كتب انطوان غطاس صعب في “اللواء”:
أشارت مصادر مطلعة إلى أن لقاءاتها الأخيرة مع بعض السفراء الأجانب في بيروت أدت إلى خلاصة أساسية، وخصوصاً من سفراء أوروبيين ، بأن مؤتمر «سيدر» إنتهى، ولن تُسيّل أمواله إطلاقاً، نظراً لإنتشار فيروس «كورونا» وتداعياته على الإقتصاد العالمي، وتالياً غياب الخطة الإصلاحية المنتظرة من لبنان.
في غضون ذلك، يجتاز لبنان أخطر مرحلة سياسية واقتصادية بدأت تشكل عامل خوف من الأيام القادمة، لا سيما بعد سريان مفعول قانون قيصر وما سبقه من تصعيد سياسي وانقسام داخلي، بحيث تعتبر أكثر من جهة سياسية مطلعة أن البلد عاد منصة وساحة لمحاور إقليمية كما كان يحدث خلال حقبات شهد خلالها لبنان حروباً وخلافات، ومعظمها كانت على خلفية ما يجري في سوريا وإيران والعراق وفلسطين والمنطقة بشكل عام، ولكن بعض الجهات السياسية تعتقد أن لبنان وفي هذه الظروف تنتظره أشهر في غاية الدقة وأن الاتصالات الديبلوماسية التي قامت بها الخارجية اللبنانية مؤخراً إنما كانت لشرح موقف لبنان حيال قانون قيصر وضرورة تفهم وضع البلد، كي لا يعاقب على خلفية ما يجري في سوريا، وخصوصاً أن الأجواء تشير إلى عقوبات أميركية جديدة بحق حزب الله وبعض حلفائه، وهذا ما تعتبره بعض الأوساط الرئاسية موجهاً إلى جهات حليفة لحزب الله وقد يدفع لبنان أثماناً غالية في ظروف هي الأقسى عليه، نظراً لسوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية والمالية وأيضاً بناءً على معلومات ومعطيات تؤكد أن ليس هناك من أي مسؤول غربي أفصح أمام زواره وأصدقائه أن المجتمع الدولي سيتجه إلى دعم لبنان، ما يؤزّم الأوضاع التي وفق بعض المعنيين قد تؤدي لاحقاً إلى الفوضى الشاملة، خصوصاً أن أجواء الشارع لا توحي بالطمأنينة بعد أحداث وسط بيروت وطرابلس، واللقاء المزمع عقده في الخامس والعشرين من الشهر الجاري لرؤساء الكتل النيابية في قصر بعبدا إنما هو محاولة لامتصاص مخاوف البعض من حصول تطورات قد تؤدي إلى فلتان الشارع، وهذا ما سيؤدي إلى إرباك العهد والحكومة وكل الطبقة السياسية.
إلا أن المتابعين لا يبدون تفاؤلهم بلقاء بعبدا لجملة اعتبارات، على أساس أنه لم يتغير أي شيء، فالخلافات السياسية تتفاقم وخطط الحكومة غير مرئية، كذلك إن الدولار ما زال يرتفع والمعالجات لم تعطِ ثمارها المرجوة ولا دعم من المجتمع الدولي والدول المانحة للبنان، إنما قد يكون لقاء بعبدا لتنفيس الاحتقان في الشارع وخصوصاً بعد ارتفاع النبرة المذهبية والطائفية.
ويبقى أن هذه الأزمات هي موضع اتصالات تجري بعيداً عن الأضواء، بحيث هناك استنفار سياسي وديبلوماسي لتحييد لبنان عن العقوبات على سوريا أو ما يسمى بقانون قيصر، ولكن ثمة من يتخوف من عدم قدرة الدولة على ذلك، إذ هناك جهات تفوق الدولة بقدراتها وعلاقاتها التحالفية مع سوريا، وهذا ما يسبب المزيد من الانقسامات، وعلى هذه الخلفية فإن الأجواء مرشحة لأي احتمال قد يحصل، أكان أمنياً أو سياسياً أو اقتصادياً، وهذا ما ستُظهره الأيام لمقبلة، فلقاء رؤساء الكتل النيابية قد يكون مفيداً على صعيد النسيج الوطني، ولكن لا يمكنه أن يزيل الخلافات بين بعض المكونات السياسية على الرغم من جهود الرئيس نبيه بري مع بعض رؤساء الكتل ولا سيما الرئيس سعد الحريري، بحيث بات خلافه والتيار الوطني الحر وحتى العهد وكأنه وصل إلى نقطة اللاعودة، ما يبقي الأمور تراوح مكانها إلى حين حصول حدث ما أو تسوية تعيد الأمور إلى نصابها، وهذا أمر مستبعد في هذه المرحلة لأن هناك ما يفوق قدرة السياسيين المحليين على الإمساك بزمام الأمور في مثل هذه الظروف الراهنة.