من على ظهر الثورة وثوّارها، أشهر رجل الأعمال بهاء الحريري سيف العودة إلى الميدان السياسي مُعلناً التعبئة في صفوف المُجتمع المدني، إيذاناً باقتراب ساعة المواجهة ضد من أسماهم بـ”منظومة الفساد والجشع”.
وما يستوجب التوقّف عنده مليّاً، أن بهاء الحريري ومن خلال فرمانه الأخير، قد طرح أو سوّق لنفسه على أنّه “المُخلّص” الذي يحمل بيده حقيبة “الفرج” وبالتالي ما على “المُنتديات” سوى تهيئة الأرضيّة اللازمة لهذه العودة.
ليس من موقع “التبخير” ولا التمجيد، إنّما من باب الإنصاف لا يُمكن الإشارة بأصابع الإتهام لشخص بهاء الحريري شقيق الرئيس سعد الحريري على أنه واحد من المسؤولين السياسيين أو رجال الأعمال، عن الحالة المترديّة التي وصلت اليها الأوضاع في لبنان، ولا حتّى شريك بعمليات الهدر والفساد بتعددها وتنوّعها.
لكن السؤال الذي يُطرح، هل يكفي صكّ البراءة هذا، ليُنصّب بهاء الحريري نفسه اليوم زعيماً لطائفة كانت لمحت آخر طيف له، يوم أدار مُحركّات طائرته الخاصة، مُخلّفاً وراء ظهره، بيتاً منكوباً تكويه نيران الرابع عشر من شباط.
من النافل القول، أن رسائل بهاء الحريري المتلاحقة منذ سنوات، لم تكن موجّهة سوى إلى شقيقه سعد الحريري الذي تمكّن خلال فترة قصيرة، من تعويض الخسارة الكبيرة التي لحقت بالطائفة السنيّة جرّاء اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري.
وعلى الرغم من المطبّات التي واجهت هذه الطائفة والتسويّات التي أبرمها الرئيس الحريري والتنازلات التي قدمها على حسابها، وصولاً إلى تهميشها في الكثير من المحطّات، إلّا أنها بقيت على العهد والوفاء للرجل الذي واجه معها كل المراحل، بمرّها قبل حلوها، وبأزماتها قبل إنفراجاتها، حاملة له جميل الوقوف في الصفوف الأماميّة وخوض المواجهات الصعبّة والقاسية، في وقت كان فيه البعض يتنقّل بين دولة وأخرى، مُستمتعاً بثروة “الوالد” وتوسيع الأعمال وتكديس عائداتها في المصارف.
أين كنت يا بهاء طيلة هذه الفترة؟. سؤال طرحه السواد الأعظم من الجمهور السنّي عقب تلقّفه “فرمان” بهاء الحريري. انتقادات بالجملة حملها أبناء هذه الطائفة ليرموا بها في صندوق “شكاوى التاريخ”، مستعيدين سنوات عجاف كانوا فيها أحوج إلى وقفة أخ مع أخيه، أو إلى سائل عن أحوالهم، لا إلى تنظيرات عن وإلى من يقود الحرب بالنظّارات.
المؤكد أن شقيق الرئيس الحريري والذي يبدو مُتعطّشاً لخوض غمار السياسية من بوّابة “قوم” سبق أن فرّ من بينهم ذات شباط، قرّر اليوم المواجهة من داخل بيت أبيه وتحديداً من داخل “تيّار المستقبل”، الكيان الذي أنشأه والده واستكمل شقيقه سعد عمليّة بناءه.
وهو الذي كان قدّم نفسه على أنه الوجه المُشرق للعائلة خلال فترة احتجاز الرئيس الحريري في السعودية، وقد حاول بهاء الحريري حينها، فرض نفسه رئيساً للحكومة، مُستنجداً بقنوات دولية ومحليّة.
الوقائع تشير إلى أن بهاء الحريري بدأ يوعز للمقربين منه بإستهداف بنيّة “المستقبل” وخلخلة ركائزه من خلال العمل على مجموعة نقاط، لعل أبرزها: استهداف دور سعد الحريري ووضعه في خانة الإتهام سُنيّاً وشعبيّاً، التركيز على الحالة المترديّة التي وصلت اليها الطائفة السنيّة في البلاد والتغلغل داخل مجتمعها الشمالي والبيروتي وتحميل شقيقه المسؤولية الكاملة بتراجع دورها السياسي.
يؤكد البعض أن ثمة موانع عديدة تحول دون تحقيق بهاء الحريري غايته بالوصول إلى رئاسة الحكومة. الرجل يُحاول تسويق نفسه على انه سعوديّ الإختيار وعلى أن جمهور كبير من اللبنانيين يتحرّق لهذا اليوم.
لكن الحقيقة أن العائق الأوّل وربّما الأبرز لتحقيق هذا الحلم، هو “حزب الله” الذي لا يرى بحسب أوساط سياسيّة بارزة في شخص بهاء، سوى مشروع خارجي إنّما يستهدف بالدرجة الأولى “المقاومة”.
وتعتبر الأوساط نفسها أن بهاء رجل أعمال غايته جمع الأموال وليس طريقة جمعها، فما بال إذا اجتمع هذا الطموح مع التوجّهات الخارجية لا سيّما الأميركية والسعوديّة.
ثانياً: لقد دان رجل الأعمال بهاء الحريري نفسه بنفسه، فهو الذي تحدث عن الويلات والكؤوس المرّة والصعوبات والجشع، هل يُمكن أن يذكر لأبناء طائفته أي معروف صنعه لهم طيلة هذه المحن؟.
المصدر:”ليبانون ديبايت”