ما جرى على مرفأ بيروت يذكرنا بجريمة إلقاء القنابل النووية على مدينتي هيروشيما وناكازاكي، وكما تشير الوقائع التاريخية الى ان البشرية كانت على موعد مع بداية استخدام الأسلحة النووية الفتاكة غير التقليدية. تلك الجريمة التي اهتز لها الضمير الإنساني ولايزال تصور مظاهر الرعب والهلع الذي نتج عنها يفوق التصور الإنساني حتى اليوم.
التاريخ سيسجل أن الولايات المتحدة كانت أول من استخدم هذا النوع من الأسلحة، ففي يوم السادس من آب عام 1945 كان سكان مدينة هيروشيما اليابانية على موعد مع إحدى أبشع صور الوحشية التي نرسّخت في العقل البشري لتدمير الإنسانية، فقد حلقت طائرة من سلاح الجو الأمريكي على مدينة هيروشيما حاملة على متنها افتك ما توصلت إليه العقلية الشيطانية من أسلحة الدمار الشامل، قنبلة نووية مخصبة باليورانيوم أطلق عليها، ربما لبرائتها، “الطفل الصغير” بقوة تدميرية تساوي 12500 طن من مادة تي ان تي شديدة الانفجار وعلى أثرها ذابت جثث أكثر من 70000 في النار فورا، 140000 كانت حصيلة القتلى حتى نهاية كانون الاول عام 1945 ، وآخر إحصائية رسمية لكارثة هيروشيما تتجاوز 242000 إنسان.ثم فجع العالم مرة اخرى بحادث اشد قسوة فكان انفجار مفاعل تشرنوبل النووي الذي يعد أكبر كارثة نووية شهدها العالم في التاريخ كما تصفها الكتب والمدونات، حيث وصل الدخان الناتج من النيران المشتعلة إلى ارتفاع كيلومتر، بينما حملت الرياح هذا الدخان السام إلى سماء أكثر من 12 دولة. ووقعت هذه الحادثة النووية الإشعاعية الكارثية في المفاعل رقم 4 في محطة تشرنوبل للطاقة النووية في 26 نيسان 1986 قرب مدينة بريبيات في شمال أوكرانيا التي كانت حينذاك واحدة من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، واليوم يتكرر المشهد نفسه ولكن بصورة اشد بشاعة، وكل هذه المعطيات تشير الى حجم الدمار الذي خلفته تلك الحوادث ناهيك عن المآسي التي ما زالت شاخصة الى يومنا هذا.فما بالك بلبنان! أسئلة كثيرة تدور في الرأس حول مأساة بيروت، من المسؤول عنها؟ من أرسل شحنة الموت؟ هل كانت وجهتها لبنان أم بلد آخر؟ من المالك؟ من المسؤول عن إفراغ الشحن؟ وعشرات الأسئلة الأخرى التي قد لايعثر على جواب لها في بلد ينخر فيه الفساد، الذي يعاني من تدهور في كافة الاصعدة.وبعيداً عن تبادل الاتهامات والاسباب التي قادت لتلك الفاجعة الاليمة لكنها في جوهرها اظهرت الهوة الكبيرة بين الطبقة السياسية والشعب اللبناني، وبالتالي آن الاوان لرحيل هذه الطبقة التي عليها اولا ان تعترف بفشلها الذريع وتعتذر للشعب المنكوب وتسارع لاجراء انتخابات مبكرة، اذا كانت تريد الخير لشعبها، يستطيع اللبنانيون من خلالها اختيار من يقودهم لبر الامان في هذه المرحلة الحساسة والعصيبة، اتعظوا يا سادة انها مأساة العصر.