إدارة الجامعة اللبنانية تعرّض لبنان لخطر تفشّي كورونا!

خلافًا للإجراء المتّبع في التعليم المدرسي بكافة مراحله لم تواكب الجامعة اللبنانية تطوّرات جائحة كورونا، حيث فضّلت إدارات كلّياتها دعوة الطلّاب للعودة إلى الجامعة في منتصف حزيران المقبل تمهيدًا لإجراء الإمتحانات في الأوّل من تمّوز.

خطوة اعترض عليها طلّاب الجامعة لما سيكون لها من خطورة عليهم في الدرجة الأولى ومن ثم عائلاتهم وكذلك الجسم التعليمي والإداري في الكليّات، لا سيما وأنّ مرحلة القضاء على الكورونا بشكل نهائي لن يدخلها لبنان عمّا قريب.

اعتراض الطلّاب يترافق مع القدرات المحدودة للكليّات، الأمر المعروف سلفًا، على تأمين التباعد الإجتماعي المطلوب وأيضًا لجهة الإمكانيات الضعيفة نسبيًا والتي تقف حائلًا بين فتح الصفوف وتعقيم مختلف أرجاء الكليات. تخوّف الطلاب المنطقي يعني أن أي خطأ أو تساهل في جامعة يرتادها الآلاف من كل المناطق قد يؤدّي إلى كارثة وطنية غير محسوبة المخاطر من قبل رئيس الجامعة ومجالس إدارات كليّاتها، فهل ستُفتح الجامعة بالفعل؟

بعد اجتماع مجالس ادارات الكليّات يوم أمس تقرر بالفعل دعوة الطلّاب الذين لم يتمكنوا من متابعة الدروس الإلكترونية كما يجب للحضور إلى الجامعة في 15 حزيران المقبل وحتى الثلاثين منه، وذلك لمتابعة دروس تقوية مع أساتذة المواد المقررة لهم، على أن كل يخضع كل الطلاب لإمتحانات الفصل الثاني ابتداء من الأوّل من تموز في مختلف الكليات ومباني العمادة لطلاب الماستر.

أكاديميًا، لم تدرك إدارة الجامعة أنّ فترة الـ 15 يومًا الممنوحة للطلاب لتعويض كل ما ينقصهم هي فترة غير كافية بتاتًا، لا سيّما وأنّ عدد كبير منهم كان متواجدًا طيلة فترة التعبئة العامة في القرى والمناطق النائية، حيث لم يتوفر الوصول السليم إلى الإنترنت، عوضًا عن أن كثير من طلاب اللبنانية لا يملكون لابتوب ليتابعون عليه الدروس نظرًا لظروفهم المادية الدقيقة، فهل تنوي إدارة الجامعة امتحانهم خطّيًا بمادةٍ تلقوها عبر الهاتف المحمول؟!

أمّا إجرائيًا، فلم تلحظ إدارة الجامعة في قرارها نقطتين أساسيين، الأولى هي الطلاب المسافرين والذين احتجزوا خارج لبنان لدى دول اقامة أهاليهم، وباتت عودتهم إلى البلاد صعبة نوعًما كونهم لم يدرجوا ضمن لوائح الأولوية في الإجلاء من قبل الحكومة لحيازتهم على إقامات في تلك الدول، ومن تسمح له وضعيته القانونية بالعودة فعليه تكبّد مصاريف طائلة ثمن بطاقة السفر بالدولار، وهو تلميذ بجامعة شبه مجانية! أيُعقل ذلك؟!

