صرخة لسائقي “التاكسي”

كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”: 

تشتدّ الأزمة الإقتصادية والمعيشية على أبناء مدينة صيدا، مثل باقي اللبنانيين في مُختلف المناطق والطوائف والمذاهب. تتراجع التحرّكات الإحتجاجية في ساحة الثورة عند تقاطع ايليا قسراً، تحت وطأة المخاوف من انتشار”كورونا” مُجدّداً، وتتقدّم المخاوف من عودة مشهد طوابير الإنتظار امام مختلف القطاعات، وآخرها أمام محطّات الوقود بعد أزمة البنزين، وقبلها المازوت.

يتأفّف الصيداوي أحمد، وهو سائق تاكسي بالأجرة. كل مساء يضطرّ لتأمين حاجته من البنزين بعد انتهاء عمله نهاراً، يقول: “لا أعرف الأسباب الحقيقية للأزمة، ولكن فجأة تقفل بعض محطات الوقود وترفع خراطيمها، والبعض الآخر لا يملأ خزان السيارة سوى عشرين ليتراً ويتوجّب على السائق الإنتظار”، ويُضيف:”أصبحنا نعمل بقلق على أزمة بنزين دائمة، كي يستفيد كبار التجّار من الفروقات، ويحقّقوا مكاسب على حساب مصلحة الناس”.ولا يُخفي أحمد أنّ عمله تراجع كثيراً بالرغم من رفع سعر التعرفة الى ثلاثة آلاف ليرة لبنانية” مُضيفاً “أنّ كثيرين باتوا يُفضّلون السير على الأقدام، خصوصاً اذا كانوا عائلة، أي أكثر من واحد، لا أجادل الراكب اذا دفع ألفين رضيت بهما، واذا دفع الفاً ثالثة كان خيراً، ولكن الأنكى أن بعض الركاب باتوا يُجادلونك قبل الصعود الى السيارة، نُريد أن ندفع الفاً واحداً فقط”.

حال أحمد ليس أفضل من زملائه، فأجرة السيارة عن كل يوم نحو أربعين الفاً، والنمرة العمومية ايجارها أربعمئة الف ليرة لبنانية شهرياً، إضافة الى ثمن البنزين اليومي، وفي نهاية المطاف بالكاد يُحصّل السائق لقمة عيشه اذا لم يكن مُتعاقداً مع مكتب ويأخذ منه عمولة في كثير من الأحيان.

ويؤكّد السائق عيسى مدوّر أنّ الأمر لا يتوقف عند ذلك، فأي حادث يعني كارثة وأي عطل يعني “بتحطّ اللي فوقك وتحتك”، كل قطع السيارات غالية وتُسعّر على قيمة الدولار، فكيف سنعيش؟.

صرخة السائقين ليست الوحيدة، فقد شكا أبناء المدينة من ارتفاع الأسعار والغلاء ارتباطاً بتلاعب سعر صرف الدولار، إذا ارتفع غلت معه المنتوجات فوراً، واذا انخفض ظلّـت على حالها، وسط غياب في بعض المحال التجارية الكبيرة عن وضع لائحة أسعارها، نتيجة التفاوت في سعر الصرف وتبديله.

وأوضح مُنسّق عام “تجمّع المؤسسات الأهلية” في منطقة صيدا والجوار ماجد حمتو انه استجابة للصرخة، تداعى التجمّع الى عقد اجتماع لهيئته الإدارية في قاعة بلدية صيدا، حيث جرت مناقشة الأوضاع المعيشية في ظلّ الأزمة المالية الإقتصادية الإجتماعية الخانقة وبعض الإقتراحات المناسبة”، مُشيراً الى “استفحال الأزمة وتراجع الأداء الحكومي في اتّخاذ القرارات والإجراءات المناسبة لمعالجة الوضع”، مُشدّداً على انّ “لا حلّ الا بتغيير هذا النظام الطائفي التحاصصي القائم على الزبائنية”، مُنوّهاً بالعمل الجماعي والتعاون لمواجهة الأزمة وضرورة تحديث “داتا” المعلومات للمدينة من خلال القيام بعملية إحصاء شامل بالتعاون مع البلدية”.وخلص الاجتماع الى سلسلة مقترحات منها: تنظيم مؤتمر حول الموضوع الإقتصادي التنموي الإجتماعي للتفتيش عن مخارج للأزمة الإقتصادية والإجتماعية التي نعيشها، والخروج بتوصيات عملانية لمتابعتها وتنظيم يوم للتطوّع في المدينة، واختيار العمل المناسب بحسب الأولويات ودعوة الجميع الى المشاركة في تنفيذه والإعلان عن ثلاثة أيام للسياحة الداخلية باقتراح من مؤسسات في صيدا القديمة.وبين الصرخة والشكوى، عاود فيروس “كورونا” انتشاره مُجدّداً ليُحاصر قرى وبلدات جنوبية للمرة الأولى، مُتزامناً مع ناقوس خطر دقّته وزارة الصحة من بدء التفشّي المُجتمعي في المرحلة الرابعة والأخيرة من الموجة الأولى، ليزيد معاناة المواطنين مع الضائقة الإقتصادية والمعيشية الخانقة.

وفيما خلت مدينة صيدا من أي إصابة حتى الآن، وسط متابعة دقيقة لبلديتها للوافدين، أعلنت لجنة الصحة والبيئة في بلدية الخرايب عن خمس إصابات بعد الفحوصات الأخيرة التي اجريت لهم بعد مُخالطتهم حالة في بيروت، بينما أعلنت بلدية عنقون عن تسجيل 6 اصابات في الفحوصات التي أجريت منذ ايام وقرّرت إقفال جميع المؤسسات في البلدة، بإستثناء الصيدليات والتعاونيات والملاحم والأفران.

وبينما أعلن مستشفى حمّود الجامعي عن تشخيص حالة اصابة في قسم العلاج الخارجي وتمّ عزلها ونقل المريض الى مستشفى رفيق الحريري الجامعي للعلاج، نفت مستشفى دلاعة الأخبار المُتداولة عن وجود حالات “كورونا” في المستشفى.