كثّفت إسرائيل في الآونة الأخيرة من تهديداتها الموجّهة الى الساحة اللبنانية، التي جاءت بمعظمها عبر أحاديث منسوبة لـ”مصادر عسكرية إسرائيلية”. التهديدات التي لم تأت بجديد، كانت لافتة لجهة حجمها وكثرة وسائل الإعلام المستخدمة لإيصالها.
بعض رسائل التحذير والتهديد وردت عبر صحف، على شكل “رسالة أخيرة”، تحدّثت عن “ضرورة إغلاق مصانع الصواريخ التابعة لحزب الله في لبنان… وإلا”.
ومن بين هذه الرسائل الدراسة الصادرة عن معهد أتلانتيك التي أكدت أن مسألة الحرب المقبلة ببن إسرائيل وحزب الله “ليست مسألة إن كانت ستنشب، بل متى ستنشب”، مع الإشارة الى أن “أهم تطور طرأ على المعادلة البينية هو مشروع دقة الصواريخ لدى حزب الله، الذي يعدّ من ناحية إسرائيل التهديد الأكثر خطورة مباشرة بعد التهديد النووي الإيراني وأن تل أبيب ستعمل على الحؤول دونه، حتى وإن تسبب بحرب جديدة”.
وفي صحيفة يديعوت أحرونوت (20/05/2020)، أعيد التذكير بمستويات الحرب المقبلة وبطبيعتها البرية، التي ستكون مغايرة للحرب الماضية، فيما “يكشف” الناطق باسم الجيش الإسرائيلي عن تعزيز الجاهزية العسكرية في المنطقة الشمالية على جبهتَي سوريا ولبنان لمواجهة سيناريوات من التصعيد ونشوب حرب.
حديث المصانع و”مشروع الدقة” والحرب المقبلة و”ويلاتها” على لبنان، بات جزءاً اعتيادياً في سياق التهديدات الدورية الواردة من تل أبيب، ولا يبعد أن يكون تعبيراً عن ارتفاع منسوب القلق في إسرائيل من مستوى تعاظم قدرة حزب الله النوعية ووتيرة هذا التعاظم، وخاصة أنه محصّن ــــ إلى الآن ــــ من الاعتداءات الإسرائيلية المباشرة بموجب قواعد اشتباك بينية، فيما الخيارات الأخرى البديلة غير العسكرية تتطلّب الكثير من التهديدات الكلامية.
في السياق أيضاً، خصص مركز أبحاث الأمن القومي في تل أبيب مضمون نشرته الدورية “مباط عل”، حول إمكانات الاستفادة من الأزمة الاقتصادية اللبنانية بوصفها فرصة استراتيجية مؤاتية لفرض المصالح الإسرائيلية على لبنان، عبر مقايضة المساعدة الدولية التي يطلبها لبنان لمواجهة أزمته المالية، بإجراءات وسياسات وقواعد اشتباك جديدة، تؤمن لإسرائيل ما عجزت عنه في حربها عام 2006، مع استئناف “الطَّرق” على عامل الفتنة، ومحاولة تأليب الداخل اللبناني على المقاومة، بزعم أنها السبب المباشر للأزمة الاقتصادية، وهو ما يجد، للمفارقة، صدى وترديداً عبر أصوات لبنانية.
تَرِد في النشرة “لازمة” الحرب المقبلة وما يمكن أن يتسبب في نشوبها: “منذ عام 2006، تعاظمت قدرات حزب الله العسكرية، كماً ونوعاً ومدى، عشرة أضعاف عما كانت عليه عشية حرب لبنان الثانية.
والفرضية السائدة هي ان إسرائيل وحزب الله غير معنيين بنشوب حرب وهما مردوعان عنها، إلا أن أخطار التصعيد لم تختف، ومن بين محركاتها التي من شأنها التسبب بمواجهة، أن تقدم إسرائيل او أميركا على استهداف المشروع النووي الإيراني، أو شن هجوم إسرائيلي في الساحة اللبنانية، مثل ضربة تستهدف مشروع دقة الصواريخ، إضافة الى استهداف التمركز العسكري لحزب الله في سوريا وتعاظمه هناك، وكذلك التصعيد الذي يمكن أن ينشأ بناءً على حادث موضعي على طول الخط الأزرق بين إسرائيل ولبنان”.
ويرد في النشرة أن “الأنشطة العسكرية لحزب الله في جنوب لبنان عموماً وعلى طول الخط الأزرق خصوصاً، تحمل في طياتها خطر تصعيد مهم، تستوجب بذل جهود مدمجة ومتواصلة، لتخفيضها والحؤول دون ما قد تتسبب به”.
اللافت في النشرة هو التركيز على “الأزمة الاقتصادية العميقة في لبنان”، التي تزيد من حاجة حكومة بيروت وحزب الله لتلقي مساعدات دولية، الأمر الذي يعدّ رافعة ضغط لدى المجتمع الدولي كي يطالب لبنان بـ”خطوات تبعد الحرب”.
في موازاة ذلك، تؤكد النشرة وجوب “السعي الى توصيف المسؤولين اللبنانيين الكبار في الحكومة والأجهزة الأمنية والسلطات المحلية (البلديات)، أشخاصاً داعمين للإرهاب، مع فرض عقوبات عليهم طالما أنهم يساعدون حزب الله على استمرار نشاطه العسكري على طول الخط الأزرق“.
المصدر:”الأخبار“