السياسة أصبحت أسلوبًا لِتخدير الشعوب، وإلهائها عن الفلسفة الحقيقية للحياة، وحرِف أذهانها عن فلسفة ألحقوق.. والمساواة والعدالة، والقِيَم الإنسانية.
وللنخبة القائمة على إشاعة هذه السياسة، سواء كانت نخبة سياسية أم دينية أم فكرية أم مجتمعية، بِأدواتها الخاصة وجنودها وفعالياتها المتعددة.
عيد العمال في الأولِ من آيار، نقوم بالثناء على العاملين في كل مكان وزمان، ونحتفي بطقوس معينة، نكافئ بعض العاملين البسطاء، نكتب اشعارًا ونسرد حكايا .. والعمال في بلدنا بلا عمل، بلا تأمين صحي ، بلا رواتب تضمن لهُم حياة كريمة لهم ولأُسرهم ، عمالنا بلا حماية ، بلا كرامة ، بلا حاضر ولا مستقبل.
عن أي عيد نتحدث؟عيد حافي القدمين، خاوي البطن، مشتت الذهن!! يكتنفه الخوف والقلق مما هو آتي.ماذا يعني لنا هذا العيد؟أتدركون لماذا يحدث هذا ؟لأننا أمسينا نجيد الكره والبغض والحقد للآخرين أكثر من أي شيء آخر.. أمسى صاحب القلب الطيب الودود، ساذجًا !! وأصبح المسامح، ضعيفًا !!
لذلك يغروننا بعيد كل يوم في السنة.. نبتهج بقدومه، دون أن ننتبه إلى إننا ندين أنفسنا بإحتفالنا بهذا العيد.
كل تلك الأيام لو أنصفنا أنفسنا، لأدركنا أننا نحتفي بما هو مفقود في حياتنا.. تلك الأشياء التي نفتقر اليها في يومياتنا، تلك الأولويات التي سقطت من أجندتنا.. تلك القيم التي غادرتنا..
عوضناها بالتبعية الضالة ، وإعتقدنا أننا نحسن صنعًا.
لذلك في ذكرى عيد العمال العالمي، أعطوا للعمال حقوقهم.. وفروا لهم حياة كريمة، ولأولادهم مستقبل أفضل..دومًا هُم في المقدمة، ينضحون عرقًا ودمًا بأجرٍ زهيد، ودومًا هُم أول من يدفع الثمن عند حدوث الحروب والأزمات والنكبات..
عندما يخسرون أعمالهم ووظائفهم، وها هو الإفلاس السياسي والإقتصادي يقصُم ظهورهم، ويجعلهم يفقدون فرصة قوت يومهم، بدون أي حماية من الدولة ، والتفكير بمساعدتهم وتعويضهم عما فقدوه.. ها هُم يغمُسون وجعهم بخوفهم من المجهول.
هذه دعوة ليست للحكومة فقط، بل هي لكل المؤسسات والمنظمات وأصحاب المصانع والأعمال، أرفقوا بالعاملين ، بمن ينضحون عرقًا حتى تكسبون أنتم الأموال..
لا تبخسوا الناس حقهم.. أعطوهم ما يستحقونه من أُجور وكرامة ومعاملة طيبة وحسن خلق..حينها لن يحتاجوا إلى يوم في السنة تسمونه عيد العمال، تقدمون لهم فيه التهنئة..
لذلك لن أقول كل عام والعمال بخير.. فلا طعم لها والعاملين الآن بلا عمل، بمصير مجهول.
سأستعيض عنها ب ” أعطوا حق العمال فلهم الفضل فيما أنتُم فيه”.
المصدر:”ليبانون ديبايت”