محافظ بيروت مروان عبود: سأكون معكم في الأيام الصعبة

استقبلت بلدة دوما، بدعوة من بلديتها ورعية الروم الاورثوذكس فيها، ابنها القاضي مروان عبود بعد تعيينه محافظا للعاصمة بيروت، ورفعت في البلدة وعند مداخل البلدات التي عبرها لافتات ثمنت مسيرته وصفاته.

ولدى وصوله استقبله الأهالي بالزغاريد وبالضيافة ونثر الأرز والورود، على وقع فرق الزفة والتصفيق وقرع أجراس الكنائس، قبل أن يتوجه الى كنيسة سيدة النياح حيث أقام الأرشمندريت أنطونيوس سعد صلاة على نيته، في حضور رئيس بلدية دوما أسد عيسى وفاعليات وعدد من الأهالي.

وبعد الصلاة ألقى سعد كلمة توجه فيها الى عبود بالقول: “عرفت فيك إيمان أمك السيدة الفاضلة نائلة يعقوب رحمها الله وإيمان آبائك وأجدادك. إيمانهم الحار الذي أورثوك إياه جعلك ابنا مطيعا للدعوة السماوية ومتبصرا في ما لله في دنياك. خصالك الحميدة أيها الأخ الحبيب تدل على إيمانك المستقيم. لم تنجرف في الشطارة اللبنانية كما يسميها المطران جورج خضر- أمده الرب الإله بمزيد من القداسة- بل بقيت محافظا على الأمانة الإنجيلية وثابتا على مبادئك، شامخا كالأرز الذي في لبنان. لم تلطخ ثوب العماد الذي ألبسك إياه المسيح من رحم كنيسته في دوما، لا بحب السلطة، ولا بحب المال، ولا بحب الرئاسة، ولا بالرشوة التي أصبحت ثقافة في عصرنا، وأسفاه. هذه كلها، كانت تركض إليك وأنت ترفضها محافظا على نضارة ذهنك ونقاوة قلبك وعاملا بالقانون الذي أنت مؤتمن عليه”.

أضاف: “رفعت الى رئاسة الهيئة العليا للتأديب، وقد تنازلت عن المنصب، لأنه وكما قلت لنا لم يرسلوا لك أي ملف، وها قد نظر السيد الرب من عليائه الى قلبك ورفعك الى منصب أجلى وارفع يا سعادة المحافظ، ونحن بدورنا ننظر اليك بعين واسعة وننتظر منك ان تبقى شاهدا على استقامة إيمانك واستقامة سيرتك حتى المنتهى”.

وختم: “دعائي لك في هذا اليوم ان يستمطر عليك ربنا روحه القدوس ليرشدك الى قول كلمة الحق، كما عرفناك، ووصيتي عليك أن تكون كشفيعك في المعمودية القديس جاورجيوس المظفر الذي قتل التنين على نهر بيروت، وأنت يا سعادة المحافظ أقتل التنين الغاش في نفوس الفاترين بسلاح الحق والعدل اللذين التقيا بشخص المسيح”.

ثم ألقى نائب رئيس بلدية دوما جوزيف خيرالله المعلوف كلمة قال فيها: “من ملاعب دوما إلى ساحة الوطن ومن قلب الضيعة الى قلب العاصمة. هكذا تنقل ابن دوما مروان عبود من ربوعها الى ربوع العدالة ومن تطبيق الشرائع إلى أم الشرائع بيروت. ومن رئاسة المحاكم والهيئات إلى ترؤس المحافظة الأولى في الوطن. في زمن البطالة والبطولات الزائفة والشح في الماديات والأخلاقيات تطالعنا المحافظة الأم ومحافظها الذي نحب ونقدر ونكرم، وفي عينيها تعب وعتب على أبناء الوطن المتألم في صدر هذا الشرق المحترق، وانتظار لمن يلملم الجراح ويعدل في الملفات ويعدل في المسارات. ألا أعطاك الله حكمة لتعدل ورحمة لتنتصر للمظلوم والفقير والمحق كما وعدت ورؤية لتسلم أفضل مما تسلمت. إذ تفتخر بك دوما الأم، تسلمك للوطن الأم لتكون منارة في العاصمة وتبقى منارة للبيت الذي أطلقك للعالم”.

