مش بعيدة..بهاء في”الطريق الجديدة”!

لا “خبز” لِبهاء الحريري في لبنان. بإستثناء قلّة قليلة مستفيدة أو لـ “النكاية” تروّج للرجلِ وتدافعُ عن مهمّتِه المحتملة في انتشال اللبنانيين من قعر الهاوية، يكادُ بهاء يشكّل مادة للتندّر و”اللقلقة” السياسية مع تسليم المُمسكين بالقرار السياسي أقلّه بعد تقديم الرئيس سعد الحريري استقالته، بأنّ نجل رفيق الحريري مشروع فاشل سلفًا، أقصى ما يمكن أن يصل اليه مونة بعض مفاتيحه في بيروت على تحريك “موبيلاتات” الداعمين لبهاء في الطريق الجديدة ليكزدروا فيها مطلقين شعارات الاستفزاز أمام مكاتب تيار المستقبل أو جمهوره في أزقّة بيروت!

مساء السبت الفائت شهدت الطريق الجديدة توترات باتت متكرّرة في الآونة الأخيرة بين مناصري سعد وبهاء على خلفية الاستعراضات الاستفزازية لبعض مؤيّدي الأخير ممّن كانوا في أولى حكومات العهد برئاسة الحريري من الهاتفين باسم سعد. قبل ذلك بأسبوعين حلّ الوزير السابق أشرف ريفي ضيفًا فوق العادة، من دون إعلام حتى على مواقع التواصل، في منزل عائلة الدنا.

ما نَزَع الصبغة الاجتماعية عن هذه الزيارة هو الكلام السياسي الذي أطلقَه ريفي وتخلّلته السيمفونية المُعتادة حيالَ سلاح حزب الله وتبعيّته المُطلقة لإيران. مصادرُ ريفي تؤكد “أنّ الزيارة طابعها اجتماعي محض ولا تأتي ضمن إطار جولة له في الطريق الجديدة”.

لكن الحالة “البائسة” التي وصلت اليها “الحريرية”، تحديدًا، الوضع المأزوم لسعد الحريري تجعل من هكذا زيارة “بلاطة” على صدر تيار المستقبل توازي تمامًا حجر بهاء الحريري الثقيل الجاثم على قلب رئيس “التيار الأزرق”.

تُوضح أوساط “المستقبل” “لا أحد يتخوّف من تمدّد نفوذ بهاء الحريري في بيروت او الشمال أو البقاع. ثمّة تسليمٌ بعجزِ رجل الأعمال عن إيجاد مكان له على الخارطة السياسية اللبنانية على المدى الطويل. الأمر له تأثيراته المعنوية أكثر بكثير من جانبه السياسي الذي يكاد يكون غير ملموس”.

ويذهب هؤلاء الى حدّ القول “أنظروا الى وزن الشخصيات المحيطة ببهاء. من هنا يمكن استنتاج “ثقل” بهاء نفسه. ولو “فيه خير” أصلًا لكان تدخل لإنقاذ جزء من إرث رفيق الحريري وحاضنته الإعلامية، أي التلفزيون وجريدة “المستقبل”. هذان المنبران ليسا باسم سعد الحريري، والوفاء لرفيق الحريري ومسيرته يفترض أن يدفعه على الأقل الى ردّهما للحياة طالما أنّه يقول أنه يبني مشروعه بناءً على هذا الإرث”!

حتى اليوم ما يظهر من أجندة بهاء علنًا، غير “نكتة” تأثره بثورة 17 تشرين والرهان عليها وبصماته في بعض الإعلام المستفيد من “خيراته”، محاولة فعل ما لم يفعله سعد الحريري منذ إعلانه من أمام مقرّ المحكمة الدولية في لاهاي قبوله تشكيل حكومة مع حزب الله تحت عنوان ربط النزاع، واعترافه بخط أحمر واحد هو “مصلحة البلد”.

