المطار سيفتح أبوابه: خسائر للخزينة وارتفاع في أسعار التذاكر

خضر حسان – المدن

كتب خضر حسان في “المدن”:

يتحضّر مطار بيروت لاستئناف جزء من نشاطه، تماشياً مع خطة إعادة فتح البلاد والتعايش مع انتشار فيروس كورونا. استقرّ الرأي على فتح المطار مطلع شهر تموز المقبل، بقدرة تشغيل توازي 10 في المئة من حركة الملاحة التي شهدها شهر تموز من العام 2019، على أن يتم استئناف رحلات الطيران الخاصة، اعتباراً من 24 حزيران الجاري.

ومن المنتظر أن يؤثّر فتح المطار إيجاباً على لبنان. لكن لا يرى الجميع تلك الإيجابية بالأهمية ذاتها، نظراً للأوضاع الاقتصادية والسياسية

ومن المنتظر أن يؤثّر فتح المطار إيجاباً على لبنان. لكن لا يرى الجميع تلك الإيجابية بالأهمية ذاتها، نظراً للأوضاع الاقتصادية والسياسية المسيطرة.

خسائر بالجملة

في الأسبوع الأول من شهر تموز 2019، استقبل مطار بيروت 1768 رحلة، حملت نحو 230 ألف راكب. وبالاستناد إلى نسبة 10 في المئة، يعني أن المطار سيتحضّر في الأسبوع الأول من شهر تموز المقبل، لاستقبال 176.8 رحلة، ستقلّ نحو 23 ألف راكب.

هذه النسبة ضئيلة جداً لمطار كمطار بيروت. وفتحه أمام حركة بهذا القدر الضئيل، يشكّل “خسارة كبيرة للمطار ولخزينة الدولة، فيما من المنتظر أن تقدّم الأشهر الثلاث (حزيران، تموز، آب) إيرادات كبيرة للمطار، حين يرتفع معدّل الحركة فيه”، وفق ما تقوله مصادر في مطار بيروت في حديث لـ”المدن”.

وانتشار فيروس كورونا عرقل حركة المطار وكبّده خسائر كبيرة، لكن الحال لا يقتصر على مطار بيروت وانما على كل مطارات العالم. وكذلك عودة العمل تدريجاً، تشترك فيها كل المطارات. ومع ذلك، “لم تكتمل كل الإجراءات التي ستُتَّبَع في المطار، وكذلك من غير المعروف الاجراءات التي ستتّبعها شركات الطيران، إن على صعيد الشروط الصحية، أو على صعيد أسعار تذاكر السفر. إذ ستأخذ الشركات بالاعتبار أنها ستنقل عدداً أقل من الركاب على متن كل رحلة، كما ستقلّص عدد رحلاتها. وعليه، ستنظر كل شركة إلى الجدوى الاقتصادية من تسيير رحلاتها إلى لبنان. وكذلك سيدرس لبنان خارطة الدول التي سيسمح بقدوم الرحلات منها”.

حسابياً، لا جدوى كبيرة من فتح المطار. بل على العكس ستخسر خزينة الدولة الكثير. لكن الأمور في هذه الظروف الاستثنائية لا تُحسب دائماً وفق منظور الربح والخسارة. فالمطلوب اليوم فتح متنفَّس للبلد والمواطنين بغض النظر عن التكلفة المادية، وهذا إجراء متّبع في كل دول العالم، حيث الاتجاه نحو فتح البلدان ووضع آليات تسمح بالعودة شبه الطبيعية للحركة، مع التقيد بالاجراءات الوقائية من فيروس كورونا. فلا يمكن البقاء في حالة اغلاق عالمية خوفاً من كورونا، حتى لو أدّى ذلك إلى ترتيب خسائر على الدولة وعلى الأفراد، الذين سيدفعون أسعاراً مضاعفة لقاء تذاكر السفر، ما يعني اقتصادياً تسجيل خسائر مادية.

أسعار الدولار والسلع

من ناحية أخرى، سيسمح فتح المطار جزئياً بادخال كميات من الدولارات، ومن المرجّح أن يرتفع سعر صرف الدولار، لأن من يملك الدولار يحدد أسعاراً خيالية تزيد أحياناً عن السعر المعمول به في السوق السوداء. وعند تحديد السعر الأعلى، يسلك جميع حاملي الدولار مسار السعر الأعلى، ليُعاد تحديد سعر جديد أكثر ارتفاعاً. وهكذا يزداد ارتفاع سعر الدولار بشكل شبه يومي.

