هذه قد تكون من المرات النادرة جدّاً التي تعبّر فيها الولايات المتحدة الأميركية، عبر سفيرتها في لبنان (دوروثي شيا) عن مخاوف أمنية جديّة تتعلّق بانتفاضة 17 تشرين الأول.
فالسفيرة الأميركية، ومن خلال تعبيرها عن استيائها من الطابَع غير السّلمي الذي طغى على المظاهرات مؤخّراً، وعن قلقها من حوادث العنف، أوحت بمن يمتلك معلومات وردت إليه من تقارير إستخباراتية عن مخاوف أمنية جديّة تتعلّق بما حصل في الميدان اللبناني، خلال اليومَيْن الماضيَيْن.
وتزداد الشكوك انطلاقاً من بعض المعلومات التي تمّ تداولها عن قيام مدسوسين بإطلاق النار، عبر بعض المباني. وهو ما يعني أن مشهداً آخر بدأ يدخل تدريجياً الى صُلب الإنتفاضة، وربما يدفع الى ربط الساحة اللبنانية بالصّراع الإقليمي، على طريقة الدّخول من الشباك اللبناني من جديد، بعد الخروج من بابه، مرات ومرات، في هذا الإطار، سابقاً.
فكيف يُمكن تقييم ما حصل منذ يومَيْن، وتداعياته اللّاحقة، حتى ولو أن الميدان اللبناني عاد الى هدوئه من جديد. فالهدوء قد يكون مضبوطاً سياسياً، بانتظار كلمة سرّ أخرى، لا يُمكن الإستهانة بها، لا سيّما إذا أتت رياحها بما يُعاكس سُفُن الشعب اللبناني. وهنا يكمُن الخوف الأساسي، أوّلاً وأخيراً.
دعم مستمرّ
رأى مصدر مُتابِع أن “السفيرة الأميركية عبّرت عن تفهّمها لإحباط الشعب اللبناني، وهو ما يعني أن الدعم الأميركي لـ “الحراك الشعبي” لا يزال قائماً. ولكنها دعت الى الابتعاد عن العنف المُوجَّه في شكل خاص باتّجاه المصارف”.
واعتبر في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” أن “قراءة تصريحها تتمّ من ضمن ما يقول إن رئيس الحكومة حسان دياب، ومن خلال هجومه على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قبل أيام، جعل المصارف وُجهَة لغضب الناس”.
وأشار الى أن “الناس صبّوا غضبهم على المصارف من دون وعي لارتدادات ذلك السلبية عليهم (الناس)، لأنه سيُسفر في النهاية عن تعطيل لتسيير أمورهم الحياتية اليومية. ومن هنا، يأتي كلام شيا ضمن إطار الدعوة للتعقُّل، وليس دعوة للتراجُع عن الحَراك”.
حصار؟
وعن إمكانية تأثير ما قد يحصل في الشارع مستقبلاً، على إدخال لبنان مادة من مواد التفاوُض الأميركي – الإيراني مستقبلاً، لفت المصدر الى أن “لبنان ليس مادة من مواد التفاوُض بين واشنطن وطهران، بل هو يتحمّل تداعيات الحصار”.
وأضاف: “شرح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة سبب عدم تدخّله في السوق، وتحدّث عن نقاط مهمّة، من أبرزها الإستيراد بقيمة 4 مليار دولار سنوياً، والذي لا يحتاجه لبنان، وهو ما يدفع الى السؤال عن الى أين تذهب تلك الأموال؟ كما تحدّث عن أنه إذا قُمنا بضخّ دولارات في السوق، ربما يحوّلهم العمال الأجانب الى الخارج. ولكنه لم يطرح جهاراً فرضية أن يشتري “حزب الله” تلك الدولارات، ويحوّلها الى سوريا أو إيران”.
“نمرَدَة”
ووجد المصدر “أننا نتّجه نحو مزيد من التأزُّم. فالإجراءات الحكومية حتى ولو كانت جديّة في بعضها، إلا أنها لن تؤول الى نتيجة. ولا حلّ إلا باقتناع “حزب الله” بأنه لا يمكنه أن يحتمل تجويع لبنان كلّه، وبأن عليه التراجُع عن سياسته، والموافقة على اللّجوء الى “صندوق النّقد الدولي” بشروط الصندوق، وليس بشروطنا نحن. فـ IMFلا يساعد بشروطنا، ولا يموّل “النمرَدَة” على السياسة الدولية”.
وقال: “وبغير ذلك، ستستمرّ الدوّامة. ونأمل بأن لا تتطوّر الأعمال الأمنية الى قيام الناس بسرقة بعضهم البعض، لا سيّما أن الضيقة كبيرة جداً ولا أُفُق للحلّ”.
وختم: “رئيس الحكومة حسان دياب يضرب بسلاح غيره، وهو لا يمتلك أدوات تنفيذ ما يقوله. فتحريك القضاء مع تجميد التشكيلات القضائية مثلاً، يبيّن عن كيدية لا يمكنها أن تعطي نتيجة إلا سلبية”.
المصدر:”أخبار اليوم”