تحت سقف تحليق الدولار مجددًا فوق عتبة الـ 4200 انعقد اجتماع السراي يوم السبت بين رئيس الحكومة حسان دياب ووفد نقابة الصرافين بحضور وزاري ومشاركة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي لم يستجب في الأيام الماضية لطلب وفد النقابة بالاجتماع به قبل التوجّه الى السراي بحجّة “ضغط الشغل والتفاوض مع صندوق النقد الدولي”.
في الشكل وفي المضمون لم يكن مجرد تفصيل غياب نقيب الصيارفة محمود مراد ونائبه الياس سرور عن اجتماع السراي.
منطقيًا، الأمر لم يكن جائزًا مع بقاء ملف الصيارفة مفتوحًا مبدئيًا في جانبه القضائي، وبعد إخلاء سبيل مراد وشقيقه يحيى بكفالة مالية قدرها 15 مليون ليرة وسرور بكفالة بلغت 100 مليون ليرة، مع منع رامز مكتف من ممارسة مهنة الصيرفة.
الهزّة التي ضربت نقابة الصيارفة وانتهت برسم علامات استفهام حول دور الرئيس ونائبه بالتلاعب بسعر صرف الليرة، وتوقيف عدد ناهر الـ 40 من الصرافين الذين ختمت محالهم بالشمع الأحمر، سيكون لها تأثيرها المباشر على الانتخابات المرتقبة منتصف حزيران للهيئة الإدارية (النقيب ونائبه أمين السر وأمين الصندوق)، حيث يصار كل عامين الى إعادة تشكيل الهيئة الادارية، وانتخاب ستة أعضاء جدد.
يحصل ذلك في ظل سابقة لم تشهدها النقابة في تاريخها بوضع “جيش” من الصرافين (المرخصين وغير المرخصين) بمن فيهم رئيس النقابة ونائبه، اللذين كان يشاركا بحماسة في الاجتماعات مع رئيس الحكومة وحاكم مصرف لبنان في محاولة لتهدئة السوق، في قفص الاتهام بفتح “دكاكين” سرّية مع صرافين يشترون الدولارات لصالحهم في تلاعب خطير بسعر صرف الليرة يرتقى الى مستوى الجريمة العظمى التي تمسّ بالأمن القومي. فيما تطوّرت دائرة الشبهات لتشمل مدير العمليات النقدية في مصرف لبنان ومدير الخزانة في مصرف سوسيته جنرال.
مشهد مذهل لا يحصل على الأرجح سوى في لبنان. فضيحة تلاعب وقح وغير أخلاقي بسعر صرف الليرة تتخلّلها توقيفات من الوزن الثقيل واتهامات خطيرة تنتهي بـ “شاهد ما شفش حاجة”.
ضبضبة ولفلفة وسوق سوداء “ماشية” في ظل عجز مخزي عن تحديد المسؤوليات الجنائية عن هذه الجريمة الموصوفة. يكاد النائب جميل السيد يختصر الفضيحة بأربع كلمات ” قضاء بهدلة في دولة مسخرة”!
وفي الوقت الذي أقفل فيه سعر صرف الليرة يوم السبت على ارتفاع بلغ 4200 فإن “تفاهم السراي” يبدو رهينة لـ “حسن سلوك” اكثر من طرف منها وزارة الداخلية التي تعهّدت بلسان الوزير محمد فهمي التشدّد أكثر في ضبط السوق السوداء، وتوقيف “صرافي الشنطة” الذين ينتشرون كالفطر ويديرون عملياتهم المشبوهة بالخفاء أو عبر تطبيقات خادعة أو من خلال غروبات التسعيرة الفالتة. وقد أكد فهمي خلال الاجتماع أن “شعبة المعلومات” ستستمر في ملاحقة هؤلاء والإطباق عليهم في أوكارهم السرّية والمتنقلة بين الشوارع والمنازل والمحال التجارية.
وتفيد المعلومات، أن حاكم مصرف لبنان تعهّد خلال الاجتماع بوَضع المنصة الالكترونية بالتصرّف قبل يوم الأربعاء تاريخ فكّ إضراب الصرافين وستكون مهمّتها تمكين مصرف لبنان من الإطلاع على حركة السوق للتحكّم أكثر بعملية التدخل وضخّ العملة بعد قيام الصرافين والمصارف بإدخال عملياتهم المالية عبر المنصة من بيع وشراء ولأكثر من مرة خلال النهار.
ويؤكّد ممثل وفد النقابة محمود حلاوي لموقع “ليبانون ديبايت”، “ان تفاهمًا تمّ خلال الاجتماع على التزام الصيارفة التخفيض التدريجي لسعر صرف الليرة بسبب استحالة تطبيق التعميم الصادر عن مصرف لبنان دفعة واحدة بالتداول على أساس 3200 فيما السعر المتداول اليوم يلامس الـ 4200. هذه العملية تتطلّب وقتًا ويمكن بعد 15 يومًا الاجتماع مجددًا وتقييم الوضع باتجاه التخفيض نحو سعر الـ 3200″، مؤكدًا “أننا تعهدّنا عدم السماح لأي فرد أو مجموعة او مصرف او شركة لا علاقة لها بالاستيراد أن تشتري دولارات، ما يعني ترشيد بيع الدولار، وإبراز المستندات اللازمة التي تظهر سبب طلب الدولار”.
ويؤكد حلاوي “قناعتنا أن قوة السوق قائمة على العرض والطلب. لكننا نعيش وضعًا استثنائيًا ويمكن ان لا نستسلم لقاعدة البورصة راهنًا، في محاولة لايجاد صيغة استثنائية بظرف استثنائي، وهذا يتطلّب تضافر كافة الجهود للنجاح في مهمّة خفض سعر صرف الليرة وحماية الأمن الغذائي للبنانيين”.
في المقابل، يفترض أن تباشر المصارف بداية الأسبوع المقبل تطبيق تعميم حاكم مصرف لبنان الرقم 557 والذي نصّ على تمكين المصارف الطلب من مصرف لبنان تأمين العملات الأجنبية تلبية لحاجات مستوردي ومصنعي المواد الغذائية الأساسية والمواد الأولية التي تدخل في الصناعات الغذائية المحدّدة في لائحة تصدرها وزارة الاقتصاد وذلك على أساس سعر 3200 ليرة.
ويقول مطلعون “أن هذه الاجراءات إن مع فكّ إضراب الصيارفة أو تدخل المصارف، عبر مصرف لبنان، لدعم استيراد المواد الغذائية الأساسية، قد لا يكون الحلّ المطلوب لايقاف النزف في قيمة الليرة. فالسلّة “المدعومة” تساوي نحو 2أو 3% من مجمل قيمة الاستيراد، بينما الطلب الأوسع على الدولار يطال سلّة استيراد تتجاوز 13 مليار دولار، في ظل عجز واقعي عن تدخل مصرف لبنان لضخ الدولارات في السوق، ما يعني أن لا ضمانات لكبح جماح الدولار والأسبوع الأول من تطبيق الخطة قد يكون كفيلًا بتأكيد هذه الهواجس”.
المصدر:”ليبانون ديبايت”