رسالة مفتوحة الى وزير التربية والتعليم العالي الدكتور القاضي طارق المجذوب المحترم:
بعد التحية، تقارب البلاد انهاء الشهر الثاني من الاغلاق التام في معظم مرافق الحياة الاجتماعية والتربوية والاقتصادية تحت ضغط وباء كورونا، وقد كانت خطة الحكومة في مواجهة هذه الجائحة القاتلة فاعلة وجيدة في احتواء الوباء وتقليص الخسائر البشرية الى ادنى مستوى ممكن بالرغم من الكلفة الاقتصادية الباهظة التي عانت منها شأنها في ذلك شأن كل دول العالم.
غير ان المواجهة الشاملة مع جائحة كورونا لا تعني عدم التفكير بماذا بعد؟ ولا سيما في الموضوع التربوي حيث ان مصير اكثر من مليون ونصف المليون طالب، هذا من دون الكلام عن وضع الاساتذة، يتوقف على قرارات تصدرونها انتم من موقع مسؤوليتكم عن الشأن التربوي، وفي هذا الاطار فقد كان لافتا لي انكم حتى اليوم لم تطرحوا خطة ل “ماذا بعد” وانما طرحتم ما يقارب من 14 سيناريو يحمل عناوين عامة ولا يتضمن خطة دقيقة ومبرمجة وفق كل سيناريو.
اننا نتفهم ان الاولوية خلال الشهر ونصف المنصرمين كانت لاحتواء الوباء القاتل، ونتفهم ان الموضوع التربوي كان يخضع لما تقرره وزارة الصحة من تدابير، لكن اليوم ومع بدء الرفع الجزئي المرتقب لهذه التدابير لا نزال كتربويين نعيش في عتمة عدم وجود خطة تربوية لكيفية متابعة العام الدراسي وبالاخص لطلاب الشهادات الرسمية (البريفية والبكالوريا). ان الانتفاضة الشعبية التي انطلقت في 17 تشرين الاول وكانت بطريقة او بأخرى السبب في وجودكم في موقعكم الرسمي هذا، تحتم عليكم ان تكونوا في مستوى تطلعات الشباب الثائر الذين وعدهم رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب في اكثر من خطاب ان يكون صوتهم، لكن غياب الخطة التربوية لديكم لا يبشر بذلك للاسف.
من موقعي المسؤول كتربوية اتوجه اليكم بمجموعة اقتراحات للمرحلة المقبلة:
اولا: علينا الاعتراف ان التعليم عن بعد في بلادنا لا تتجاوز فعاليته الثلاثين الى خمس وثلاثين في المئة في اكثر الاحصاءات تفاؤلا، وهو ايضا لم يطل كل مراحل التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي، وبالتالي فاننا لا نستطيع التعويل على هذه الطريقة من التعليم لانهاء العام الدراسي، من هنا فاني اقترح في حال رفع التدابير المتعلقة بالكورونا في اواخر شهر ايار الجاري ان نعاود التدريس ولمدة خمسين يوما تدريسا فعليا على ان يكون التدريس حصرا لمواد العلوم والرياضيات واللغات في كل المراحل والصفوف.
ثانيا: بالرغم من قناعتي الاستراتيجية بضرورة الغاء الشهادة المتوسطة وانشاء ثانويات تخصصية ومهنيات على مستوى عال من الحرفية التربوية كما في كل بلدان العالم، غير ان عدم توفر مثل هذه الثانويات حاليا لا يسمح لنا بالغاء الشهادة المتوسطة، فاني اقترح على معاليكم التحديد من الان موعد اجراء الامتحانات الرسمية لهذه الشهادة حتى ولو جاءت الظروف لتغيير هذه الموعد لاحقا، لان من شأن تحديد موعد الامتحانات الرسمية ان يرفع من الحافز التعليمي لدى التلامذة واهاليهم.
ثالثا: فيما يتعلق بطلاب شهادة البكالوريا بمختلف فروعها فاني اقترح ان يتم حصر التدريس في الخمسين يوما المتبقية بمواد الاختصاص في كل فرع من فروع هذه الشهادة وان يتم من الان تحديد موعد اجراء الامتحانات الرسمية تماما كما اقترحنا في موضوع شهادة البريفية.
رابعا: فيما يتعلق بالتلامذة ذوي الصعوبات التعلمية، فكلنا يعلم ان عملية ترفيعهم في الاوضاع العادية من التدريس كل عام تتم بصورة سلسة وميسرة، من هنا اقترح اعفاء هؤلاء الطلاب من الامتحانات الرسمية واستبدالها بنتائج امتحاناتهم المدرسية.
خامسا: في حال تعذر العودة الى التدريس في مطلع حزيران المقبل اقترح من الان ان يخصص شهري ايلول وتشرين الاول المقبلين لانهاء العام الدراسي الحالي وفق ما طرحته في البندين الاولين.
حضرة معالي الوزير المحترم،
في الاوضاع الاستثنائية لا بد من اتخاذ قرارات استثنائية وهذه قاعدة علمية معمول بها في كل مجالات الحياة، ان انتظار المجهول من دون خطة او قرار هو بحد ذاته استسلام لواقع لا نقبل به ولاسيما في عالم التربية والتعليم حيث ينظر الينا كقوة مطالبة ببناء الانسان الذي سيبني هذا البلد.
قد لا تنال اقتراحاتي تأييدكم او موافقتكم ولكن على الاقل فاني اناشدكم ان تتخذوا ما ترونه مناسبا من قرارات ونحن من جانبنا كعاملين في الشأن التربوي سنكون على اتم الاستعداد للنقاش من اجل ما هو افضل لابنائنا التلامذة والطلاب.
سواء وافقتني الرأي فيما اقترحت ام لم توافق فان عدم التوافق لا يفسد في الود قضية بيننا ولا يلغي سنوات الصداقة التي اثمنها عاليا خلال شبابنا..
هبة نشابة \ رئيسة مجمع العزم التربوي
المصدر:”لبنان24″