طريق الإصلاح لا تمر بسلعاتا!

ليست الحكومة الراهنة في أفضل أحوالها. هي لم تكن كذلك يوماً. منذ لحظة ولادتها وإعلان تشكيلتها، تبيّن للرأي العام اللبناني أن التوصيف الذي أطلقه عليها رئيسها بأنها حكومة تضم “أصحاب الإختصاص من المستقلين” تحطّم عند أول استحقاق، وعاد الوزراء “المستقلون” إلى مرجعياتهم السياسية (والدينية في بعض الأحيان) واتّضح الفرز السياسي في موازين القوى داخل تركيبها، ناهيك طبعاً عن أن لا أحد من “أصحاب الإختصاص” أو “التكنوقراط” قد أُجلس في المقعد الوزاري الذي يتلاءم مع خبرته واختصاصه!المسألة لا تتصل بـ “شيطنة” الحكومة أو تحميلها وزر “التركة الثقيلة” (وكم هو ثقيل هذا التعبير لأنه يعكس ثقافة “النق” بدل ثقافة الإنتاجية والعمل)، ولا تتصل حتماً بالانتقاص من خبرة أو تجربة أي وزير من الوزراء على المستوى الشخصي أو الخاص؛ إنها تتصل بالمسؤوليات التي يفترض أن تضطلع بها الحكومة في لحظة بالغة التعقيد والحساسية لا سيما على الصعيد الإقتصادي والمالي والنقدي.من الأمثلة الساطعة على ذلك أن لبنان عجز عن تقديم مؤشرات وأرقام موحدة في تفاوضه مع صندوق النقد الدولي! والفارق بين أرقام الجهات المختصة يقدر بالمليارات وليس حتى بالملايين! فكيف سيثق المجتمع الدولي بلبنان ويمنحه التسهيلات اللازمة لانقاذه من كبوته؟ وما هي التبريرات التي يمكن أن تُقدّم لهيئات التمويل الدولية إزاء التأخير المتمادي في إطلاق الإصلاحات الضرورية والملزمة قبل توقع ورود أي مساعدات منتظرة؟يُذكّر تراجع مجلس الوزراء بين الجلسة والأخرى عن قرار يتعلق بإنشاء معمل سلعاتا بما حصل في أوج حقبة الوصاية السورية في عهد الرئيس السابق إميل لحود، عندما أُجبر المجلس النيابي اللبناني برمته على التراجع عن تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية في غضون أسبوع واحد، مما أدى آنذاك إلى تحقيق هدف مزدوج: الأول إحكام القبضة السورية على المفاصل القضائية والأمنية في لبنان، والثاني تجديد التأكيد لمختلف مكونات المجتمع السياسي اللبناني أن دمشق هي صاحبة الأمر والنهي في كل ما يتعلق بالقضايا الداخلية اللبنانية، وقطع الطريق أمام أي اتجاهات إستقلالية جدية.الحكومة الحالية أعادت الكرّة، وإذ تغير عدد من اللاعبين، ولكنه الأسلوب نفسه. البعض يفاخر أن “سلعاتا” أصبحت ممراً الزامياً لأي خطة كهربائية، ورفع شعار “طريق خطة الكهرباء تمر من سلعاتا”، بينما الأدق والأصح أن “طريق الإصلاح لا تمر في سلعاتا!”. إذ كيف يمكن تبرير التمسك بإنشاء معمل كهربائي أثبتت كل الدراسات الإقتصادية والمالية والهندسية والفنية أن لا جدوى منه، وأنه سيكبّد الخزينة خسائر مالية هائلة تضاف إليها محطات التغويز الثلاث التي تصر وزارة الطاقة على تشييدها قبل سنوات من اكتشاف الغاز المراد تسييله! (ملاحظة غير هامشية: مصر تملك محطة تغويز واحدة!).

خلاصة الأمر، لسنا أمام حكومة لا تحكم، بل نحن أمام حكومة إذا حكمت أخطأت الحكم والتقدير، وإذا عيّنت إختارت الأضعف كفاءة والأكثر استزلاماً، وإذا خططت إنتقت الأكثر كلفة والأقل إستدامة!

ختاماً، نحن أمام حكومة تحركها أيادٍ غير خفية، تضع لها جداول أعمالها: الثلثاء في السراي برنامج عمل بسيط، متواضع ببنود غير خلافية، أما الخميس ففي قصر بعبدا حيث البنود الساخنة و”الدسمة” من التعيينات إلى سلعاتا إلى ما عداها من عناوين تثير شهوة البعض التي لا تنتهي ولا تكتفي!ليست الحكومة الراهنة في أفضل أحوالها. هي لم تكن كذلك يوماً.