هنا قد يكون رد الإدارة، التي لم تجب على محاولات الإستفسار، أن عدد الذين سافروا خارج البلاد قليل جدًا مقارنة بعدد الموجودين، وبالتالي لا يمكن مراعاتهم في هذا الإطار. حسنًا، ماذا عن الذين يقيمون بمناطق يحتاج انتقالهم منها إلى مراكز الإمتحانات في الجامعة إلى وسيلة نقل.كيف سيصل أصحاب السيارات ذات اللوحات المفردة إلى قاعات إمتحاناتهم في يوم يُسمح فيه فقط للسيارات ذات اللوحات المزدوجة في التنقّل؟ أستدفع إدارة الكلية 50 ألفًا عن كل طالب يُحرّر بحقه محضر سير؟

لا علينا، ففي حال تكبّدت طالبة الماستر في علم النفس الطرابلسية الحضور إلى مبنى العمادة في الدكوانة سيرًا على الأقدام، ولو أمّنت زميلتها هيليكوبتر تقلّها من الهرمل، من سيضمن لهما ولباقي الطلاب اجراء سليمًا للإمتحانات؟

عادة ما يشتكي طلاب كليّات الجامعة من عدم توفّر مقاعد لهم في الصفوف لحضور المحاضرات، فيحضر البعض واقفً بعد أن يكون آخر قد حضر قبل ساعة من موعد المحاضرة ليحجز مكانًا لائقًا يصله فيه صوت “الدكتور” وكذلك الأوكسيجين. كيف ستنظم إدارة الكليّات التباعد بين الطلاب في ظل مشكلة الإكتظاظ هذه؟

عوضًا عن ذلك، وفي حال هطلت الميزانيات الضخمة على إدارة الجامعة واستأجرت قاعات الفنادق، كيف ستفرض على الطلاب استخدام الكمامات لساعتين وربما أكثر بحسب كل مادة مقررة؟ هل يعلمون أنّ استخدام الكمامة لوقت طويل يحد من تدفّق الأوكسيجين وبالتالي سيفتقر الطالب الممتحن إلى ظروف سليمة وملائمة له للتفكير والكتابة والإبتكار ربّما؟

وماذا عن الطلاب الذين يعانون من أمراض مزمنة كالربو، هل ستعرّض حياتهم هم أيضًا إلى الخطر؟
كل هذا لم تحسبه إدارة الجامعة الأقل تطوّرًا في لبنان، كما لم يأت على بالها أن أسلوب التقييم المستمر كالأبحاث والحضور وسواهما قد يكون بديلًا صحّيًا ومهنيًا في آن؟ لماذا تعريض الطلاب والأساتذة والمعلمين لهذا الخطر؟

اجراء الإمتحانات في تموز يوقع أيضًا إدارة الجامعة في مشكلة جديدة، فطلاب السنة الثانية من الماستر، والذين لن يعودوا إلى الجامعة بعد ذلك، تطالبهم إدارة الجامعة بتسليم رسائلهم في أيلول المقبل، هل ستمدد تلك المهل أم سيكون هؤلاء أمام إلزامية تسجيل سنة جديدة ودفع رسوم جديدة لقاء تعويض ما قصّرت بها جامعتهم تجاهه؟

يكشف مصدر من مجالس إدارات الفروع أن الإستماتة التي أظهرتها إدارة الكليّات فيما خص دعوة الطلاب إلى الجامعة اللبنانية لم تكن بسبب الدافع نحو امتحان فعلي للطالب، بل بسبب بدل الحضور والمراقبة والتصحيح، مع العلم أن عدد من الأساتذة يرفض مبدأ إجراء الإمتحانات من أساسه، ولم يُعلم حتى الساعة ما اذا كان سيشارك في التصحيح من عدمه.

إن نص المادة 604 عقوبات، واضح وصريح من ناحية اخذ قرار قد يسبب أي أذى، ويقول “من تسبب عن قلة احتراز او اهمال او عدم مراعاة للقوانين او الانظمة في انتشار مرض وبائي من امراض الانسان عوقب بغرامة تراوح بين خمس وعشرين ومئتي ليرة، واذا اقدم الفاعل على فعله وهو عالم بالامر من غير ان يقصد موت احد عوقب بالحبس من سنة الى ثلاث سنوات فضلا عن الغرامة.”
ففي زمن مكافحة الفساد، هل ستجرؤ إدارة الجامعة اللبنانية على تعريض البلاد لخطر تفشي الوباء إنطلاقًا من الصرح التربوي العلمي الأكبر فيها؟
الرهان اليوم على وعي وزير التربية والحكومة لسحب القرار من إدارة الجامعة، تقول مصادر الطلاب.

المصدر:”ليبانون ديبايت