وسط مخاوف متجدّدة دائماً من إمكانية بلوغ مرحلة الجوع في لبنان، بسبب عدم ابتعاد الدولة اللبنانية عن مقاربات “حزب الله” غير المتوافقَة مع الشّروط الدولية في مجالات عدّة، نسأل في هذا الإطار عمّا إذا كان يُمكن حصول انقلاب بسيط في الصّورة.
فإذا كان تجويع إيران، يُمكنه لو حصل أن يُشعِل منطقة الشرق الأوسط، لِكَونها موجودة في أكثر من ساحة إقليمية. وإذا كانت الحرب على الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وقفت عند حدود النّفط مقابل الغذاء في التسعينيات، فهل من الممكن السّماح بتجويع لبنان، للبدء بحرب على “الممانعة” بخلفيّة مُعاكِسَة، تبدأ من لبنان، وتنتهي بإحداث التغيير الإقليمي المطلوب مع المعسكر الإيراني في المنطقة، انطلاقاً من تغيُّر لبناني جذري؟أوضح الخبير الإقتصادي الدكتور لويس حبيقة أن “لا تعريف عالمياً واحداً وكاملاً للجوع، لا سيّما أنه مُصطلح تختلف طُرُق عيشه بين بلد وآخر.
فمثلاً، عَيْش الجوع في أفريقيا يختلف عمّا هو عليه في فرنسا، أو عن أي مكان آخر في العالم”. وأشار في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى أن “الجوع قد ينحصر لدى البعض بالسؤال عن مستقبل توفُّر الطعام والشراب والدواء، أو قد يكون بالنّسبة الى آخرين أن الإنسان يعيش، ولكن حاجاته غير كافية”.
وقال:”كان يعتبر “البنك الدولي” قبل سنوات أن الجائع هو صاحب المدخول الذي ينخفض عن دولار واحد في اليوم. ولكن المعايير التي باتت تُعتَمَد مؤخّراً، تتحدث عن أن الجائع هو صاحب المدخول الذي يقلّ عن دولارَيْن في اليوم الواحد.
ولكن رغم سوء الأوضاع الإقتصادية في لبنان، إلا أن لا خوف من الوصول الى كتلة شعبية متكاملة، تعيش في ظلّ واقع مماثل”.وشرح حبيقة أن “التقارير التي تتحدّث من حين الى آخر عن انتحار أشخاص لأسباب معيشية، تفتح الباب لنقاشات من نوع آخر تتخطى الجوع. فلا بدّ من الأخذ في الاعتبار أن أمراضاً نفسية كثيرة تظهر أو تتبلور خلال فترات الأزمات، وتؤدي الى حالات انتحار، تحت شعارات الجوع والفقر”.
وأكد “أننا لا نصل الى الجوع، وذلك لأن الإقتصاد اللبناني مفتوح بحراً وبرّاً، وحتى على مستوى الشحنات الجوية التي تنقل الطعام والأدوية. فضلاً عن توفُّر ثروات، لا تزال موجودة في البلد”.وعن الملف الإيراني، لفت الى أن “الطعام والأدوية ومازوت التدفئة لا تدخل في الحروب الأميركية – الإيرانية. وهذا واضح، ولا يتعلّق بنظرة عاطفية أميركية الى إيران. فضلاً عن أن لدى طهران مقوّمات إقتصادية داخلية تسمح لها بأن لا تجوع”.
وأضاف: “إيران تُعتَبَر من أغنى دول العالم، إذ إنها تمتلك النفط والغاز والذهب والمعادن والأورانيوم، وهي تنتج القمح، وتصنّع السيارات. ولكن لو كانت الإدارة الإيرانية تبتعد عن سياسات المنطقة لصالح التركيز على العمل الإقتصادي أكثر، وعلى استثمار الثروات الموجودة هناك، لكانت إيران أصبحت قوة عظمى، ومن أغنى دول المنطقة، وبمثابة دولة أوروبية ولكن في الشرق الأوسط، خصوصاً أن الشعب الإيراني نشيط ومنتج وقوي”.
وبالعودة الى لبنان، وردّاً على سؤال حول ما إذا كانت تطمينات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على مستقبل الودائع، وتأكيده أن لا “هيركات”، هو كلام سياسي أكثر ممّا هو تقني، شدّد حبيقة على أن “لا خوف على مصير الودائع، ولا “هيركات” سيحصل. وهذا ليس كلاماً سياسياً، بل هو كلام فعلي”.
وختم: “ما قد يبعث على القلق هو التلاعُب بسعر الصّرف. ولكن هذا الواقع لن يدوم على تلك الحالة، وسعر الصّرف سيثبت عندما تستقرّ الأوضاع سياسياً واجتماعياً أكثر”.
المصدر:”أخبار اليوم”