُدخل القطاع الصحّي في حالة إرباك، ويضع المريض على المحكّ، فكثر قد يشعرون بالعوارض ولكن لن يخضعوا للفحص لعدم توافر الـ150 الف ليرة ثمنه.
ليس أخطر من ذلك عدم إقتناع البعض بالوباء وتصرّفهم بشكل طبيعي، ضاربين بعرض الحائط كل الحجر والوقاية. يوم الخميس، أجرت وزارة الصحّة فحوصات مجّانية في المكتبة العامة لبلدية النبطية لأكثر من100 مخالط، وكان يُفترض نقلها إمّا الى مستشفى نبيه بري الجامعي أو تبنين أو بنت جبيل، غير أن قرار توقّف هذه المستشفيات عن استقبال الفحوصات فاجأ الوزارة التي بقيت عاجزة عن إيجاد حلّ للأمر حتّى الساعة، وما زالت الفحوصات تنتظر من يحلّلها لمعرفة ما اذا كانت نتائج أصحابها سلبية أم إيجابية.
لا يُخفي مصدر صحّي متابع خشيته من تفاقم الأزمة، “خصوصاً وأننا دخلنا السيناريو الأصعب، الإنتشار المباغت، والأخطر أنّ القرى باتت موبوءة وأعداد المصابين لا تُعدّ ولا تحصى”، ولا يتردّد بالقول “إذا استمر إنقطاع الفحوصات فسندخل في المجهول، وهذا يعني الموت المحتّم”. أحد لا يعرف مصدر العدوى، كلّ يوم تسجّل عشرات الإصابات داخل القرى، والقطاع التربوي على المحكّ خصوصاً بعد تسجيل إصابة لمعلّمة في ثانوية النبطية الرسمية للبنات.
حضرت المعلّمة كالمعتاد الى صفّها وشرحت الدرس للطالبات ومضت الى منزلها لتُسجّل عليها عوارض حرارة وتعب جسدي ليلاً، مع نتيجة إيجابية، الأمر الذي دفع بإدارة الثانوية الى إقفال أبوابها وحجر الطالبات المُخالطات. وِفق المعلومات، فإن مصدر عدوى المعلّمة زوجها طبيب الأطفال، وتشير المعلومات ايضاً الى أنّ القطاع الطبّي بات مُهدّداً، فأعداد الإصابات في صفوفه كبيرة وخرجت عن السيطرة.
رشا، إحدى المُصابات بالوباء، إنتقلت اليها العدوى من عيادة طبيب الأسنان، وسارة من داخل المستشفى، لعلّ كلمة رشا “أوجاع كورونا تاخذك للموت وتُعيدك” تكفي لإعادة النظر بسياسة تتبّع الوباء داخل القرى.
تفتك “كورونا بالقرى”، بعضها أقفل والبعض الآخر يواجه العدوى ومخاطرها. ما زالت عربصاليم تحت خطّ الخطر والإقفال، خضعت أخيراً لقوانين صارمة من قبل شرطة البلدية، فرضت الأخيرة غرامة مالية على كل من يخالف قرار الإقفال ويتنقّل من دون كمّامة.
إلتزمت البلدة بقرار الإقفال، لم تجد خياراً آخر أمامها للإلتفاف على الوباء، صحيح أنّ الحالات النشطة داخلها لم تتجاوز الـ 15 حالة، الّا أنهّا منذ فترة تواجه مخاطر “كورونا”، خسرت بسببه اثنين من أبنائها قبل ايام، وتجهد خلية الأزمة داخلها لحصر المخالطين. مع دخول قرار إقفال البلدة حيز التنفيذ، اتّخذت عناصر شرطة البلدية مكانها عند مداخل البلدة وفي شوارعها، لمنع دخول وخروج أحد وفرض غرامة مالية على كلّ من تخلّف عن ارتداء الكمّامة.
صحيح أنّ قرار إقفال البلدة لوحده غير نافع في اعتبار انّها تقع على مثلّث مع جرجوع وحومين الفوقا، وهناك علاقات مصاهرة وروابط عائلية بين البلدات الثلاث، ناهيك عن تداخلها بعضها ببعض، ما يجعل القرار غير نافع، طالما ان القرار شمل عربصاليم دون غيرها، الأمر الذي يعتبره أبناء البلدة شاذّاً عن القاعدة، والاقفال في غير مكانه، وإن التزموا به.