من جهته قال عيسى: “سعادة المحافظ، من مدارسها المتواضعة أطلقتك دوما الى العالم الواسع، الى بيروت أم الشرائع والديانات، فارتقيت درجات التقدم دون استكبار، وتواضعت في القضاء لأنك على يقين بأن التواضع في القضاء أعظم من القضاء. من إخراج المسرحيات في نادي دوما ومطعم اسكلابيو، أطلقت باكرا مشاعر ذلك الطفل الذي كان يحلم بوطن كبير حيث العدالة والمساواة، فإنطلقت اليوم الى مسرح الوطن لعلك تقف بوجه المسرحيات والمؤامرات على هذا الشعب الجائع والوطن الجريح”.

أضاف: “اليوم سيجبرك موقعك الجديد على تعاطي السياسة من بابها العريض، والسياسة فن صعب في بلد من العالم الثالث، في بلد أصبح فيه الآخرون أولين، والمنافقون منتفعين، وهلم جر. اليوم أصبحت من الأوائل يا ريس، ولطالما كنت شاذا عن هذه القاعدة اللبنانية، ولطالما كنت خادما والرب ائتمنك على الكثير، حافظ على تواضعك المعهود، وابق كما كنت خادما لأبناء رعيتك الكبيرة ولبيروت الأبية وللبنانك الحبيب. كن عادلا كما كنت دوما، فليس من ثواب عند الرب أعظم من ثواب السلطان العادل والرجل المحسن لأن العدالة حجر زاوية الحضارة. كن عادلا بقوة كما كنت دوما لأن العدالة دون قوة عاجزة والقوة دون عدالة جائرة”.

ورد عبود بكلمة قال فيها: “ماذا أقول بعد كلام سيدنا المطران ورئيس البلدية؟ ماذا يمكن ان اقول بعد رؤيتي لوجوهكم التي تعبر عن قصص فرح وطفولة وحزن واعتزاز؟ تذكرت طفولتي عندما كنت في المدرسة احيانا أنجح وأخرى أفشل”.

أضاف: “اليوم عدت الى دوما، الى أرضها وترابها حيث أمي لأقول لها إني نجحت، وإن سألتموني ماذا فعلت حتى نجحت سأقول لقد حفظت تلاوة واحدة هي: القلب الخاشع المتواضع لا يذله الله. نجاحي وعملي كمحافظ لم يؤثر بي، أنا تأثرت بمحبتكم ووقوفكم الى جانبي اليوم”.

وتابع: “أشكر فخامة الرئيس ميشال عون الذي أحبني كابن له ورافقني دوما، وغبطة البطريرك يوحنا العاشر الذي باركني، وسيدنا المطران الياس عودة الذي اصطفاني وأحبني، ومجلس الوزراء الذي ثبت خطاي، ومعالي وزير الداخلية الذي رافقني كأخ له، وأخيرا الشكر الكبير لكم ولدعمكم، كما وأشكر رؤساء البلديات في جرود البترون وأقول اليوم أنا لكم جميعا، ليس لبلدتي دوما فقط، أنا لجميع أهلنا في مختلف المناطق، وأنا هنا لأكون بجانبكم ومعكم في الأيام الصعبة، وأعدكم انني سأكون بمثابة ابن وفي لكم وأخ مناصر لكم”.

وتسلم عبود هدايا تذكارية من عيسى وسعد وأهالي البلدة والرعايا وحركة الشبيبة الأورثوذكسية.

ثم ألقى الدكتور الياس ضومط قصيدة من وحي المناسبة، قبل أن يقام حفل كوكتيل في باحة الكنيسة.