تفشّى فيروس “كورونا” في عكّار، وما كان يجري التحسّب منه، حصل وانتهى. على مدى فترة الأزمة كلها، بدت الأمور “الكورونية” في عكّار تحت السيطرة، لكنّ هذه السيطرة هي برعاية الله، وليست بجهود الحكومة، أو المعنيين بالملف!
عدّاد الإصابات في عكّار الذي استقرّ عند 27 حالة لأيام عدة، وتماثل عدد منها إلى الشفاء وعدم ظهور حالات جديدة، جعل الناس تتصرّف وكأنّ الأمور لم تخرج عن نطاق المزحة لا أكثر، أو بالأحرى “كذبة”. خرقوا التعبئة العامة التي لم يلتزموا بها من الأصل، وبدت عكار، بقراها وبلداتها وشوارعها وساحاتها، أشبه بها باليوم الذي يسبق العيد.
حركة لا تهدأ ومن دون التزام شروط السلامة، لا سيما الكمّامات والقفّازات وغيرها. يكفي جولة في ساحتي حلبا أو العبدة، أو في بلدات: ببنين- برقايل – مشمش – فنيدق، أو نظرة على مدخل فرع مصرف، أو مرور صغير أمام أحد المحلات التجارية كمحل أيمن الإستهلاكي في العبدة، لكي ترى الزحمة وحركة البشر، لقد أصبحت “كورونا” شيئاً من الماضي، لم تعد موجودة إلا في مخيّلة حمد حسن وزير الصحة.
القوى الأمنية لم تعد تتحرّك على خط فرض التعبئة العامة كما كانت في السابق، ولا حتى على صعيد تطبيق قرار “مفرد – مزدوج”، وحتى عندما كانت تنزل إلى الأرض وتقيم الحواجز، فكانت لدقائق يتم خلالها التقاط الصور وتوزيعها على وسائل التواصل الإجتماعي لكي يُقال بأن الأجهزة الأمنية تقوم بواجباتها وتطبّق قرار وزير الداخلية والبلديات والسلام.. لكن، ويا للأسف، الوزير محمد فهمي “مش فهمان” أنّ الدولة وقواها الأمنية، حاضرة فقط عندما ينوي فقير ما بناء سقف بيت ليستر نفسه ويُكوّن عائلة!
هنا كل الدولة وسطوتها تظهر لتُقيم عليه الحدّ، وعدا ذلك “إنساي”. كل ذلك جيد والأمر كان “ماشي الحال” حتى موعد وصول المغتربين أو الطلاب الموجودين في دول العالم لا سيما في سيراليون ونيجيريا وقطر وغيرها.
لم يقم هؤلاء الأشخاص بحَجر أنفسهم، لا بل أكثر من ذلك، خالط البعض منهم الناس، وبدأت حركة الزيارات والتهاني والتبريكات على الطريقة العكارية و”الأهلا وسهلا باللي جاي”، حتى قفز عدّاد الإصابات المستقر منذ مدة وتخطّى الـ 50، حيث بدت جهود كل المعنيين بهذا الملف، من بلديات وأمنيين ولجان وفِرق طبابة وغيرها، ليست أكثر من “بهورات” إعلامية، والمتابعة والتنسيق غائبان بالكامل.
فبدلَ أن يتمَّ حجر هؤلاء ومتابعتهم حتى النهاية، تُرِكوا يقومون بواجباتهم الإجتماعية وكأنهم في نزهة، حتى وقع المحظور، وبدأ المعنيون بإصدار البيانات و”سوف ولعلّ”.جديدة القيطع ورحبةمع وصول المغتربين، ظهرت الإصابات أولاً في بلدة رحبة، وعددها 4، الأمر الذي أعاد المخاوف من “كورونا” إلى الواجهة.
أما قرية جديدة القيطع، فعُدّت هي الأخرى في عداد القرى المنكوبة “كورونيا”، اثر تسجيل حوالى 20 إصابة في الأيام الأخيرة بعد إصابة أحد الأشخاص، وهو عسكري متقاعد ونقل العدوى إلى من خالطهم. في هذا الصدد تُوصف حركة مستشفى حلبا الحكومي، الذي خُصّص من وزارة الصحة بجهاز فحص PCR، بالضعيفة أو بالأحرى غير المتناسبة مع سرعة انتشار الوباء وعدد الإصابات، مقارنة مع مستشفيات أخرى مثل طرابلس وبشري الحكوميتين.
ولفت في هذا الصدد ما أورده ناشطون على وسائل التواصل الإجتماعي، بأن أشخاصاً قصدوا المستشفى المذكور لإجراء الفحوصات فأجيبوا بأن الجهاز معطّل، وقيل لآخرين: “سبت وأحد ما في فحوصات معطلين”.
كذلك وردت شكاوى تتحدث عن أن إجراء الفحوصات في حلبا الحكومي يجرى لأشخاص لديهم وساطات ومحسوبيات مع الإداريين المعنيين في المستشفى، بينما تجدر الإشارة إلى أن مستشفى حلبا الحكومي لم يقم بعد بأخذ أي عيّنات عشوائية، ويقتصر الأمر على فريق وزارة الصحة وتُعدّ حركته في عكار، بطيئة جداً.
وفي حين تزداد المخاوف حيال الأمر، خصوصاً وأن عدد المخالطين للمصابين المؤكّدين كبير، سيكون اليوم الإثنين حافلاً بالعديد من اللقاءات والإجتماعات على خط الأزمة، بعدما أدّى التراخي في الأيام الماضية إلى تفلّت الوباء، ويتم الحديث عن عزل قرى وبلدات لتطويق الإصابات والحدّ من انتشارها.
المصدر:”نداء الوطن”