كتب عمار نعمة في صحيفة “اللواء” تحت عنوان ” ما هي مفاعيل عقوبات وزارة الخزانة الأميركية؟”:
الم تفاجىء عقوبات وزارة الخزانة الأميركية الأخيرةالمراقبين في لبنان لناحية فرضها كغيرها في إطارسياسة واشنطن للضغط على حلفاء «حزب الله»اللبنانيين، رغم أنها شكلت مفاجأة لناحية الشخصيتين اللتين إستهدفتهما وهما النائب والوزير السابق علي حسن خليل المقرب جدا من رئيس مجلس النواب نبيه بري وهو معاونه السياسي، والوزير السابق يوسف فنيانوس المقرب بدوره من زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية، والجميع مقرب في واقع الحال من «حزب الله».
هي ليست العقوبات الاولى ولن تكون الأخيرة وقد تلحقها الادارة الاميركية بشخصيات جديدة قبيل الانتخابات الأميركيةفي الثالث من تشرين الثاني المقبل التي يواجه خلالهاالرئيس دونالد ترامب تحدية صعبة جدا.
والحال أن العقوبات الأميركية طيلة السنوات الماضية تنوعت وإن كانت صفة الإرهاب متوائمة مع هذه السياسة. ولا شكأن الجانب السياسي هو الطاغي هنا مع شمول العقوبات«الفساد» المستشري ضمن الفريق المقرب من «حزب الله»فقد. أما الجانب الشخصي فليس الفقرر، والعقوبات ستؤدي بالمعنيين، خليل وفنيانوس، الى مواجهة قرار مكتب مراقبةالأصول الأجنبية أو «الأوفاك» العابر للحدود وغير المتعلق فقط بأراضي الولايات المتحدة الأميركية.
وتبعا لذلك من ناحية المبدأ، سيواجه هذين الشخصين إقفالاالحساباتهما في المصارف اللبنانية تبعا لقرار هيئة التحقيق الخاصة، والأمر سيسقط نفسه على المصارف والمؤسسات الدولية حيال كل ما يتعلق بخليل وفنيانوس والشركات التيقد يعملان من خلالها سواء بسبب تعاطف تلك المؤسسات مع القرار الأميركي أو خشية ردة فعل واشنطن .
و طبعا سيواجه هذين الشخصين المعنيين الأمر نفسه لناحيةالأملاك والحسابات إن وجدت على الاراضي الاميركية التيسيكونان ممنوعين من الدخول إليها وحتى حيازة التأشيرةالأميركية، كما أنهما سيواجهان خطر التوقيف في مطارات الدول المرتبطة بإتفاقيات أمنية أو قضائية كما حصل مع رجل الاعمال قاسم تاج الدين قبل ثلاث سنوات وأشهر في المغرب والذي اتهمته الإدارة الاميركية بالإرتباط مع «حزب الله»..وهو خرج قبل أسابيع نحو بلده لبنان.
باختصار، هو قرار حسب مراقبين ماليين بإخراج» خليلوفنيانوس من النظام المصرفي والمالي اللبناني وهو ما قديشمل أقربائهما، لكن هذا الأمر يجب أن يتم بعد الحصول علىموافقة مصرف لبنان وتحديدا هيئة التحقيق الخاصة.
الإسراع في تشكيل الحكومة
الإسراع في تشكيل الحكومةومن جهة الفريق السياسي الذي ينتمي إليه خليلوفنيانوس، فثمة من يلفت النظر الى مفاجأة تلقاها عبرالإسمين المستهدفين، وهذا الفريق يضع الأمر في سياق الضغط الأميركي على لبنان في الملف النفطي والتصويبعلى المقاومة، في الوقت الذي يعمل فيه على تشكيل الحكومة المأمولة وسط زخم فرنسي كبير، وهو ما يعني تصويبة على مبادرة الرئيس إيمانويل ماكرون التي يتبناهاشخصية ويعول كثير عليها لكن من مصلحة البلاد الإسراع في تشكيل الحكومة التيسيكون الدافع لها أكبر مع مضي الوقت المحدد لها وإقتراب مهلة الاسبوعين التي حددها ماكرون في زيارته أوائل الشهرالحالي، من النفاذ.
وقد يخرج من الفريق السياسي المستهدف خطاب صلب ورافض للتنازلات، أقله علنة، وخاصةعلى صعيد مسألة المداورة الوزارية المتعلقة بوزارة الماللكن بعض المراقبين يشدد على براغماتية ضرورية للإسراع فيعملية التشكيل في ظل الإصرار الفرنسي على المواعيدالمعطاة وهو يراقب عملية التشكيل عن كثب، ويفصل هذاالبعض مسألة العقوبات عن المسعى الفرنسي الذي يحصل على ضوء أخضر أميركي وخاصة على صعيد عملية الإصلاح، مع تحييد الخلاف حول طبيعة مقاربة موضوع «حزب الله».
هل يمكن الإفلات؟
لا مدة زمنية للخلاص من العقوبات وخاصة تلك المتعلقةبالإرهاب، وثمة مثل صارخ على ذلك مع العقوبات التي تعرضلها المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله والتي مايزال إسمه عليها حتى اللحظة! وذلك يتعلق بكل قانون الناحيتي المدة الزمنية كما لاستيفاء الشروط.
لكن يمكن لأي مُستهدف سواء كان شخصا أم كيانا حزبيا، التهرب من نظام عقوبات عالمي عبر واجهات مالية مُقنعة وعبر شركات مُسجلة في الخارج. كما يمكن لأي مُستهدف اللجوء الى تسوية ما مع الادارة الاميركية وهو ما سيتطلب ثمنا ماليا يجب أن يدفع و»تنظيفا» لسجله السياسي، حسب مراقبين ماليين من خارج الفريق السياسي المُستهدف يرون أن الاميركيين يسمحون بتسويات كهذه.
لكن العقوبات التي فرضت على لبنان منذ مدة، ليست سوى فصل صغير في الأزمة الاقتصادية القائمة في ظل تدهور مرير نحو الهاوية. وهناك من يربط المسألة الاقتصادية في لبنان برمتها بالسياسة الدولية الضاغطة على هذا البلد.
وتحدد وجهة النظر هذه قضايا ثلاث ترتبط بصعود إقتصادي للبنان. وسيكون الأمر متعلقا بالاستكشاف البترولي والغازي قرب الساحل اللبناني وتحديدا في البلوك رقم 4 الغني بالغاز، إضافة الى ما بات يعرف بـ»صفقة القرن» أي عملية السلام في المنطقة والعمل على حل قضية اللاجئين الفلسطينيين، كما عملية إعادة الإعمار في سوريا التي تبقى، كالمسألتين السابقتين، بعيدة المدى.
لكن ذلك يتطلب أثمانا سياسية يريدها الخارج لتحقيق الصعود الاقتصادي ليس الرأي العام جاهزاً لدفعها، وهو ما يسقط نفسه على المساعدات الاقتصادية المأمولة من صندوق النقد الدولي ومؤتمر «سيدر» ما يتطلب إصلاحات جذرية لن يقدم عليها المسؤولون قريباً كما ان الرأي العام ليس مستعدا لمحاسبة من نهب المال العام في اللحظة الحالية.. يعلق أصحاب وجهة النظر هذه. مع التسجيل أن لبنان إنتقل اليوم بعد تفجير المرفأ في 4 آب الماضي الى مرحلة الاعتماد على المساعدات الخارجية ما يعني أن لبنان سيكون عرضة للضغوطات الدولية أكثر مما مضى.