منذ لحظة ولادتها وإعلان تشكيلتها، تبيّن للرأي العام اللبناني أن التوصيف الذي أطلقه عليها رئيسها بأنها حكومة تضم “أصحاب الإختصاص من المستقلين” تحطّم عند أول استحقاق، وعاد الوزراء “المستقلون” إلى مرجعياتهم السياسية (والدينية في بعض الأحيان) واتّضح الفرز السياسي في موازين القوى داخل تركيبها، ناهيك طبعاً عن أن لا أحد من “أصحاب الإختصاص” أو “التكنوقراط” قد أُجلس في المقعد الوزاري الذي يتلاءم مع خبرته واختصاصه!المسألة لا تتصل بـ “شيطنة” الحكومة أو تحميلها وزر “التركة الثقيلة” (وكم هو ثقيل هذا التعبير لأنه يعكس ثقافة “النق” بدل ثقافة الإنتاجية والعمل)، ولا تتصل حتماً بالانتقاص من خبرة أو تجربة أي وزير من الوزراء على المستوى الشخصي أو الخاص؛ إنها تتصل بالمسؤوليات التي يفترض أن تضطلع بها الحكومة في لحظة بالغة التعقيد والحساسية لا سيما على الصعيد الإقتصادي والمالي والنقدي.من الأمثلة الساطعة على ذلك أن لبنان عجز عن تقديم مؤشرات وأرقام موحدة في تفاوضه مع صندوق النقد الدولي!

والفارق بين أرقام الجهات المختصة يقدر بالمليارات وليس حتى بالملايين! فكيف سيثق المجتمع الدولي بلبنان ويمنحه التسهيلات اللازمة لانقاذه من كبوته؟ وما هي التبريرات التي يمكن أن تُقدّم لهيئات التمويل الدولية إزاء التأخير المتمادي في إطلاق الإصلاحات الضرورية والملزمة قبل توقع ورود أي مساعدات منتظرة؟

يُذكّر تراجع مجلس الوزراء بين الجلسة والأخرى عن قرار يتعلق بإنشاء معمل سلعاتا بما حصل في أوج حقبة الوصاية السورية في عهد الرئيس السابق إميل لحود، عندما أُجبر المجلس النيابي اللبناني برمته على التراجع عن تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية في غضون أسبوع واحد، مما أدى آنذاك إلى تحقيق هدف مزدوج: الأول إحكام القبضة السورية على المفاصل القضائية والأمنية في لبنان، والثاني تجديد التأكيد لمختلف مكونات المجتمع السياسي اللبناني أن دمشق هي صاحبة الأمر والنهي في كل ما يتعلق بالقضايا الداخلية اللبنانية، وقطع الطريق أمام أي اتجاهات إستقلالية جدية.الحكومة الحالية أعادت الكرّة، وإذ تغير عدد من اللاعبين، ولكنه الأسلوب نفسه.

البعض يفاخر أن “سلعاتا” أصبحت ممراً الزامياً لأي خطة كهربائية، ورفع شعار “طريق خطة الكهرباء تمر من سلعاتا”، بينما الأدق والأصح أن “طريق الإصلاح لا تمر في سلعاتا!”.

إذ كيف يمكن تبرير التمسك بإنشاء معمل كهربائي أثبتت كل الدراسات الإقتصادية والمالية والهندسية والفنية أن لا جدوى منه، وأنه سيكبّد الخزينة خسائر مالية هائلة تضاف إليها محطات التغويز الثلاث التي تصر وزارة الطاقة على تشييدها قبل سنوات من اكتشاف الغاز المراد تسييله! (ملاحظة غير هامشية: مصر تملك محطة تغويز واحدة!).

خلاصة الأمر، لسنا أمام حكومة لا تحكم، بل نحن أمام حكومة إذا حكمت أخطأت الحكم والتقدير، وإذا عيّنت إختارت الأضعف كفاءة والأكثر استزلاماً، وإذا خططت إنتقت الأكثر كلفة والأقل إستدامة!

ختاماً، نحن أمام حكومة تحركها أيادٍ غير خفية، تضع لها جداول أعمالها: الثلثاء في السراي برنامج عمل بسيط، متواضع ببنود غير خلافية، أما الخميس ففي قصر بعبدا حيث البنود الساخنة و”الدسمة” من التعيينات إلى سلعاتا إلى ما عداها من عناوين تثير شهوة البعض التي لا تنتهي ولا تكتفي!

المصدر:”نداء الوطن