هناك “شروط” لتثبيت “سعر الصرف” ؟!

تحت عنوان تثبيت سعر الصرف لا يتم بمرسوم أو قانون، كتبت ناريمان شلالا في “الجمهورية”: تدهور سعر صرف العملة المحلّية لأوّل مرّة منذ 22 عاماً، دفع بمصرف لبنان إلى إصدار تعميم تلو الآخر ليمتصّ الدولار من السوق والحدّ من الطلب عليه، فما هي شروط تثبيت سعر الصرف؟ الخبير في الأسواق المالية دان قزّي حدّد في لقاء مع “الجمهورية” المسؤوليّات في أداء الحكومة و مصرف لبنان  والمصارف والصرّافين.

• برأيك، هل قرار المصرف المركزي الأخير والذي طلب بموجبه من المصارف تسديد السحوبات الدولارية لأصحاب الودائع التي تفوق قيمتها ثلاثة آلاف دولار، فتح الباب أمام المصارف لتمارس قيودها على عملائها من خلال أخذ تواقيعهم على ورقة شروط عند عمليّة السحب؟
– “لا أعتقد أنّ مصرف لبنان هو من يشجّع أو يحبّذ أخذ تواقيع المودعين من قبل المصارف، بل انّ المصارف تسعى لتعزيز أوضاعها القانونية تجاه عملائها وتستغل حاجتهم لسحب أموالهم بسعر يتخطّى الثلاثة آلاف ليرة للدولار الواحد بدلاً من الـ 1500″.

• الى أي حد المصارف اليوم بعيدة عن الإفلاس؟ وكيف تقوم بترتيب أمورها؟
– “حجز المصارف على الأموال يعني أنّها ليست في أحسن أحوالها، ولكن هذا لا يعني الإفلاس. هناك طرق عديدة قد توصل المصارف إلى الإفلاس من ضمنها احتمال إصدار تعاميم من قبل مصرف لبنان تُجبر المصارف على تحمّل خسائر القروض التي لا تُسدّد بحسب قوانين المحاسبة العالمية، غير أنّ هذا الأمر لم يحصل.
من هذا المنطلق يُمكن للمصارف أن تستمر بعيدة عن الإفلاس، لا سيما في ظل «الكابيتال كونترول» الذي لا يظهر الواقع كما هو. ولكننا سنشهد على تقليص لعدد المصارف وعلى عمليّات دمج وغيرها…”.

• هناك نقمة شعبية على المصارف هل يمكن تحديد مسؤولية المصارف في التدهور الاقتصادي الذي نعيشه اليوم؟
– “المصارف لا تتحمّل كل المسؤوليّة في هذا الإطار، ولكن لا يُمكنها أن تستمر بالتغاضي عن أخطائها بل عليها الاعتراف بالخطأ والذنب كخطوة أولى للحدّ من ازدياد النقمة الشعبية، وبعدها نحاول معاً تصحيح الوضع المصرفي”.

• إنّ تسليم التحاويل المالية الدولارية بالليرة اللبنانية، كان بهدف الحدّ من وصول الدولارات الى أيدي الصرافين. فعليّاً، ما الذي يفعله الصرّافون بالدولارات؟

– “الصرّافون باعوا واشتروا وخلقوا سوقاً للدولار الورقي. إنّ تسليم التحاويل المالية الدولارية بالليرة اللبنانية، قرار اتخذه مصرف لبنان في العام الماضي، ولكن سرعان ما رجع عنه حينها، لأنّه أوقف التحاويل المالية لدى الصرّافين إلى حدّ كبير غير أنّ الأموال كانت ترسل عن طريق المسافرين. لذا، أعتقد أنّ مصرف لبنان يستغل إقفال المطار بسبب أزمة كورونا، ويحتفظ بالدولارات المحوّلة، ويضع حداً لحركة العرض والطلب لكنّه يدفع بالسوق إلى السوق السوداء أي إلى خارج سيطرة الصرّافين المرخصين”.

• هل اتخذ القرار بمحاولة السيطرة على سعر صرف الدولار؟ وما هي شروط استقرار سعر الصرف؟

– «لا يمكن تثبيت سعر صرف الدولار من خلال مرسوم أو قانون أو من خلال سجن البعض. الطريقة الوحيدة لتثبيت سعر الصرف هي عن طريق ضخّ الدولارات من احتياطي مصرف لبنان. ما يفسّر العجز عن تثبيت سعر الصرف على 1507.5 هو انخفاض الإحتياطي إلى ما يقل عن الـ 20 مليار دولار وعدم قدرته على دعم الواردات، كما لا يمكن تثبيت سعر الصرف على 3200 ليرة لأنّ مصرف لبنان سيضطر الى شرائه بهذا السعر.

ما يكفل استقرار سعر صرف الدولار هو التوازن بين الدولارات التي تدخل البلد والدولارات التي تخرج منه. مثلاً، أن تتساوى الدولارات المتدفقة من أموال المغتربين مع الدولارات التي تدفع لتغطية الاستيراد، مع ضرورة اتخاذ إجراءات تحدّ من الاستيراد كرفع الدعم عن الوقود وغيرها… حينها يمكن لليرة أن تثبّت نفسها بنفسها حتّى من دون تدخل مصرف لبنان».

• ما هي احتمالات إقالة حاكم المركزي من منصبه؟ وما رأيك بالموضوع؟

– «إنّ القانون اللبناني يحصّن منصب الحاكم إلى حدّ كبير وليس من السهل إصدار الإقالة من دون سبب وجيه جداً، ولكن طلب الحكومة بالمزيد من الشفافية في أداء مصرف لبنان هو طلب طبيعي ومبرّر، فقد بات من الضروري الكشف وبدقّة عن قيمة الاحتياطي، نظراً لصعوبة الوضع الذي وصلنا إليه إنطلاقاً من التعثّر في دفع سندات اليوروبوندز وصولاً إلى ارتفاع سعر صرف الدولار لأوّل مرّة منذ أكثر من 22 سنة».

• كيف تقيّم برنامج الاصلاح الحكومي وهل هو بمثابة خطة اقتصادية سياسية إنقاذية متكاملة؟

– «إنّ خطّة الحكومة مهمّة؛ شَخّصت المرض بشجاعة وبالأرقام ووجّهت الانتقادات بجرأة للمنظومة اللبنانية وللاقتصاد الريعي وغيرها من المشاكل الواجب إصلاحها. وقد أُخضعت إلى تعديلات وصولاً إلى صيغتها النهائية، وذلك بسبب بعض المصالح وبعض الضغوطات التي مورست… ولكن برأيي إنّ وجود خطة جيّدة اليوم أفضل من خطة كاملة بعد ستة أشهر أو سبعة».

المصدر:”الجمهورية