بهاء “المتماهي” مع الثورة كما يقول يحضّر العدّة للعودة. يجزم العارفون أنّ خلف القرار حاضنة دولية على رأسها واشنطن تروّج لطبقة سياسية جديدة بعد انهيار منظومة “الطائف”. وثمّة من أقنع “الشيخ بهاء” أنها فرصته الذهبية ليفلش بساطه في مقابل بيت الوسط “المهجور” الذي يفتقد زيارات أصحاب الحلّ والربط في لبنان والخارج.

لا يمكن في هذا السياق تجاهل لقاء يوم الأحد بين الحريري والسفير السعودي في لبنان في عزّ عزلة رئيس الحكومة السابق ومزاركته على السلطة من قبل بهاء الذي يعتبر شقيقه سعد أحد أركان المنظومة الفاشلة والفاسدة في الحقبة الماضية.

يَرى العارفون أنّ صراع الشقيقَيْن قد يكون “الخطّ العسكري” المختصر لإنهاء حالة الحريرية السياسية. فالدور الاقتصادي-السياسي المفترض لبهاء يلزمُه غطاء دولي خليجي يتلاقى مع قبول إلزامي من جانب حزب الله بهذا الدور. شروطٌ غير متوافرة حتّى الآن وربما على المدى الطويل، حتى لو القريبين من بهاء الحريري يروّجون “بأن العودة باتت وشيكة ولولا كورونا لكان “الشيخ بيننا”.

هذا الدخول “البهائي” المُحتمل على الخطِّ اللبناني سيصطدم أقلّه بلغمَيْن أساسيَيْن: اللغم السني، بكل “أطيافه”، حيث سيكون هناك أكثر من “حالة” سنية ممانعة للعودة بالشكل والمضمون.

اللغم الثاني محظور التقاتل السني-الشيعي خصوصًا أن من يلقي نظرة سريعة على حساب مساعده والمتحدّث بإسمه في لبنان المحامي نبيل الحلبي الذي كشف عن إطلالة إعلامية لبهاء خلال شهرين، أو مستشاره ما وراء البحار جيري ماهر يستنتج بأنّ خطاب بهاء الحريري “وصفة” ناجحة للحرب الأهلية والتقاتل الداخلي حتّى داخل المذهب نفسه، طالما أنّ صاحب المليارات ورجل الأعمال يصنّف نفسه الوريث “الطبيعي” لكرسي السراي التي خسرها شقيقه.

النجلُ الأكبرُ لرفيقِ الحريري يروّج لدخولٍ اقتصادي مالي آمن الى التركيبة اللبنانية شبيه تمامًا بالدخول المنظّم بداية التسعينات لوالده، لكن هذه المرّة بعدّة شغلٍ مُستلهمةٍ من خطاب الشارع وليس الرموز الميليشيوية التي وضعَ رفيق الحريري يده بيدها لبناء دولة ما بعد الحرب، وانضمّ اليها سعد الحريري بعد العام 2005.

يقول مستشاره جيري ماهر على صفحته عبر تويتر “بهاء يملك مشروعًا حقيقيًا لانتشال لبنان من أزمته السياسية الاقتصادية وهو لن يقبل بسلاح حزب الله أو اي ميليشيا تسعى لزعزعة أمن لبنان“.

إذا وضعنا جانبًا احتضان وئام وهاب لـ “حالة بهاء” التي تمثّل مشروع مواجهة مع حزب الله، والذي يُدرجه البعض في خانة تصفية الحساب مع سعد الحريري، فإن منتظري طائرة بهاء الخاصة حين تحطّ في مطار بيروت لن يتجاوزوا عدد أصابع اليدّ الواحدة.

لا ثوب “الثورة” الذي يرتديه مُقنع ولا الحرص المتأخر على مصير البلد المفلس سيُصرف في سوق التداول بأسماء رؤساء الحكومات… وبالتأكيد وئام وهاب لا يصنع زعامة سنية ولا مليارات تفتقد الى الغطاء الدولي والخليجي ولا عائلة كرومبي في الطريق الجديدة.

المصدر:”ليبانون ديبايت”