الحاكم بإسم قانون النقد والتسليف… هذه أخطاء الحكومة!

في ساعة من الوقت ردّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على إتهامات رئيس الحكومة حسّان دياب بالأرقام والإثباتات العلمية والوقائع الموثقة، مبرئًا ساحته من محاولة تحميله مسؤولية كامل الأزمة المالية، التي يعيشها البلد فـ”مصرف لبنان لم يكلف الدولة اللبنانية ولا ليرة، بل كان يسجل أرباحا ويحولها إلى الدولة اللبنانية وساهم بتخفيض دين الدولة في باريس 2 واستعملنا فروقات الذهب في مراحل معينة لإطفاء الدين”.

واستند الحاكم في دفاعه على قانون النقد والتسليف “الذي يقول إنه عند إصرار الحكومة المصرف يموّل”…”نحن ساهمنا بتخفيض كلفة الدين العام بإقراض الدولة بفوائد متدنية.

وردّ الحاكم على التهم التي سيقت ضده بتهم أخرى عندما قال: “المصرف المركزي مول الدولة لكنه لم يصرف هو الأموال، لذلك يجب أن نعرف من صرف هذه الأموال”.

وبذلك إستطاع سلامه أن يتحوّل من متهَم إلى متهِم، وهو تسلّح بالقانون عندما فنّد كل قضية على حدة، من دون إنفعال ومن دون توتر، بل كان متماسكًا وممسكًا بالأوراق التي بين يديه بكل ثقة بالنفس.

وكان رئيس الحكومة أطّل على اللبنانيين ليلقي بهمّه عليهم، يشتكي حينا ويتوعّد خصومه حينًا آخر، بلغة دراماتيكية كما اعتدنا، لا تخلو من المصطلحات الإنشائية والكلمات المنمّقة، يسجّل بين أسطرها إنجازات حكومته في سيطرتها على وباء، تآمر هو الأخر، على دولته وفريق عمله، فأطلت المؤامرة الكونية الوبائية، فقط لتعطيل ما كان يطمح دولته بإضافته إلى كتاب إنجازاته كمنقذ للبنان، بعدما قرر حمل كرة النار والسير في طريق الجلجلة.

استفاض دولته وهدّد من يظن نفسه يعبث بمصير الناس وممتلكاتهم وأموالهم بأن الدولة ستضرب بحزم وتقمع كل عابث بالاستقرار المالي. تماما كما ضربت بيدها على الطاولة حين دُفن مشروع الكابتال كونترول قبل أن يرى نور المجلس النيابي.

فهمّ دياب الأول ليس الناس ولا مصالحهم ولا المساعدات، ولا الجوع الذي يسمع صراخه إلى الصين، ولا استقلالية القضاء، ولا قيامة الدولة، ولا مهلة المئة يوم التي أعطاها لنفسه ولحكومته والتي قاربت على الإنتهاء. فمعركته في مكان آخر تختصر بـ”سلامة” !

بحسب دياب تدهور الليرة “المريب” مرتبط بسلامة حصرا وبسياسته المالية، بحسب قانون النقد والتسليف و”الغموض” الغريب بادائه إزاء التدهور أدى إلى تسارعه، فالحاكم، اما عاجز أو معطل أو محرض!

إن كان كذلك مصيبة والمصيبة الأكبر تعامل السلطة التنفيذية تجاه عجزه وتعطيله وتحريضه(كما تقول)! لماذا لم يحاكم؟ لماذا هذا الصمت المطبق؟ 

أمّا عن الريبة، فنسأل دياب، ماذا عن التجميد المريب في تعيين نواب حاكم مصرف لبنان، أم ان هذا الملف “اكبر منّكم” فبقي معلّقا!

ولأن هذا التدهور “الدراماتيكي” لا يجوز معالجته في الكواليس، دعا دياب سلامة لمصارحة الناس وإعلان الحقائق وطمانة اللبنانيين الى حال عملتهم الوطنية!

فهناك فجوات كبيرة في مصرف لبنان، في الأداء والاستراتيجيات والصراحة والسياسة النقدية والحسابات، على حدّ قولهم.

بكّرتم في هذا التصريح والحاكم في مركزه فقط منذ تسعينيات القرن الماضي، يهندس سياسات الدولة ويمدّها بالتمويل لسد عجزها المتراكم.

لعلّ ذلك صحيح ولكن أليس واضحًا وضوح الضوء، الذي غاب عن بيوتنا منذ ثلاثين عاما ان الفجوة الأكبر هي في ملف الكهرباء، هنا ثقب أسود غاب عليكم رؤيته!

وهنا نطرح أسئلة عدة على السلطة التنفيذية ؟ من وقّع على الموازنات المتعاقبة إذا وجدت. وبحضور من وقعت موازنة ال2020 ولم تكن حكومته قد شكلت بعد. ألم تكن شاهدًا صامتًا يومها؟

أين قانون استرداد الأموال المنهوبة! وماذا عن الفاسدين الذين لم يحوّلوا الأموال بل استثمروها من جيوب المواطنين في عقارات وصفقات وشركات وهمية، فهل هناك فاسد بسمنة وفاسد بزيت!

ونسأل أيضًا من وافق على التجديد لسلامه لولاية جديدة عام 2017؟

حبذا لو استثمر الرئيس دياب الـ 15 دقيقة التي خصصها للحديث عن سلامة لمصارحة اللبنانيين، وبالأرقام وليس بالادب الانشائي، عن خطة الطوارىء الاقتصادية وورشة الإصلاح التي تبنوها في بيانهم الوزاري حسب توصيات مؤتمر “سيدر” وخفض الدين العام وآليات المحاسبة الحقة، وصفقات البواخر وملف الكهرباء حيث الهدر الأكبر والتعيينات وتضخم القطاع العام والوظائف الوهميّة وتسكير مرافق التهريب والغاء هيئات ولجان ووزارات النصب ورفع السرية المصرفية والحصانة واستقلالية القضاء وملء الشغور ووقف التدمير البيئي.

وأخيرًا نسأل عن أي ثقة يطمح لها رئيس السلطة التنفيذية وهو لم يتمكن حتى من انجاز التعيينات القضائية حتى الساعة وراحت ضحية للتجاذبات والمحاصصات السياسية.

المصدر:”لبنان24″