في الوقت الذي قفزت فيه إجراءات مكافحة الفساد إلى واجهة الأحداث مع التصعيد المتوالي في المواقف السياسية ضد الواقع السياسي والإقتصادي والمالي والإداري القائم، تحدّثت مجموعات في الحراك المدني عن تواصل يجري في الكواليس الشعبية ما بين مكوّنات ثورة 17 تشرين الأول الماضي، من أجل إعادة تجديد الحركة الشعبية في الشارع ضد كل القوى السياسية من ضمن معادلة الحكم الحالية، وذلك بعدما أتت “الإدانة” على لسان أطراف سياسية، وليس من قبل المنتفضين أو هيئات المجتمع المدني التي دأبت على التصويب على مكامن الهدر والفساد، ولكن من دون تسجيل أي تحرّكات فعلية في اتجاه الحد من عمليات الفساد الجارية.
وتكشف إحدى مجموعات هذا الحراك، عن غليان كبير في الشارع وهو يتفاقم يوماً بعد يوم، وقد وصل إلى مرحلة الإنفجار، ولكن الخشية من انتشار فيروس “كورونا” وقرار التعبئة العامة والحجر الشامل الذي بدأت الحكومة تطبيقه منذ مساء يوم الأربعاء الماضي، هي السبب وراء عدم عودة التظاهرات إلى الشارع، خصوصاً وأن الحركة الإعتراضية باتجاه العديد من المؤسّسات والإدارات الرسمية مثل مؤسّسة الضمان الإجتماعي و وزارة الإقتصاد ومؤسّسات أخرى، لم تتوقّف إلا في الأيام القليلة الماضية.
وعلى الرغم من خطة الحكومة الإنقاذية ومن عمليات المحاسبة والملاحقة التي انطلقت في أكثر من ملف تدور حوله شبهات الفساد بشكل خاص، فإن مجموعات الحراك لا تزال تعتبر أن كل الخطوات المقرّرة والمنفّذة إلى اليوم، لا تزال دون مستوى الأهداف التي رسمتها انتفاضة 17 آذار، وأبرزها تكريس رؤية جديدة للحكم والسلطة تسمح فعلياً بإنقاذ اللبنانيين من الإنهيار الذي أصاب البلاد من جهة، وتؤدي إلى إعادة بناء الوطن بكل مؤسّساته كما يطمح إليه الشباب اللبناني من جهة أخرى.
ولذا، فإن أسباب الحراك في 17 تشرين الأول الماضي ما زالت قائمة، وقد أضيفت إليها أزمات خطيرة جداً وأبرزها أزمة الجوع، إذ توضح مصادر في الحراك أن سعر الدولار بات يستدعي ثورة جديدة، والإتهامات السياسية المتبادلة بالمسؤولية عن الفساد تستدعي أيضاً عودة الثورة والقرارات الحكومة التي تنذر بالمزيد من الضرائب على المواطنين تشكّل مقدّمة للثورة، وذلك، من دون إهمال الوقع الإقتصادي والإجتماعي الجديد الذي سينتج عن الخطة الحكومية التي تواجَه بالإنتقاد الشديد من قبل غالبية الأطراف السياسية، وتحديداً الكتل النيابية التي تستعد لإدخال تعديلات جذرية عليها في مجلس النواب، في ضوء الملاحظات التي سُجّلت عليها منذ اليوم الأول لإعلانها.
وتخلص هذه المصادر، إلى الإشارة بأن هواجس اللبنانيين تتفاقم يوماً بعد يوم من تداعيات شديدة السلبية تتهدّد الوضع القائم، على الرغم من كل محاولات المعالجة الجارية، ومن شأن هذا الواقع وحده أن يؤسّس لإعادة التعبئة الشعبية على مستوى الشارع، والإنطلاق مجدّداً نحو رفع الصوت عالياً لإحداث التغيير المنشود، وذلك بصرف النظر عن كل الأصوات السياسية التي ارتفعت في الأيام الماضية، وكان لكل منها عنواناً معيناً.
المصدر:”ليبانون ديبايت“