“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني
يوماً بعد يوم يتأكد أن العراقيل أمام حكومة الرئيس حسّان دياب أصبحت بمثابة “متلازمة” لكن من دون الوصول إلى دليل حسّي حول الطرف الذي يُمكن أن تُنسب اليه هذه المُتلازمة، أكان “حزب الله” أو النائب جبران باسيل أو أي طرف أخر، من داخل أو خارج السلطة.
المُتلازمة هي مجموعة من العلامات والأعراض الطبيّة التي ترتبط ببعضها البعض، والكلمة مُشتّقة في الأصل من كلمة يونانية (sundromos) أي التزامن بحيث يظهر المرض بشكل متزامن مع بداية الأعراض.
هذا المعنى أو التوضيح لـ”المُتلازمة”، يأخذنا تلقائيّاً للأعراض التي ترافقت مع ولادة الحكومة العتيدة والصعوبات التي رافقتها من خلال الشروط التي وضعها المُشرفون على عمليّة الولادة نظراً للشروط التي كانت وُضعت على دياب، سواء لجهة شكل الحكومة او طبيعتها، أو حتّى الأسماء. وحتّى عبارة “إختصاصيين” كانت مُجرّد عملية التفاف، لتمرير صفقة التأليف بعدما كانت لامست حدّ الإنهيار.
منذ خروج حكومة دياب إلى النور في الواحد والعشرين من كانون الثاني الماضي وحتّى اليوم لم يُعثر لها على إنجازات، رغم تخطيه حاجز “المحاسبة” الذي كان وضعه لنفسه. وحتّى اليوم، تُصرّ الحكومة على خسارة ما تبقّى لديها من مصداقيّة، إن في الداخل لجهة الأزمات التي لا تُعد ولا تُحصى، أو بما يتعلّق بعلاقاتها مع الخارج لدرجة أصبحت كاللقيط، غير المًعترف به وبالتالي المطلوب منه، الخضوع لتحليلات مخبريّة تُثبت نسبه، أو الخضوع للإملاءات حتّى ولو كانت تتعارض مع مصالحها، او مصالح شعبها.
المًشكلة أن الرئيس دياب، عيّب على الرئيس سعد الحريري في أوّل خطاب له بعد تسلّمه رئاسة المجلس من دون ان يُسميه بقوله، “لقد تسلّمنا الحكم، والبلدْ يغرق بسرعة قياسية. فهل كان بإمكان أيّ حكومة أن توقف هذا الانهيار الدراماتيكي؟ هل يمكن وقف الانهيار من قبل الذين تسببوا به ثم تركوه لحظة السقوط؟”. اليوم وبعد مرور خمسة أشهر تقريباً على استلامه منصب سلفه، هل يُمكن أن يذكر للبنانيين الإنجازات التي حقّقها، وهل يُمكنه التهرّب أو التنصّل من صفقة التعيينات التي أبرمها خلال اليومين المنصرمين، طمعاً في الإستمرار بمنصبه!.
اليوم وصلت البلاد بمعيّة هذه الحكومة إلى شفير الهاوية من خلال الإفلاس المُتعدّد الجوانب الذي يعود الفضل فيه للسياسة المُبهمة التي تتبعها والتي تسير بها وفقاً لقاعدة “على ما يقدّر الله”، مع العلم أن مصلحة الحكومة ومصلحة اللبنانيين تكمن في إعادة صياغة العلاقة بين الدولة والناس، إلّا أن ما نراه اليوم هو أشبه بقطيعة بين هذين المكوّنين، وخصوصاً في ظل الفقر المُخيف الذي يُهيمن على الشعب بأكمله.
المؤكد أن في تحميل رئيس الجمهوريّة ميشال عون أمس، مسؤولية التداعيات الحاصلة أبرزها الأزمة المالية والإقتصادية، لكل من الحكومة ومصرف لبنان، كلام خطير يتخطّى حدود اللوم أو حتّى الإتهام السياسي. المرحلة المُقبلة سوف تحمل الكثير من الصعوبات والأزمات المُستعصية، وقد يجد أهل الحكم أنفسهم وسط مركب تتقاذفه الأمواج، و”الشاطر بشطارته”.
اليوم ثمّة معطى داخلي وخارجي أن لبنان لم يعد دولة مؤسّسات، إنّما منظومة قائمة على المصالح بين السياسيين ومجموعة احزاب وتيّارات تتحّكم بمصيره ومساره. المناصب الرئاسيّة تحوّلت إلى بروتكول الهدف منها حماية المكتسبات والمصالح الطائفيّة والمذهبيّة. والحقيقة أن ما يُسمّى بلبنان لم يعد موجوداً سوى في الكتب أو المُخيّلات، فهناك دويلات استوطنت البلاد وحلّت المحسوبيّات في الإدارات وتوزّعت الأزلام على المناصب. أمّا ما تبقّى من قطعة الجبن، فقد تُركت اللبنانيين ليتلهّون بها في زمن القحط.