قَطَع النائب جبران باسيل الطريق على إحتمال تبنّي التيار الوطني الحرّ الرئيس سعد الحريري مرشّحاً لرئاسة الحكومة لولاية ثالثة في “العهد العوني”، ممهّداً في الوقت نفسه لمشاركة حزبه مباشرة أو غير مباشرة فقط في حكومة “إصلاحية ومنتجة برئيسها وفريق عملها وبرنامجها”.اعلانوفي موقف هو الأكثر وضوحاً في سياق رفض التعاون مجدداً مع الحريري قال باسيل “كلّو تجرّب وصار معروف المُنتج من غير المُنتج ومن المُعطِّل”.والأهمّ ذهابه نحو فصل المسار تماماً مع حزب الله في ما يتعلق بالملفات الداخلية، تحديداً الإصلاح ومكافحة الفساد، في مقابل تشدّد غير مسبوق في تأمين الدرع الواقي للحزب مسيحياً في ما يتعلق بالصراع مع إسرائيل “مهما كان الثمن”!موقف باسيل هو معطى إضافي في سياق التعقيدات المتراكمة في الموضوع الحكومي، خصوصاً مع سعيه للاتفاق مسبقاً على خارطة العمل تحت سقف موقف أكثر تقدّماً من حزب الله عبّر عنه من خلال تأكيده “بأننا ذاهبون الى حدّ الفراق مع حزب الله داخلياً إذا لم يتحمّلوا المسؤولية معنا لتتمّ الإصلاحات اللازمة”، مع العلم أن رئيس الجمهورية ميشال عون وفي حديثه الى المحطة الفرنسية لم يحمّل الحزب المسؤولية في ما يتعلق بإعاقة الاصلاحات ومكافحة الفساد.يحدث ذلك في ظل علاقة لم “تركب” يوماً بين التيار والرئيس نبيه بري أحد القوى الأساسية المفترض أن تشارك في الحكومة المقبلة، وعلاقة متوترة مع الحريري ومنقطعة بالكامل مع “القوات” و”الكتائب”.في هذا السياق، تفيد معطيات ان باسيل سعى جهده لعدم فرط عقد حكومة دياب عبر تواصله بداية مع وزراء فيها وذلك خوفاً من بديل غير جاهز.قادت يومها جولات الاتصالات الهاتفية الى إعتراف باسيل لأحد مسؤولي الحزب “ما عدت قادر مون على حدن”. سبق ذلك إعتراف من دياب نفسه لحزب الله قائلاً بالحرف الواحد “ما رح أترك السلطة لهؤلاء الزعران”، طالباً المؤازرة كي تتمكّن الحكومة من الصمود لمواكبة التحقيق في إنفجار المرفأ وإتمام بعض الخطوات الإصلاحية الأساسية على رأسها التدقيق المالي والجنائي.لكن ضربة الرئيس بري للحكومة كانت قاضية، مع العلم أن دياب كان يعلم أن بري يعلم بأن اقتراح تقصير ولاية مجلس النواب لن يمرّ في الحكومة. سلّم حزب الله بالأمر الواقع وانصرف رئيس تكتل “لبنان القوي” لإعادة شدّ عصب معسكره “الباسيلي” في مواجهة معركة لم يتوان عن القول عنها أمس “أنها حرب كونية وعالمية ضده وضد التيار ورئيس الجمهورية”!وفيما بدا باسيل واضحاً بالتأكيد أن لا انتخابات مقبلة ولا تغيير للقانون الحالي “من دون تطوير كامل للنظام”، فإن المعطيات تؤكد أن “الانتخابات ليست على لائحة الاولويات، أما الفرعية فتبحث بعد الحكومة الجديدة”.لكن في ما يبدو أنه مؤشر جديد في سياق علاقة حزب الله و”التيار” تبرز خشية الحزب، وفق قريبين منه، “من انتخابات نيابية مبكرة قد تؤدي الى خسارة الأكثرية داخل مجلس النواب. فالثنائي الشيعي حافظ على حجمه وحضوره ونفوذه منذ الانتخابات النيابية الأخيرة، لكن المشكلة الفعلية هي ما أصاب فريق التيار من تهشيم وضعف في الأداء أثّرا بشكل كبير على حضوره الشعبي، الأمر المتوقع أن ينعكس في صناديق الاقتراع”. ويشير هؤلاء الى “الاستقالات والانشقاقات التي تتوالى ضمن تكتل لبنان القوي”، مؤكدين “بعد 17 تشرين كان هناك تخوّف حقيقي من عدم بقاء “التيار واقفاً على رجليه”!ووسط عملية تبادل الرسائل في الداخل وردود مضادة على خطاب اللقلوق، لا أجواء عن استشارات نيابية قريبة في ظل إرباك كبير يظلّل مسعى التفتيش عن رابع رئيس حكومة في العهد الذي يُشرِف على بدء عامه الخامس. وثمّة من يسلّم بأن عون قد يٌأخّر الدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة أكثر من 50 يوماً هي المدّة التي سبقت الدعوة الى الاستشارات التي أتت بحسان دياب رئيساً للحكومة بعد استقالة الحريري في 29 تشرين الاول الماضي.