‏بين كورونا والسلاح “الفلتان”: أيهما أخطر؟!

عند إرتفاع أعداد المصابين ب​فيروس كورونا​ المستجد، سارعت الجهات المعنية إلى إعلان ​حالة الطوارئ​ والعودة من جديد إلى إغلاق البلاد بشكل شبه تام، حفاظاً على أرواح ال​لبنان​يين نظراً إلى أن ​القطاع الصحي​، بحسب ما أعلنت، لم يعد يستطيع تحمل المزيد من ​الإصابات​.

وعلى الرغم من النتائج الكارثية التي تترتب على هذا القرار إقتصادياً، إلا أن ما ينبغي التوقف عنده هو ما حصل خلال الأيام الأولى من الإقفال، حيث تسارعت الأحداث الأمنية من منطقة إلى أخرى، ليس بسبب عدوان خارجي أو هجوم لمجموعات مسلحة، بل بسبب ​السلاح​ “الفلتان” بين أيدي بعض المواطنين غير المسؤولين، من دون تجاهل ظاهرة ​إطلاق النار​ العشوائي في المناسبات، سواء الحزينة أو السعيدة منها.

عدد من الضحايا سقطوا في الأيام الماضية، وكأن المطلوب من اللبنانيين الموت لأي سبب نتيجة الإهتراء الحاصل على مستوى دولتهم، سواء كان ذلك نتيجة ​التلوث​ في الهواء أو الماء أو الغذاء، أو نتيجة إنفجار كميات ضخمة من المتفجرات تًركت في قلب العاصمة دون حسيب أو رقيب، أو نتيجة عدم القدرة على ضبط مجموعة من “الزعران” لا تتردد في توجيه الرصاص نحوهم.

من يحاسب هؤلاء الذين قد يظهرون في طريق أي مواطن في أي لحظة؟. ليس هناك في هذه ​الدولة​ من هو قادر على إعطاء جواب حاسم حول هذه المسألة، في حين أن اللبناني من الممكن أن يتعرض لرصاصة قاتلة، تسكن قلبه أو رأسه، بسبب خلاف على أفضلية المرور أو على ركن ​سيارة​ مع شخص آخر، وربما لسبب لا علاقة له به بأي شكل من الأشكال، فهي قد تكون “طائشة” مصدرها عرس أو مأتم أو خلاف في مكان آخر. لا يهم فهي “طائشة” ولسوء حظه كان مقرها النهائي جسده.

هل يدرك المسؤولون الأمنيون والسياسيون في لبنان أنهم هم من عليهم معالجة هذه الظاهرة المنتشرة منذ سنوات طويلة، وأن واجبهم الأساسي هو منع سقوط المزيد من الضحايا نتيجتها، لا الحضور إلى المآتم لتقديم واجب العزاء بمن يسقط بسببها، فواجبهم هو الضرب بيد من حديد لا تشكيل لجان تشريفات، تظهر حضورها على دماء المواطنين لإثبات حضورها على أرض الواقع؟.

تعددت الأسباب والموت واحد، لكن في ظل ​الإنهيار الإقتصادي​ والمالي والإجتماعي، من حقنا الخروج من منازلنا دون أن نشعر بالخوف من عدم العودة إليها من جديد، فهل بات المطلوب أن نحلم بالحد الأدنى من الحقوق الإنسانية، أي البقاء على قيد ​الحياة​، بعد ​القضاء​ على أي أمل بالحصول على الحق في حياة كريمة، نتيجة فشل من هم في موقع المسؤولية؟.

على هامش هذه الحالة، التي يشعر بها ​اللبنانيون​ بمعظمهم، في البلد هناك قوى سياسية لا تتردد بالدخول في سجالات فارغة، باحثة عن تسجيل إنتصارات وهمية لعراضات بها أمام جمهورها، بينما على أرض الواقع تسقط ضحية جديدة كل يوم، بينما ما يستحق التعبئة العامة أو إعلان حالة الطوارئ هو حالة الإهتراء الحاصلة على مستوى الدولة وأجهزتها، لا فقط الفيروس القاتل الذي يجتاح ​العالم​ بأسره.