توقعت أوساط نيابية بارزة، أن تتحوّل المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي إلى وجهة جديدة، غداة الإجتماع الرئاسي الثلاثي في قصر بعبدا الأسبوع الماضي، ودخول رئيس مجلس النواب نبيه بري على خط العمل الحكومي، وبالتالي، تدخل المجلس النيابي من خلال لجنة المال والموازنة النيابية في مسار المفاوضات، وبشكل خاص في عملية تحديد حجم الخسائر المقدّرة للقطاع المالي والمصرفي، في ظل الفروقات الكبيرة، والتي وصلت إلى مستوى الخمسين في المئة زيادة عن الأرقام الفعلية التي حدّدتها جمعية المصارف، ومن دون أن يتم الأخذ بها أو حتى مناقشتها.
وكشفت الأوساط النيابية نفسها، أن لجنة المال والموازنة قد انخرطت أخيراً في عملية نقاش مستفيض لكل التفاصيل المالية وأرقامها والمقاربات المعتمدة من قبل الحكومة من أجل تطوير الإقتصاد وتحفيز النمو والخروج من حال الإنهيار الداهمة.
ومن شأن هذا التحوّل النوعي في مسار عملية التفاوض، أن ينقل عملية المبادرة، أو أن يوسّع إطارها من الحكومة إلى مجلس النواب، علماً أن هذا الأمر كان ضرورياً، كما تضيف الأوساط النيابية، والتي تشير إلى تباين بدأ يظهر لدى أعضاء لجنة المال والموازنة بالنسبة للأرقام المعلنة، والتي جرى تبنّيها في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وذلك بصرف النظر عن الحملات التي انطلقت في الأيام القليلة الماضية، في سياق مواجهة صامتة كانت قد بدأتها الحكومة ضد كل الأطراف السياسية التي تعارض خطتها الإنقاذية، متّهمة إياها بأنها تعمل على هدر ودائع اللبنانيين، ومنع مجلس الوزراء من وضع حدّ للفساد والسمسرات والسرقات “المغطاة بقشرة السلطة”.
واستناداً إلى ما تحقّق حتى اليوم من تقدّم على صعيد القرار السياسي بتوحيد أرقام الخسائر المالية، ترى الأوساط النيابية نفسها، أن مشهد الوحدة في القرار على مستوى الرئاسات الثلاث إزاء معالجة ملف انهيار سعر صرف الليرة، قد شكّل الردّ المباشر والسريع والفاعل على “الإنقلاب” المالي الذي كان يجري التحضير له انطلاقاً من الشارع، ولكنها توضح أن هذا “الإنقلاب” يختلف عن “الإنقلاب” الذي نجحت الحكومة في تفاديه، وفي الوقت نفسه الأسبوع الماضي، وتحديداً يومي الخميس والجمعية الماضيين.
وتضيف الأوساط النيابية البارزة نفسها، أن المبادرة النيابية قد فتحت ثغرة ولو بسيطة في جدار الأزمة المالية، حيث تتوقّع أن تؤدي آلية النظر بإختلافات بين رؤية المصرف المركزي لحل الأزمة المالية، ورؤية الحكومة أو خطة التعافي، إلى تهدئة “عاصفة ارتفاع الدولار” في الأسواق الرسمية، كما في السوق السوداء على حدّ سواء، في ظل الضغط الرسمي على تثبيت سعر الصرف، وعلى تهدئة الطلب الناتج عن انعدام الثقة بالمعالجات الحكومية من جهة، والإجراءات المالية من جهة أخرى.
وفي هذا السياق، فهي تعتبر أن الكرة لم تعد في ملعب الحكومة، بل باتت في ملعب المجلس النيابي، حيث أن القرار بات مشتركاً بين الطرفين، بعدما بات جلياً أن الفريق الحكومي المفاوض، لم يتوصل إلى إقناع صندوق النقد، كما الكتل النيابية والرأي العام بخطته الإنقاذية.
“ليبانون ديبايت“