عَملًا بمقولة “اجت الحزينة لتفرح ما لقيت الها مطرح”، هكذا جاءت قصة “شمعة” الحكومة الإصلاحية بطولها.
فلا إقرار الرئيس ميشال عون بتاريخية الإعلان عن خطة الانقاذ المالي والاقتصادي، ولا “فرحة” الرئيس حسان دياب بما أنجزت حكومته “وصلت لقرعته” ، مع موجة ردود الفعل السياسية والاقتصادية والمالية التي طالت الأُسُس التي قامت عليها الخطة.
من كلِّ حدبٍ وصوب، إستُهدِفت، من أولئك الذين اختاروا المعارضة،كما من بيت أبيها ضُرِبت، مع تعرُّضِها لنيران صديقة عن سابق تَصوّر وتصميم، ناهيك عن قبلة انظار الخارج.
من الشعب اللبناني الذي عاد يتحرك في الشارع، بعيدًا عن لغة الأرقام والأحجام، وفقًا لما يراه الغرب، وحتى الخارج نفسه سدَّد ضرباته المُوجعة، من الحليف الفرنسي الأكثر حماسةً لمساعدة “لا حول ولا قوة له فيها”، الى الاميركي الذي حدَّد خطوطه الحمر ورسم مسار حربه التي لا عودة عنها ولا تهاون فيها، قبل ان تُحقق كامل اهدافها السياسية والاقتصادية والمالية، مُنتقلًا من صفوف الدفاع الى الهجوم المُباشر.
سياسيًا، يبدو ان أبرز العِبَر عمَّا تضمر مساعي وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط السفير ديفيد شينكر، الذي تُلخص حركة بيروت الغير “مبروكة” بجملة واحدة، “لا مساعدات بلا اصلاحات ملموسة”، مهما كانت الكلمات والتعابير المستحوذة في الخطة اللبنانية تُدغدغ أدبيات صندوق النقد.
فما الذي قاله السفير شينكر؟ وهل من خطوط حمراء حملها كلامه؟، لا يحتاج المُتابع لمسار مواقفه الكثير لفصل الخيوط بيضها من أسوَدِها بالأحمر العريض، ولعلَّ النقاط التالية تُلَخص الكثير، أبرزها:
“حاكم مصرف لبنان “مش فاتح عـ حسابه”، ما يعني عمليًا لا يُفكرن أحدًا منكم بجعل رياض سلامة “كبش محرقة الخطة الاميركية”، بالتالي يمكن تغيير رياض سلامة الَّا ان بديله لا بُدَّ ان يتعامل مع ادارات واشنطن المعنيةأقلّه كما كان الحاكم الحالي.
القطاع المصرفي شريك أساسي، والمطلوب تنقيّتِه وإبعاده عن تاثير حزب الله وليس العكس، وبالتالي فإن خطة الحكومة على هذا الصعيد مرفوضة حُكمًا، وعليه فإن المؤسسات المالية العالمية لن تعمل الَّا من خلال تلك المصارف.
“سكوت” الادارة الاميركية او غض نظرها عن موضوع “شراكة” حزب الله الكبيرة في الحكومة ودعمه لها لن يعفيها مُستقبلًا من اتخاذ خطوات تجاهها مُماثلة لرفض واشنطن التعاون مع وزارة الصحة الممسوكة من “الحزب”، بالتالي فإن التعاون سيقتصر على المؤسسات البعيدة عن “الحزب”.
إعتماد الحكومة على الائتلاف الذي قامت منه لن يُؤثِّر في النتيجة، فالمطلوب ان يُؤيّد الشعب اجراءاتها ويدعمها، وإلَّا فتشوا عن غير دعم الغرب لكم.
دعوة الحكومة للعمل على تحقيق توافق وطني حول خطتها، ما يعني جَعل المعارضة شريكة بالحلّ، وليس تصفية حسابات معها، وهو امر غير وارد حاليًّا.
شروط السيد حسن نصر الله ساقطة سَلفًا، فآليات عمل صندوق النقد الدولي وبرامجه معروفة ليست خاضعة للنقاش في أسُسها، وان رقابته ضرورية على مالية الدولة ولا مفرّ من ذلك.
إستمرار تموضع واشنطن الى جانب الشعب اللبناني في ظل الازمة الراهنة ،كذلك في رفضها لتصاعد دور حزب الله، حيث ستتخذ الولايات المتحدة كل الاجراءات والخطوات المُمكنة لمنع ذلك.
اذا ما بين اسطر كلام المسؤول الاميركي، معالم واضحة تفضح نواياه ورؤيته المستقبلية للوضع في لبنان ولمصير ومسار حكومة الرئيس دياب، التي لا تكاد تنام على تسريبة لشينكر حتى تصحو على تصريح مُحدَّد الهوية، يحبط عزيمتها ويهزُّ ركائز مشاريعها الانقاذية.
وصحيح ان السفير شينكر لم يأت بشيئٍ جديد، الَّا انه بدا واضحًا مع تقدّم الوقت وضوح معالم السياسة الاميركية المَبنية في الوقت الراهن على ثابتة وحيدة وحليف مُنفرد، هو الشعب اللبناني الثائر في الطرقات، عل “التكرار يُعلِّم الشطار”، وربما من لم يفهم حتى الساعة قد يفهم قبل فوات الآوان.
إذًا قالها شينكر علانيةً دون مُواربةٍ او “لف وبرم”، رغم اصراره على عدم “حشر” صندوق النقد المٌتأثر طوعًا بالموقف الأميركي، فالحكومة اللبنانية “بخطر” والحديث عن وزراء أصحاب الجنسية الاميركية لكسب الدعم وارضاء الاميركيين لن يُقدِّم ولن يؤخر عند ساعة الحقيقة… التي باتت “قاب قوسين أو أدنى…”!
المصدر:”ليبانون ديبايت”