أما عملية الاستهلاك، فقد تزيد قليلاً عمّا هي عليه اليوم، لكنها قد تساهم في الوقت عينه، في زيادة جشع التجّار بفعل زيادة الطلب على الاستهلاك، وبالتالي قد يُخفي التجار البضائع بهدف رفع أسعارها، بحجة زيادة الطلب. لكن هذا السيناريو قد يتحقق بنسبة ضئيلة، لأن الأموال الآتية لن تُصرَف كلّها، وانما سيحتفظ بها أصحابها، بغية الاستفادة من ارتفاع سعر الدولار مستقبلاً. فهذه العملية باتت قاعدة يتّبعها اللبنانيون.

سياحياً، لا يمكن التعويل على بعض المغتربين الآتين في الأصل وسط ظروف اقتصادية متردّية. ومَن يحمل بعض الدولارات، لن يصرفها في حركة سياحية محفوفة بخطر الاصابة بفيروس كورونا، بل سيعمد إلى إدخار الجزء الأكبر من أمواله، وصرف بعضها ضمن حركة استهلاك المواد الغذائية الاساسية. كما أن إقبال السياح العرب غير وارد، وفي حال قدوم بعضهم، فلن يكون بالمعدّل المطلوب لانعاش الحركة السياحية، بل ستكون الحركة فردية وضئيلة ولا جدوى منها. فرغم انهيار سعر الليرة، إلاّ أن الأسعار مرتفعة وتتحدّد وفق تقلّب سعر الدولار.

خطوة لا بد منها

معظم ما يُقال حول انعكاسات فتح المطار، لا يتعدّى التخمينات المبنية على واقع البلاد. وحدها الحكومة وقوى السلطة تحاول بث روح إيجابية مترافقة مع فتح المطار. لكن في الواقع، فإن نسبة الاصابة بفيروس كورونا سترتفع في لبنان، وهو ما جرى التماسه مع الرحلات السابقة. ناهيك أن الحركة عموماً قد لا تبلغ 10 في المئة، فهذه النسبة هي القدرة الاستيعابية التي سيتحضّر لها لبنان، لكنها قد لا تتحقق بالضرورة، لأن حركة المطار سترتكز بشكل أساسي على المغتربين اللبنانيين، وعلى بعض الأجانب المغادرين من لبنان.

وفي وقت لاحق، أشار وزير الأشغال العامة والنقل​ميشال نجار، إلى أن “​الرحلات​ التجارية ستبدأ في 1 تموز، في حين أن الرحلات السياحية ستبدأ في 24 تموز”، لافتاً إلى أنه “حددنا أننا في المرحلة الأولى سنستوعب 10 في المئة من الوافدين، وسنستقبل 2000 سائح بعد أن كنا نستقبل في فصل الصيف 20 ألف سائح”.

وأفاد نجار، بأنه “يجب أنه يكون هناك ​زجاج​ عازل أمام مكتب كل موظف، وسنراعي أيضاً المسافة بين الركاب والإجراءات الصحية المطلوب اعتمادها”، موضحاً أن “كل شخص يوجد في دولته فحص “PCR”، يجب أن يقوم بالفحص، فلا يمكنه الصعود إلى الطائرة إن كان مصاباً. كذلك يتوجب عليه إعادة الفحص في ​مطار بيروت​، ولا يوجد حجر بل بعد صدور نتيجة التحليل نقوم بالإجراءات اللازمة”.

كما نوه بأنه “في الدول التي لا يتوفر فيها فحص ” PCR” سيكون على الوافد إجراء الفحص هنا، ويعيد إجراؤه بعد 48 ساعة. ويكون فحص على حساب ​الحكومة​ وآخر على حسابه الخاص”.

إذاً، لا مفرّ من فتح المطار أسوة بدول العالم، لكن السؤال الأبرز هو كيفية تعاطي الدولة مع القادمين ومع تداعيات استئناف الرحلات، في المطار وخارجه. وإن كان التعامل واضحاً من الناحية الصحيّة، فإن تحضير الأرضية الجاذبة للأموال من الخارج، غير موجودة. فلا أحد سيغامر باستثمار قرش واحد في ظل الظروف الراهنة.

المصدر :المدن