الخوف بين زحلة وبعلبك: الوباء يتسلل إلى البقاع

إقفال المدخل الأساسي لمخيم الجليل

بعد أن أعلنت وزارة الصحة في تقريرها الصادر يوم أمس الثلثاء، عن أول نتيجة “صفر” في حالات الإصابة بوباء كورونا على الأراضي اللبنانية، تسلل القلق إلى منطقة البقاع مساء اليوم ذاته، مع “تسريب” نتائج أول فحوص جرت في مستشفى الياس الهراوي الحكومي بزحلة، بيّنت إصابة شخصين من منطقة رياق، هما من أفراد عائلة عسكري، كان قد حجر منزلياً إثر ظهور حالة إصابة في صفوف فوج حرس الحدود البري قبل أسابيع.

المخيم.. والفحوص
إلا أن رياق لم تكن وحدها التي عاشت حالة الإرباك في هذه الليلة، بل انضمت إليها بعلبك، التي انشغلت أيضاً بالنتيجة الإيجابية لفحوص خضعت لها إحدى النازحات السوريات المقيمات في مخيم “الجليل“، عند مدخل مدينة بعلبك الجنوبي. لتعود هذه النتيجة وتترنح بين “موجبة” و”سالبة”، بإنتظار صدور التقرير الرسمي حول حالتها اليوم الخميس، بعد أن كان محافظ بعلبك بشير خضر قد أكد أنها موجبة في اليوم السابق.

ظهور إصابات جديدة بكورونا في البقاع، ترك انطباعاً بأن حال الاسترخاء والإطمئنان التي عاشتها المنطقة خلال الأسابيع الماضية، لم تكن مبنية على معطيات دقيقة. فعملياً، كان البقاع خال من الوباء، لأنه لم يكن هناك فحوص متوفرة لكشفه، وما أن جهزت مستشفيات المنطقة بجهاز PCR، حتى ظهرت أول حالتين في منطقة زحلة.

بالمقابل، شكل القلق الذي رافق الإعلان عن الإصابات الثلاث، مبرراً لإعادة التشدد في تطبيق تعاميم “التعبئة العامة” الصادرة عن الوزارات المعنية، وخصوصاً في منطقة بعلبك، التي كانت قد بدأت تشهد خروقات عديدة من قبل المواطنين.

بين بعلبك ورياق
وفي هذا الإطار عقد محافظ بعلبك بشير خضر اجتماعاً أمنيًا طارئا في بعلبك، تقرر على أثره إقفال المدخل الأساسي لمخيم الجليل، مع “إقفال مخابراتي” (كما سماه) للمداخل الأخرى المتداخلة مع أحياء بعلبك. علماً أن مخيم الجليل يضم وفقًا لإحصائيات وكالة “الأونروا” نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني، إضافة إلى نحو 200 عائلة من فلسطيني سوريا. وهو بالتالي مخيم غير قادر على تأمين كفايته الذاتية، حتى بالنسبة للمواد الغذائية وتأمينها.

كما توجه فريقان من وزارة الصحة العامة لإجراء فحوص PCR في منطقة بعلبك، الأول إلى مستشفى بعلبك الحكومي، أخذ عينات عشوائية من المواطنين، بلغ عددها وفقاً للمعلومات نحو 250 فحصاً. والثاني إلى مخيم الجليل، وضم أختصاصيين من وحدة الترصد الوبائي، حضروا برفقة فريق من “الأونروا”.

في رياق، أصدرت بلديتها بياناً طمأنت فيه إلى خضوع المصابين الاثنين للعلاج في مستشفى الياس الهراوي، وطالبت كل من احتك بهما أن يحجروا أنفسهم منعاً لتفشي الفيروس. ودعت وزارة الصحة الراغبين من البلدة للتوجه إلى بلديتها، من أجل أخذ عينات لإجراء فحوص كورونا، وذلك في سعي لتهدئة بعض الشكوك التي سادت، جراء تخالط بعض أهالي البلدة مع الشخصين اللذين أعلن عن إصابتهما.

مساءلة الوزير.. والمزارات والحدود
هذا الواقع الوبائي المستجد في بعلبك ومنطقة قضاء زحلة، تسبب بتأجيل المسيرة السيارة التي كانت مقررة لـ”ثوار بعلبك”، وذلك وفقاً لبيان صدر عنهم، تحدث عن “خشية أثارتها الإصابات المكتشفة بعد القيام بـ40 فحصاً عشوائياً، لا تزال نتائج قسم منها غير معروفة”. ووفقاً للبيان، فقد “أخذ الثوار بالاعتبار هواجس الأهالي من ناحية، واستبقوا أي إمكانية لتحميلهم مسؤولية التفشي المكتشف، والناجم عن تلكؤ وزارة الهلع في إجراء الكم المطلوب من الفحوص، لرصد خريطة انتشار الوباء”.

هذا في وقت سجلت أوساط “لقاء تشرين” في اتصال مع “المدن” ملاحظاتها على أداء وزير الصحة، والأسئلة التي يثيرها إصراره على حصر الفحوص بجهاز الـPCR، مع أنه أقر بأن معدل الفحوص التي تجري عالميًا هي 15 ألف فحص لكل مليون مواطن. وهذا رقم لا يمكن بلوغه إلا عبر إجراء الفحوص السريعة RAPID TEST والتي تظهر نتائجها خلال دقائق، وتبلغ دقتها 88 بالمئة، وكلفتها مقبولة جداً. ومن هنا لفتت الأوساط إلى أنها ستنتظر نتائج 250 فحصاً التي أجريت في بعلبك، لتصدر تقييمها حول أداء الوزارة، خصوصاً في منطقة البقاع. متسائلة، كيف يمكن الحديث عن صفر إصابة في هذه المنطقة، وهي تضم عدداً من المزارات الدينية بقيت حتى ما بعد ظهور وباء كورونا محجاً لمواطنين من مختلف المناطق والبلدان؟ وكيف يمكن الاطمئنان إلى عدم انتشار الوباء في هذه المنطقة، فيما الكل عالم أن الحدود مع سوريا، التي لا يمكن التنبؤ بحجم تفشي الوباء فيها، ليست مقفلة أبداً بوجه مواكب حزبيي المنطقة التي تسلك الخطوط العسكرية صعوداً ونزولاً…”؟

المصدر:”المدن”