يدخل شهر رمضان على وقع أزمة رغيف ودولار، بعدما كان يُستقبل بالزينة التي حضرت “بخجل”. فالظروف غير مؤاتية، فالكلّ مُنشغل في “حملات التكافل الإجتماعي” التي غطّت على ما عداها. وحده خبر تسجيل حالة “كورونا” في زبدين من وافد من إسبانيا، غيَّر المعادلة. لم تأبه الناس المنتشرة في الشارع للخبر، فالكلّ خرج لتأمين متطلّبات الشهر الفضيل، متجاهلين التعبئة من ناحية، والدولار الذي لامس الـ4000 ليرة، من ناحية ثانية.
وحدهم شباب حراك النبطية تحرّكوا، نفذوا وقفة اعتراضية في الشارع، علّهم يهزّون ضمير بعض من “ناس مات ضميرها عند باب الزعيم”، على حدّ قول احدهم.
طارق، أحد شبّان حراك النبطية، لم يجد نفسه إلا في الشارع، مُعترضاً: “صوت الجوع لمّا الناس يجوعو، ولكن أين الناس؟”. سؤاله يرسم علامات تعجّب عن سرّ ارتهان الناس للصمت. لا يُخفي طارق، أن “الناس ستدفع الثمن، عاجلاً أم آجلاً”. ولا يتردّد بالقول: “ننزلق الى أتون الحرب الإقتصادية الخطيرة، فالأسعار ستكون القنبلة التي ستُفجِّر الشارع”.
يرمي الشبان باللائمة على فساد السلطة وغياب المحاكمة والمحاسبة، ولا يُخفي أحد إمتعاضه من مهزلة ومسرحية الجلسة التشريعية، “فهي ضحك على الناس”، يقول علي بدير الذي وقف أمام قبضة الثورة رافعاً شعار “لا داعي للهلع الدولار صار بـ4000″، ويعتبر أن “الثورة السلمية لم تؤت نتائجها المرجوة”، ويدعو الى إعلان ثورة الغضب لانه “يكفي ذلاً للناس”.
هي رسالة وجّهها الشبان للناس أولاً “إصحوا لقمتكم بخطر”، وللسلطة ثانياً “الثورة انفجرت مجدداً، وليحكم الشارع”، من دون أن ينسوا التأكيد على أن الغلاء الفاحش سيفجّر الثورة.
وعند أعتاب شهر رمضان يُكرم المرء أو يُهان، فالتجار يستغلّونه لرفع الأسعار. لم تتمكّن وزارة الإقتصاد من ضبطها ووضع حدّ لها. أسعار كاوية تحرق جيوب المواطنين، ممّن لا ناقة لهم بحمل المزيد من الاعباء. عند بائع الخضار تتجسّد المعاناة، يخرج الصراع الى العلن، يرمي أحدهم بكيس الخضار، وهو يصرخ: “يبدو مش رح نصوم هالسنة”. يتأفّف الرجل الأربعيني، ويسأل عن جدوى رفع الأسعار بشكلها الهستيري. ليس وحده من يؤلمه تمادي تجار الخضار برفع الاسعار، أيضاً الحاجة زينب الستينية التي أتت لشراء خضار طبق الفتوش، فكانت الصدمة بضمّة البصل التى وصل سعرها الى الـ1500، وعند سؤالها البائع يتمسّك الاخير بحزمة الاسعار الصادرة عن وزارة الزراعة، أسعار لا تتواءم مع حال الناس المزرية، لكن لماذا هذا الإرتفاع، يؤكد البائع أن هناك تجّاراً كباراً هم من يُمسكون بزمام المصلحة ويضعون الأسعار، علماً انها تتفاوت بين تاجر وآخر.
غضب الشارع آت، يقول أحدهم “لا تستهينوا بالجوع حين يغضب، سيدمّر كل شيء، لن يتمكّن أحد من لجمه، حتى خطابات الزعماء لن تسدّ جوعه هذه المرة”.
المصدر:”نداء الوطن”